مؤتمر "نساء على خطوط المواجهة"

مؤتمر "نساء على خطوط المواجهة"

عقدت مؤسسة مي شدياق (MCF) الدورة الثانية عشرة من مؤتمر "نساء على خطوط المواجهة" - لبنان، في فندق "فينيسيا"، برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام واللبنانية الأولى نعمت عون، وحضور الرئيس فؤاد السنيورة، نائب رئيس الحكومة طارق متري، الوزراء: احمد الحجار، فادي مكي، حنين السيد، تمارا الزين، كمال شحادة وجو عيسى الخوري، النواب: نديم الجميل، مروان حمادة، ابراهيم منيمنة، نجاة صليبا، فراس حمدان، غسان حاصباني، رازي الحاج، انطوان حبشي، وضاح الصادق، غياث يزبك واشرف ريفي، الوزراء السابقين: ليلى الصلح حمادة، سمير الجسر، هنري خوري، زياد مكاري، منال عبد الصمد، لميا يمين، ايلي ماروني، نقولا نحاس، الان حكيم، زياد بارود، جان اوغاسابيان، جواد بولس، وليد الداعوق، وفاء الضيقة، وليد فياض وغادة شريم، النواب السابقين: هادي حبيش، سليم عون، سامي فتفت ورولا الطبش، منى الهراوي، وشخصيات ديبلوماسية وثقافية واعلامية ونسائية واجتماعية.

بدأ الحفل بالنشيد الوطني، فكلمة ترحيبة للمؤتمر القتها يمنى نوفل، ثم شكرت رئيسة مؤسسة مي شدياق رئيس الحكومة على حضوره شخصيا "تأكيدا على إيمانه بدور المرأة في المجتمع، وضرورة تمكينها لتتبوأ أهم المناصب القيادية"، وهنأت اللبنانية الاولى رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على برنامج "جيل المواطنية"، الذي أطلقته قبل أيام في القصر الجمهوري، والذي تندرج في إطاره مبادرة "مدرسة المواطنية" كأولى ركائزه .

‏‎ورحبت بعقيلة رئيس الحكومة السفيرة سحر بعاصيري، منوهة بالتزامها الدائم بدعم المرأة.

‏‎وقالت: "هذا اللقاء يجمعنا حول قضية واحدة: أهمية دور المرأة في النهوض بالمجتمع، والإيمان بقدرة الإنسان – نساء ورجالا – على صناعة التغيير في عالم يزداد اضطرابا كل يوم. و‏‎وجودكم اليوم هو رسالة بحد ذاته. رسالة أمل وإصرار على أن الحوار هو البداية الحقيقية لكل نهضة، وأن الإرادة حين تتوحد، لا تعجز أمام أي تحد".

‏‎لقد غاب مؤتمر "نساء على خطوط المواجهة – Women On the Front Lines" ‏‎عن اللقاء الحضوري في لبنان لخمس سنوات صعبة، حمل فيها كل أنواع الوجع. ‏‎لقد تحملنا ما يفوق طاقة أي دولة على التحمل:جائحة، انفجار، انهيار اقتصادي وحرب لم نخترها، ‎لكننا اليوم نعود رغم كل الجراح، لنؤكد أن لبنان لا يموت، وأن إرادة الحياة أقوى من كل الانكسارات".

‏‎وتيسرني أن أعلن افتتاح النسخة الثانية عشرة من هذا المؤتمر الذي تنظمه مؤسسة: ‏May Chidiac Foundation – Media Institute ‏‎بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة،‏ ‎فعودتنا بنسخة حضورية مليئة بالعزيمة، نابعة من إيماننا بأنه أصبحت لدينا مساحة كي نتنفس، ليس لأن صراعاتنا انتهت، بل لأن قبضة الخوف وإيديولوجية العنف بدأتا تفقدان زخمهما.‎ قد نتساءل عن نوع البلد الذي نرغب أن نكون عليه، خصوصا أننا نعيش اليوم لحظة استثنائية لإعادة بناء المؤسسات التي لطالما تآكلت بفعل الفساد والمصالح والمحاصصات. ‏‎عمليا، المنطق يتطلب منا أن نرسم مسارنا الخاص في خضم تحولات إقليمية عميقة ستحدد معالم العقود المقبلة، بدلا من أن نسمح لأجندات خارجية أو مساومات سياسية بأن تمليها علينا، ‏‎الطريق إلى الأمام واضح. ‏‎السيادة لا تتعايش مع الانقسام. ‏‎على الدولة أن تستعيد حصرية سلطتها. وفوق كل شيء، علينا أن ندرك أن كل مواطن، مقيم، ومغترب، رجالا ونساء على حد سواء، شريكان متساويان في هذه اللحظة الحاسمة لوطننا".

وق‏‎صحيح أن الظروف لا تزال صعبة، وجنوبنا لا يزال ينزف وأن لبنان لم يتعاف كليا بعد عام عصيب للغاية، إلا أن المنطقة من حولنا تشهد تحولا جذريا،‎ فمن الأمل في غزة وإن كان هشا، إلى سوريا الجديدة المندفعة بقوة، إلى الأطر الجديدة التي تتشكل في أنحاء الخليج، يبرز شرق أوسط مختلف، شرق يستثمر في مستقبله ويعيد تحديد مكانته في نظام عالمي متغير. ‏‎جيراننا يحمون مصالحهم، ويسعون إلى الاستقرار، يتجاوزون الأيديولوجيات والصراعات التي لم تعد تخدم شعوبهم ‏‎ينوعون اقتصاداتهم، يستثمرون في قدراتهم التصنيعية، يقودون الابتكار الرقمي، ويدمجون الذكاء الاصطناعي في الحوكمة والبنية التحتية. ‏‎هذه الأفعال أصبحت إنجازات، ولم تعد طموحات . ‏‎أجل، بالمقارنة قد تكون ظروفنا لا تزال قاسية، ‏‎لكن هذه القاعة اليوم، بما تضمه من وجوه مؤمنة بالتغيير، هي البرهان على أن لبنان لا يزال مساحة للحوار، ومنارة للفكر، ومنصة لنساء ورجال يرفضون أن يكونوا ضحايا القدر، بل صناع مستقبل أفضل".

‏‎

"عمليا وإذا أردنا أن نخوض في الأرقام، وفيما يخص واقع المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2025، فالظروف قد تكون لا تزال معقدة: مشاركة النساء في القوى العاملة منخفضة، نحو 16 % مقابل 46 % عالميا،/ والفجوة بين التعليم والعمل كبيرة، رغم ارتفاع الحاصلات على التعليم العالي وبرنامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ‏STEM ‏‎الذي يحفز الابتكار، ويعزز التنمية الاقتصادية، ويعزز فهمنا للعالم. ‏‎ومن هذا المنطلق، سيجمع منتدى "نساء على خطوط المواجهة" في كل منصات جلساته الحوارية اليوم، متحدثات ومتحدثين ذلك أن في نسختنا الثانية عشرة لن تكون مشاركة الرجال استثناء... فإيمان مؤتمر ‏"Women On the Front Lines"‎ يترسخ يوما بعد يوم بأن المساواة والشراكة هما أساس أي دولة تسعى إلى رسم مصيرها".

و "‏‎في برنامج هذا العام، ستتناول الجلسات الحوارية الأسئلة الجوهرية في عصرنا هذا: ‏‎كيف يمكن للنساء أن يتحدن عبر المناطق والأجيال؟ ‏‎وكيف يمكن للسياسة أن تتطور لتعكس المجتمعات التي تدعي تمثيلها؟ ‏‎سنستكشف التحول الرقمي الذي يعيد تشكيل الاقتصادات، وظهور القيادات النسائية في مجال ريادة الأعمال، ودور الإعلام والانتخابات في تعزيز المساءلة والمشاركة. ‏‎مع استعداد لبنان للانتخابات البرلمانية في أيار 2026،/ تعد هذه الحوارات حاجة لا غنى عنها، ذلك أن مشاركة المرأة ليست مسألة تمثيل فحسب؛ بل هي شرط للتجديد الوطني، وأساس أي استقرار دائم".

 

وختمت: "‏‎أدعوكم اليوم أن تنظروا إلى هذا المؤتمر كفرصة لإعادة بناء الثقة، وصياغة الرؤية، وتجديد الإيمان بقدرتنا على التغيير، ‏‎لنحول نقاشاتنا إلى مشاريع، وكلماتنا إلى خطوات، وأحلامنا إلى أفعال. و‏‎في الختام، أتوجه بجزيل الشكر ل‏UN Women ولكل من ساهم في تنظيم ودعم وإنجاح هذا اللقاء الذي نريده نبض حياة جديدة في قلب لبنان".


بدورها، قالت ممثلة هيئة الامم المتحدة للنساء في لبنان جيلان المسيري: "انه عنوان يجسد في آن واحد روح هذه المرحلة وواقعها في منطقتنا، ‏فالنساء في لبنان والمنطقة العربية لسن على هامش الأحداث بل في قلبها يواجهن الأزمات يقدن جهود التعافي ويحافظن على تماسك المجتمعات واستمرارية المؤسسات. تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة من خلال ولايتها في وضع المعايير الدولية والتنسيق وتنفيذ البرامج مع الحكومة اللبنانية وشركائها الوطنيين الدوليين على تعزيز المساواة بين النساء والرجال وتمكين المراة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ‏ويأتي هذا المؤتمر في سياق الجهود المشتركة لتنفيذ التزامات لبنان الدولية من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة، سيداو، إلى إعلان ومنهاج عمل بيجين، وأجندة المرأة والسلام والأمن وأهداف التنمية المستدامة لعام 2030".

"نلتقي اليوم في لحظة دقيقة يمر فيها لبنان والمنطقة بتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة، ‏ويأتي هذا المؤتمر في توقيت بالغ الأهمية ليؤكد أن مشاركة النساء في مواقع القيادة وصنع القرار ليست ترفا ولا مطلبا فئويا بل ركيزة أساسية للإستقرار والتعافي والنمو نحو مستقبل أكثر عدلا واستدامة وشمولا يشارك فيه المجتمع بفرص متكافئة ومسؤولية مشتركة. وتتناول جلسات هذا اليوم محاور رئيسية تشكل ملامح هذه المرحلة، تناقش الجلسة الأولى تمثيل النساء في مواقع القيادة وصنع القرار بمشاركة عدد من القيادات النسائية الرائدة في المنطقة اللواتي يجسدن بخبراتهن واقع القيادة النسائية ومعناها الحقيقي وتظهر التجارب أن تولي النساء مناصب قيادية ‏يجعل السياسات أكثر شمولا وعدالة وأكثر استجابة لاحتياجات المجتمعات وواقعها، وهو ما ينعكس مباشرة في نتائج أفضل في مجالات التعليم والحماية الاجتماعية والسلام المستدام".

و"لقد اثبتت تجربة لبنان ان التقدم ممكن حتى في ظل التحديات. وتفخر هيئة الأمم المتحدة للمرأة بشراكتها الوثيقة مع الحكومة اللبنانية والوزارات المعنية والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية والمجتمع المدني والقطاع الخاص في دعم مبادرة تترجم الالتزام الوطني بالمساواة إلى نتائج ملموسة في حياة النساء والفتيات. ‏إن هيئة الأمم المتحدة للمرأة ملتزمة بمواصلة دعم الجهود الوطنية الهادفة إلى إزالة العقبات أمام النساء وتمكينهن من الوصول إلى مواقع صنع القرار بما يعزز التنمية والاستقرار في لبنان. اما البعد الاقتصادي لهذه الرؤية فسيشكل التحدي القادم و تأتي الجلسة الثانية لتسليط الضوء على هذا الجانب الحيوي من التمكين وهو تمكين النساء اقتصاديا الذي ليس قضية نسائية فحسب بل هو استثمار في النمو الوطني فهو يخلق فرص عمل جديدة ويحفز الابتكار ويعزز الصمود والتعافي".

وفي ظل استمرار معدلات البطالة المرتفعة بين الشباب والنساء في عدد من دول منطقتنا تبرز الحاجة الملحة إلى تنشيط القطاع الخاص من خلال تعزيز المنافسة وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار في البنية التحتية وتطوير خدمات رعاية الأطفال وتنمية المهارات ومع ذلك لا تزال الفرص أمام رائدات الأعمال محدودة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل عالميا نحو 90% من الشركات وتوفر ما يصل إلى 70% من الوظائف يجب أن تكون ركيزة التعافي الاقتصادي وبناء المرونة المجتمعية

‏ولهذا تعمل لهيئة الأمم المتحدة للمرأة على المساهمة في تغيير هذه المعادلة من خلال دعم بيئة عمل شاملة وتنمية المهارات الرقمية والريادية للنساء وتمكين مبادراتهن الاقتصادية والتخفيف من القيود المرتبطة بعمل الرعاية والتنقل. وهنا يبرز الدور الحاسم للقطاع الخاص ليس فقط في توسيع فرص العمل أمام النساء بل أيضا من خلال بناء ثقافة مؤسسية قائمة على الابتكار والعدالة وتكافؤ الفرص".

‏ "أغتنم هذه المناسبة لأدعو شركاءنا في القطاع الخاص الحاضرين اليوم، إلى الانضمام إلى مبادئ تمكين المرأة التي اطلقتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالاشتراك مع الاتفاق العالمي للأمم المتحدة وإلى اعتماد المساواة بين الجنسين في القيادة والاستثمار وسلاسل التوريد، كما أن للإعلام دورا أساسيا في تشكيلة نظرة المجتمع إلى القيادة والسلطة وضمان أن تكون أصوات النساء مرئية ومسموعة في هذه المجالات وهو أمر جوهري لتغيير العقليات وتعزيز المشاركة الديمقراطية. وانطلاقا من التزامنا بالمعرفة كأداة للتغيير تواصل هيئة الأمم المتحدة للمرأة العمل على إنتاج وتحليل البيانات حول واقع النساء في لبنان من سوق العمل إلى المشاركة السياسية لتغذية السياسات العامة بأدلة تضمن أن يكون التعافي الاقتصادي والاجتماعي تعافيا شاملا لا يترك أحدا خلفه".

وختمت: "إن رسالة مؤتمر النساء في الصفوف الأمامية هي رسالة شجاعة وإيمان بالمستقبل، فالنساء لسن على هامش التنمية بل في قلبها وسيكون تعافي لبنان والمنطقة أقوى عندما تسهم أفكار النساء في صياغة السياسات الوطنية وتغذي مؤسساتهن روح الابتكار ويقدر عملهن في الرعاية وتجسد قيادتهن طريقنا المشترك نحو المستقبل، ‏فلنواصل معا بعزم وشراكة العمل لضمان أن تكون النساء في الصفوف الأمامية أيضا في طليعة القيادة وصنع القرار والتحول في لبنان وفي منطقتنا بأسرها".

من جهته، قال راعي الحفل: "تجمعنا اليوم مؤسسة تحمل اسم مي شدياق، امرأة حرة شجاعة، حاول البعض إسكاتها مرارا وتكرارا فلما عجز، لجأ إلى العنف، ظنا منه أنه سيطفئ بريقها. إلا أن مي، لم ترهب او تستسلم فحولت الجرح إلى منبر، والألم إلى التزام. ‏‎إلى مي شدياق، كل التحية وكل الاحترام. ‏‎وكما ناضلت مي، ناضلت عشرات النساء في لبنان سياسيا واجتماعيا وفكريأ منذ عقود. فكيف لا نذكر ابتهاج قدورة، مؤسسة جمعية "يقظة الفتاة العربية"، تلك الرائدة التي بدأت نشاطها دفاعا عن قضايا المرأة وحقوقها في بلادنا حتى قبل قيام دولة لبنان الكبير. فبنضالها وبنضال نساء من جيلها مثل جوليا طعمة وعنبرة سلام الخالدي، انتزعت المرأة اللبنانية حقها في الاقتراع والترشح عام 1952، فمهدت الطريق لأجيال تجرأت على خوض الميدان العام".

‏: "من بين هؤلاء كانت إميلي فارس إبراهيم، أول من ترجم هذا الحق إلى فعل، فترشحت للانتخابات النيابية عام 1953، لتجسد بشجاعتها قولا وفعلا ما نادت به رفيقاتها في الكفاح، ولتؤكد أن مشاركة المرأة في القرار الوطني ليست ترفا، بل شرطا لنهضة البلاد. ‏‎ومع مرور العقود، انتقل مشعل النضال إلى جيل جديد من النساء. ففي زمن الحرب والانقسام، كانت مثلا ليندا مطر تدافع من خلال "رابطة حقوق المرأة اللبنانية" عن كرامة النساء العاملات وتنادي بالمساواة في الفرص، كما شاركت في تمثيل لبنان في أبرز المحافل الدولية، مثل مؤتمر بكين العالمي عام 1995. ‏‎وإلى جانبها برزت لور مغيزل، المحامية التي جعلت من القانون سلاحها الأمضى في الدفاع عن حقوق الإنسان، وعملت على تحديث تشريعاتنا لتنسجم مع احكام اتفاقية "سيداو"، كما آمنت بأن الإصلاح لا يكتمل ما لم تصن حقوق المرأة في صميم الدستور والقوانين".

‎ولم يكن انخراط المرأة في السياسة مجرد سعي إلى تمثيل رمزي أو مقعد إضافي في البرلمان، بل كان فعل انتماء ومشاركة في صياغة مصير الوطن. فمنذ نهاية الحرب في لبنان، لعبت النساء دورا محوريا في إعادة البناء السياسي والاجتماعي، وكن في طليعة الحركات الطلابية والنقابية والمدنية التي طالبت بالإصلاح والمساءلة. ‏‎وكانت النساء في الساحات كما في المنابر، يهتفن ويكتبن وينظمن دفاعا عن الكرامة والعدالة وفكرة المواطنة الجامعة التي بها وحدها ينهض الوطن بين شركاء متساوين، نساء ورجالا. ‏‎ولكن، رغم هذا التاريخ العريق من النضال، يبقى تمثيل المرأة في البرلمان متدنيا إلى حد لا يعبر عن مكانتها الحقيقية في مجتمعنا، ولا عن حضورها الفاعل في الفكر والثقافة والإدارة. ‏‎فالواقع ان النساء لا تتمثل في المجلس النيابي، سوى بثماني نائبات من أصل 128، أي حوالى 6.3%، في حين يقترب المتوسط العالمي من 26%. فالفجوة واضحة، والخلل بنيوي".

و "‎طبعا، العقبات ليست في غياب كفاءة النساء، بل في منظومة سياسية واجتماعية ما زالت تحكمها ذهنيات ماضوية، ذكورية ومتخلفة، مما يقوض إمكانات الإصلاح الحقيقي. ففي انتخابات 2022، تعرضت مثلا مرشحات كثيرات لحملات عنف رقمي وتحقير جندري، طالت شكلهن وصوتهن وأسلوب كلامهن، بل ووصلت أحيانا إلى مستوى التحريض الشخصي والجنسي. ‏‎لكن التحدي الحقيقي ليس فقط في صعوبة الوصول إلى الموقع، بل في كيفية تعاطي بعض رجال السياسة وبعض المجتمع مع المرأة قبل أن تصل، وحتى حين تصل".

و "‏‎إن واجبنا اليوم هو كسر هذه المعادلة. ففي مكتبي اليوم، عدد النساء يفوق عدد الرجال. وفي حكومتي، هناك خمس وزيرات يعملن في مجالات مختلفة، من البيئة إلى التربية، ومن السياحة والشباب والرياضة إلى الشؤون الاجتماعية. وهن جميعا، صاحبات رؤية وكفاءة عالية. ‏‎لكن هذا لا يكفي، فالمطلوب سياسات وتشريعات تفتح بابا أكبر أمام النساء، لا بل تشجعهن على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة. فتمكين المرأة في السياسة والإدارة العامة ليس منة، بل هو شرط أساسي لنهضة لبنان، وقيام دولة حديثة، دولة قانون ومؤسسات، دولة تحترم مبدأ المساواة التامة بين النساء والرجال".

اضاف: "‎وكانت "الهيئة الوطنية لقانون الانتخاب" التي ترأسها الوزير فؤاد بطرس، وكان لي شرف عضويتها وتكليفي بأمانة سرها، قد تبنت في مشروع القانون الذي وضعته عام 2006 حلا واقعيا لتذليل العقبات من أمام تمثيل المرأة في المجلس النيابي عبر إلزام اللوائح الانتخابية، ولدورتين انتخابيتين متتاليتين على الأقل، بأن تضم ثلث مرشحيها من النساء، من دون تقييد مذهبي أو مناطقي. ولو طبق هذا الإصلاح البسيط، لكنا قد شهدنا ارتفاعا حقيقيا في نسبة تمثيل المرأة، من دون الحاجة إلى تخصيص مقاعد لها في المجلس، سيما ان في ذلك ما يزيد الأمور تعقيدا في ظل التوزيع المذهبي والمناطقي الحالي للمقاعد النيابية. لكن التحدي أمام مشاركة نسائية أوسع، مشاركة تليق بتاريخ لبنان وبطموحاتنا، لا يقف، للأسف، عند السياسة وحدها، بل يتجاوزها إلى المجالين الاقتصادي والاجتماعي. فالمرأة لا تشكل سوى نحو 27.5% من القوى العاملة، مقابل حوالي 51% عالميا، كما تعود في لبنان اليوم اقل من 10% من ملكية الشركات الى النساء".

و"لعل الأهم هو انه لا يزال علينا أن نعمل بجدية تامة لحماية نسائنا وبناتنا من مشهد أكثر ظلما وظلامية، إذ ان النساء تشكل اليوم أكثر من 80% من ضحايا العنف الرقمي في لبنان، فضلا عن المعنفات في منازلهن، بسبب عقليات متخلفة لم تتغير بعد. وبهذا الخصوص، لا مجال لأي تهاون مع معنف أو متحرش، كائنا من كان، زوجا أو قريبا أو غريبا. وبالرغم من هذا الواقع، تبرز كل يوم مبادرات ونجاحات لنساء لبنانيات رائدات في شتى المجالات من التجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، الى الطب والعلوم وغيرها. ‏‎هن الأمل ولا بد للمستقبل ان يبتسم لهن".

وختم: "اسمحوا لي في الختام ان اتوجه الى كل نساء لبنان، لأدعوهن الى المشاركة الكثيفة في الانتخابات القادمة، ترشيحا واقتراعا، وانا واثق انهن لن يتخلفن عن هذا الموعد. ‏‎انه موعدنا جميعا مع التاريخ، لنصنع معا مشهدا مختلفا ومستقبلا واعدا. لكل نساء لبنان، كل التقدير والاحترام".

وثائقي 

بعد ذلك، تم عرض وثائقي عن مسيرة مي شدياق ومؤسستها، لتبدأ بعدها أول ورشة عمل للمؤتمر الذي يتضمن خمس ورش متنوعة امتدت خلال ساعات النهار.

_____________. متابعة === عايدة حسيني