تحرّك سفراء "الخماسيّة" يصطدم بعدم نضوج الظروف لانتخاب الرئيس. وتعذّر خلط الأوراق في البرلمان اللبناني ينتظر أن تدقّ ساعة "الخيار الثالث"

تحرّك سفراء "الخماسيّة" يصطدم بعدم نضوج الظروف لانتخاب الرئيس. وتعذّر خلط الأوراق في البرلمان اللبناني ينتظر أن تدقّ ساعة "الخيار الثالث"

تستعدّ لجنة سفراء "الخماسيّة" لاستكمال جولتها على رؤساء الكتل النيابيّة فور انتهاء عطلة الأعياد، لحثهم على إخراج الإستحقاق الرئاسي من التأزّم، بانتخاب رئيس للجمهورية؛ الأمر الذي يشكّل إحراجاً لـ"الحزب"، كما يقول مصدر سياسي لـ"الشرق الأوسط"، لأنه يتطّلب منه تبيان مدى استعداده للدخول في تسوية تحت عنوان "التوافق على الرئيس."


وأعدّت اللجنة الخماسية لهذا الغرض برنامجاً للقاءاتها يشمل رؤساء الكتل النيابيّة: رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" محمّد رعد، رئيس حزب "الكتائب" سامي الجميّل، وطوني فرنجية من تيّار "المردة"، إضافة إلى كتلة "الإعتدال الوطني"، على أن تقاطع السفيرة جونسون اللقاء المقرّر مع باسيل بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه، والموقف نفسه ينسحب على رعد، نظراً لانتمائه إلى "الحزب" الذي أدرجته واشنطن على لائحة الإرهاب.


وتأتي لقاءات سفراء "الخماسيّة" في ظل عدم تبدّل المعطيات السياسية التي كانت حاضرة في لقاءاتهم التي شملت سابقاً البطريرك الماروني بشارة الراعي، ورئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ورئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع، والرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط، وأضيف إليها لاحقاً توتّر العلاقة بين رئيس المجلس النيابي نبيه برّي وبكركي على خلفيّة اتّهامه وأعضاء البرلمانّ بحرمان الدولة اللبنانية من انتخاب رئيسها.


وتعاملت مصادر دبلوماسية غربيّة مع قرار تعليق سفراء "الخماسيّة" لقاءاتهم إلى ما بعد انتهاء عطلة الأعياد، على أنّه من قبيل الرغبة بتمديد الفرصة أمام الوساطة الأميركية - المصرية - القطرية بين إسرائيل وحركة "حماس"، لعلّها تتوصل إلى تحقيق وقف إطلاق النار على الجبهة الغزّاوية، والذي يفترض أن ينسحب على الجنوب اللبناني، ما يسقط تذرّع "الحزب" بربطه بين الجبهتين، ويفتح الباب أمام عودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للتحرّك بين بيروت وتلّ أبيب، سعياً لتطبيق القرار 1701.


في هذا السياق، لم يتردّد سفراء "الخماسيّة" في دعمهم لمبادرة كتلة "الاعتدال"، إنطلاقاً من أنّهم يشكّلون مجموعة دعم ومساندة لتسهيل انتخاب الرئيس، وإن كانوا ليسوا في وارد الإنابة عن النوّاب في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ويعود لهم، كما يقول مصدر سياسي نقلاً عن السفراء لـ"الشرق الأوسط"، التوافق على الآليّة، سواء من خلال اللقاءات، أو المشاورات، أو الحوار، أو غيرها من وسائل التواصل، لوضع انتخاب الرئيس على سكّة التطبيق بالأفعال لا بالأقوال.



ويشير المصدر الى أنّ الظروف المحلّية لانتخاب الرئيس تبدو غير ناضجة بعد، وهذا ما يصطدم به سفراء "الخماسيّة" من جهة، ويؤخّر عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، بعدما كان تعهّد بالمجيء في كانون الثاني الماضي، لتسويق ترجيح كفّة الخيار الرئاسي الثالث، كمخرج لفتح ثغرة في انسداد الأفق أمام انتخاب الرئيس من جهة ثانية.



في موازاة ذلك، تبدو الظروف الخارجية بدورها، غير ناضجة حتى الساعة، وإن كان المصدر يحمّل المسؤوليّة للكتل النيابيّة، حيث أنّ "الخماسيّة"مستعدّة لمساعدة النواب شرط أن يبادروا إلى مساعدة أنفسهم، فيحصلون على الدعم الخارجي.



ولم يبق أمام النوّاب سوى التوافق على الخيار الثالث، طالما أنّه لا قدرة لمحور الممانعة في إيصال مرشّحه، زعيم تيّار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجيّة، والأمر نفسه ينطبق على قوى المعارضة التي تقاطعت مع باسيل على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وإلّا فإنّ ما يقال بخلاف ذلك يصبّ في خانة تقطيع الوقت، إلى حين يتقرّر إخراج الإستحقاق الرئاسي من الحلقة التي يدور فيها، خصوصاً أنّ مبادرة كتلة "الاعتدال" ستبقى بعيدة المنال، لئلّا نقول، بحسب المصدر السياسي، بأنها ستصطدم مع الوقت، بحائط مسدود، لافتقادها أوّلاً إلى الآليّة المطلوبة لتسويقها، وثانياً لعدم استعداد معظم الكتل للإنخراط فيها، لأنّ من يريد أن "يبيع" موقفه لن يفرّط به مجاناً بلا ثمن سياسي، يفوق قدرة "الاعتدال" على تأمينه.