بمغادرة نتنياهو: المستوطنات والأحياء العربية في القدس.. ملفان أمام الحكومة الجديدة

بمغادرة نتنياهو: المستوطنات والأحياء العربية في القدس.. ملفان أمام الحكومة الجديدة

تناولت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية الانعكاسات المترتبة على ىنتائج جولة الانتخابات الثانية التي جرت في كيان العدو الثلاثاء الماضي، ورأت أن نحو 470 ألف مستوطن يهودي في "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية) كفيلون بأن يجدوا أنفسهم في الأسابيع القريبة القادمة في عين العاصفة السياسية، ليكتشفوا أنهم الخاسرون الحقيقيون في انتخابات 2019 الموعد الثاني. فنتائج الانتخابات والإمكانية التي تلوح في الأفق لحكومة وحدة ستجمد على ما يبدو -حالياً على الأقل– الخطط، وربما التوافقات المسبقة بين (رئيس وزراء العدو بنيامين) نتنياهو و(الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب في شأن بسط السيادة "الإسرائيلية" على المستوطنات اليهودية في (الضفة الغربية) بشكل عام ومستوطنات الغور والبحر الميت على نحو خاص.


وتضيف الصحيفة العبرية، أنه في إطار الاتصالات للوحدة، تلوح صيغة الكتل الاستيطانية –الأقرب نسبياً إلى الخط الأخضر- لأن تطفو من جديد. في الكتل يسكن اليوم نحو 75 في المئة من المستوطنين، نحو 360 ألف نسمة. ما يبقي نحو 100 ألف مستوطن في عمق المنطقة، مع علامة استفهام حول مستقبلهم السياسي، وربما حول استمرار سكنهم هناك.


النتائج التي تظهر للانتخابات عملياً تغير الخطاب؛ وبدلاً من الجدال بين يمينا والليكود: خطة نتنياهو الرامية إلى بسط السيادة على كل المستوطنات اليهودية في (الضفة المحتلة)، هل ستترك تلك المستوطنات كجزر داخل مجال فلسطيني معادٍ، تقوم فيه على ما يبدو دولة فلسطينية؟ السؤال الآن مختلف: هل تبقى كل هذه المستوطنات بشكل عام في مكانها، أم سيخلى بعضها؟


ليست هناك أي ضمانة في صمت توافقات ترامب مع حكومة نتنياهو أمام حكومة الوحدة. قد يكون في إدارة ترامب من سيسعى إلى استغلال الوضعية الجديدة، ليطلب من "إسرائيل" تنازلات أخرى، وبهذه الطريقة ربما يحاول إعادة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات.


تغيير القرص


ويتابع كاتب المقال نداف شرغاي، ثمة معطيات أساسية معروفة أقل في مسألة المستوطنات، ومن المتوقع أن تكون على جدول الأعمال، سواء في مرحلة الاتصالات لإقامة الحكومة الجديدة، أم بعد عرض خطة ترامب، قبل أو بعد إقامة الحكومة:


• مساحة (الضفة الغربية) تبلغ 5.722 كيلو متراً مربعاً، ولكن المساحة المبنية للمستوطنات لا تقع إلا على 1.52 في المئة منها، أي 87 ألف دونم.


• بالمقابل، إن تخوم حكم المستوطنات، حيث خطط نتنياهو لبسط السيادة (أكد التفاصيل وزير الخارجية إسرائيل كاتس في بداية الأسبوع في برنامج “كالمان وليبرمان”)، تقع على 9.38 في المئة من مساحة (الضفة) وتمتد على 537 ألف دونم.


صحيح أن تخوم الحكم بعيدة جداً عن المساحة العامة لمناطق ج، التي تحت السيطرة الحصرية لإسرائيل اليوم – 3.539 كيلومتراً مربعاً (61.9 في المئة من مساحة الضفة)، ولكنه بعيد أكثر بكثير من المساحة المبنية للمستوطنات، التي كما قلنا تمتد على مساحة نحو 1.5 في المئة من مساحة (الضفة).


وسيضطر مجلس “يشع” والمستوطنون، الذين خططوا قبل ذلك للكفاح ضد نتنياهو كي يزيد مساحات السيادة لتتجاوز تخوم الحكم وتوسيعها إلى مناطق ج أخرى تحوزها "إسرائيل"، سيضطرون على ما يبدو إلى تغيير القرص. فالصراع سيدور على وجود المستوطنات وعلى حدودها، بين تخوم بنائها وتخوم حكمها.


ووفقاً لتقدير الإدارة المدنية، يعيش اليوم في (الضفة المحتلة) عملياً بين 2.5 و 2.7 مليون فلسطيني (لا يشمل شرقي القدس). وبالتالي، فإن المستوطنين يشكلون اليوم نحو 15 في المئة من سكان (الشفة)، ونحو 4 في المئة من سكان "إسرائيل".


إن الجدال حول المستوطنات سيدور بين الليكود، و”أزرق أبيض” والبيت الأبيض، بل وفي داخل “أزرق أبيض”. هكذا مثلاً، لا تشابه آراء وزير الدفاع الأسبق موشيه بوغي يعلون، ويوعز هندل وتسفي هاوزر، آراء بني غانتس وغابي أشكنازي. أما يعلون، بعهده في وزارة الدفاع، فساعد بشكل عام المستوطنين على تثبيت تمسكهم بالمنطقة.


روافع التأثير الضائعة


ويتابع الكاتب، مسألة أخرى قد يتغير الخطاب حولها، وهي -وفقاً لمنشورات عديدة تندرج في خطة ترامب- مسألة مستقبل كثير من الأحياء العربية في شرقي القدس. فنتنياهو، كما هو معروف، نال موافقة الولايات المتحدة على أن تبقى البلدة القديمة والمحيط القريب منها في يد إسرائيل. غير أنه بالنسبة إلى الأحياء العربية الأبعد لشرقي القدس، ناهيك عن الأحياء المتطرفة خلف الجدار مثل كفر عقب أو منطقة مخيم شعفاط للاجئين – فإن نهج ترامب وفريقه مختلف. حسب نهج البيت الأبيض، سيتم إخراج هذه الأحياء بهذا الشكل أو ذاك من تخوم حكم المدينة، وتسلم إلى إدارة / سيطرة الفلسطينيين.


عندما قال نتنياهو قبل الانتخابات إن هناك حاجة للجدال -ولو مع إدارة ترامب- على أجزاء من الخطة، فقد قصد بذلك أحياء القدس هذه، التي يلامس بعضها الأحياء اليهودية. فالشراكة موضع الحديث بين الليكود و”أزرق أبيض” كفيلة بأن تؤدي إلى ألا يكون جدال مع الأمريكيين على هذه الأحياء، أما الأحياء المتطرفة (العربية) الواضحة على الأقل فيتم إخراجها من تخوم القدس.


لقد تغير جدول الأعمال، وثمة جدول لترتيب الأمور. فقد خطط نتنياهو لأن يعرض على الجمهور "الإسرائيلي" الجزرة التي في خطة ترامب، على أمل أن يحلي قرص العصا. فالعصا في صفقة القرن تتضمن تنازلات عن أجزاء من شرقي القدس، وإقامة دولة فلسطينية “ناقصة”، وكذا قيود على البناء في المستوطنات. أما المجزرة فقد خطط لبسط السيادة على الغور، وفي المرحلة الثانية بسط السيادة على المستوطنات في (الضفة الغربية).


خطط نتنياهو لأن يقول للجمهور إنه ينقذ ما يمكن إنقاذه، ويتخلى عما لا يمكن إنقاذه. أما الآن فإن القول للجمهور وعلى ما يبدو أمام رئيس (الكسان)، روبين ريفلين، سيكون مختلفاً. وسيتوجه نتنياهو أيضاً إلى ناخبي “أزرق أبيض” ليشرح كم هي علاقاته الخاصة مع إدارة واشنطن حيوية إلى درجة تمكن من تنفيذ خطة ترامب، والتقدم في التسوية السياسية والرفع إلى الحد الأقصى الإنجازات "الإسرائيلية" في إطار مثل هذه المفاوضات. أما الوحدة، في ضوء نتائج الانتخابات وخطة ترامب التي على الأبواب، فستعرض كاضطرار الساعة، أما خطط بسط السيادة على أجزاء من الاستيطان اليهودي في (الضفة) ستعود إلى الجوارير.


وختم شرغاي مقالته بالقول، إن الوضع السياسي الجديد يؤثر أيضاً على قدرة أحزاب كتلة اليمين للتأثير على نتنياهو في السياق السياسي. شاس ويهدوت هتوراة ستتعايشان بسلام مع صفقة القرن. أما عناصر يمينا – سواء اليمين الجديد أم البيت اليهودي والاتحاد الوطني، سواء كانوا في الحكومة أم بقوا خارجها – فقد فقدوا روافع ضغط عديدة.


كما أن رجال الجناح اليميني في الليكود وقادة لوبي بلاد "إسرائيل" في الكنيست، مثل زئيف الكين وتسيبي حوتوبيلي، فيمكنهم أن يؤثروا ألأقل على سياسة الحكومة. المعنى العملي لهذا التغيير سيكون على ما يبدو تكتلاً أسهل لنتنياهو والليكود وأزرق أبيض، حول صفقة القرن، إلى جانب قدرة أضعف لليمين الأيديولوجي لتغييرها.