الاحتفال بالعيد الوطني لجمهورية الصين الشعبية

الاحتفال بالعيد الوطني لجمهورية الصين الشعبية

خطاب سعادة السفير الصيني السيد أنور حبيب الله

بمناسبة حلول العيد الوطني الصيني عام 2020

سنستقبل الذكرى الـ71 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر. قاد الحزب الشيوعي الصيني متمسكا بالتطلعات الأصلية وواضعا في اعتباره الرسالة، لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية خلال الـ71 سنة الماضية. وفي عام 1978 كان الناتج المحلي الإجمالي للصين 52.6 مليار دولار أمريكي فقط، أما بعد تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، فقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي قرابة 14 تريليون دولار أمريكي في عام 2019، حيث بلغت مساهمة الصين في نمو الاقتصاد العالمي قرابة 34%، وارتفعت القوة الوطنية الشاملة والتأثير الدولي للصين بشكل ملحوظ، وشهد العالم المعجزة التنموية للصين خلال هذه الفترة.

في عام 2020، يشهد الوضع العالمي تشابكا وثيقا بين تغيرات عميقة لم يُشهَد لها خلال قرن وجائحة فيروس كورونا، وتواجه البشرية تحديات خطيرة وخيارا صعبا. إن الصين، باعتبارها أول بلد متضرر من الجائحة، تحت قيادة ثابتة من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني برئاسة شي جينبينغ الأمين العام للحزب، واستنادا إلى القوة الوطنية الشاملة المتراكمة خلال الـ71 سنة الماضية بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية وخاصة منذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، أطلقت بسرعة حربا شعبية وشاملة وشرسة ضد الوباء، وحققت إنجازات استراتيجية كبرى في المعركة ضد الوباء، الأمر الذي يظهر بشكل شامل الروح الصينية وقوة الصين ومسؤولية الصين. قدمت الصين، كدولة كبيرة ومسؤولة كل ما في وسعها من المساعدات للمجتمع الدولي، إذ أعلنت الصين تقديم المساعدة النقدية بقيمة 50 ميلون دولار أمريكي لمنظمة الصحة العالمية، وأجرى الخبراء الطبيون الصينيون أكثر من 70 مرة من التبادلات المتعلقة بمكافحة الوباء والوقاية منه مع المجتمع الدولي، الأمر الذي يجسد مفهوم الصين للدفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

وفي ظل مواجهة الجائحة غير المتوقعة، عملت الحكومة الصينية على دفع أعمال الوقاية والسيطرة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بخطوات متناسقة والإسراع في الاستئناف الشامل للإنتاج والحياة، مع الالتزام بأعمال الوقاية والسيطرة الروتينية. ظل الاقتصاد الصيني قويًا وأظهر زخمًا قويًا للانتعاش ومرونة كبيرة وإمكانات هائلة، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 3.2% في الربع الثاني من هذا العام، وعاد إلى الأرضية الإيجابية، ما يجعل الصين أول اقتصاد يسجل نموًا إيجابيًا في فترة الجائحة. وتوقع صندوق النقد الدولي أن الصين تعد واحدة من الدول القليلة التي ستحافظ على نمو إيجابي في عام 2020. وأظهر استطلاع حديث أن 99.1% من الشركات ذات التمويل الأجنبي أعربت عن رغبتها في مواصلة الاستثمار والتشغيل في الصين. لا تزال الصين واحدة من أفضل ثلاثة مقاصد للاستثمار لمعظم الشركات الأجنبية.

قررت الصين، في مواجهة بيئة دولية متغيرة، أن تفسح المجال كاملا لمزايا سوقها الكبير جدا وإمكانيات طلبها المحلي، من أجل بناء نمط تنموي جديد يتخذ من السوق المحلية دعامة أساسية ويسمح للسوقين المحلية والخارجية بالمساهمة في دعم بعضهما بعضا. سوف نوسع الطلب المحلي وننفتح أكثر ونتقاسم المزيد من أرباح التنمية الصينية مع العالم من أجل دفع الانتعاش المشترك للعالم من خلال تعافينا ودفع التنمية المشتركة في العالم من خلال تنميتنا.

 إن تنمية الصين هي نتاج عمل الشعب الصيني الجاد وحكمته وشجاعته، كما استفادت الصين من بيئة عالمية سلمية وودية، فضلا عن تعاون دولي متبادل المنفعة ومربح للجميع.

وفي الوقت نفسه، لم تنفع تنمية الصين الشعب الصيني فحسب، بل أفادت العالم بأسره.

تعتبر الصين دائما من صانعي السلام على الصعيد العالمي وتضخ باستمرار طاقة إيجابية في تطور الوضع الدولي. كانت الصين دائما مدافعة عن النظام الدولي، وتضيف باستمرار الاستقرار إلى نظام الحوكمة العالمية. وكانت الصين دائما من دعاة العولمة وقدمت مساهمات مهمة في الجهود المبذولة لبناء عالم مفتوح. وكانت الصين دائما مساهما في التنمية العالمية وقدمت باستمرار دفعة قوية للنمو الاقتصادي العالمي. وإن مسار التنمية الذي اختاره 1.4 مليار صيني يلبي تطلعاتهم واتجاه التنمية السلمية، وهو أمر مفيد ليس للصين فحسب، بل للعالم أيضا. ونظرا الى أنه طريق صحيح، فإننا سنلتزم به بثبات.

يشهد عالمنا اليوم تغيرات عميقة لم يُشهَد لها خلال قرن، ستواصل الصين التمسك بطريق التنمية السلمية، ستبني شراكات عالمية أكثر اتساعا وتوسع دائرة أصدقائها بشكل مستمر. ستواصل الصين الالتزام بتحقيق التنمية عن طريق تعزيز التعاون. ومن خلال التعاون، نحن نعزز الأمن ونسعى للتنمية ونتحدى التحديات. تلتزم الصين دائما بمفهوم الحوكمة العالمية القائم على مبدأ التشاور المكثف والمساهمات المشتركة والمنافع المشتركة، واتباع استراتيجية انفتاح متبادلة النفع ومجزية للجميع ولتحويل رؤية مشتركة إلى واقع. ستواصل الصين الالتزام بالتنمية المتسامحة، وحماية تنوع الحضارات في العالم وتعزيز التبادلات والتعلم المتبادل بين نماذج التنمية المختلفة.

تضرب جذور الصداقة بين الصين والبحرين في أعماق تاريخها. إن مملكة البحرين ليست مجرد عضو مهم في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية فحسب، بل هي شريك مهم للصين في منطقة الخليج والتشارك في بناء الحزام والطريق. 

وخلال الـ31 سنة التي مضت على بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تزداد التبادلات بمختلف المستويات بين البلدين ويتطور التعاون في مختلف المجالات بشكل مستقر، ويحافظ الجانبان على التواصل والتنسيق الوثيقين في الشؤون الإقليمية والدولية. ولا سيما أنه يقدم الجانب البحريني الدعم للجانب الصيني في القضايا الحيوية، مثلا في القضايا المتعلقة بشينجيانغ وهونغ كونغ وتايوان، الأمر الذي يعزز الثقة السياسية المتبادلة ويدفع التنمية السليمة والمستقرة لعلاقة الصداقة والتعاون بين الجانبين.

وفي الوقت الحالي، يشهد العالم تفشيا لكوفيد-19، ويضع تحديات بالغة أمام البحرين الصديقة. ومنذ بدء انتشار الفيروس عالميا اتخذت حكومة البحرين الصديقة بفضل التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وقرار الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد بسرعة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية المدروسة، والتي حققت النتائج المهمة للتصدي لهذه الجائحة، ونالت المملكة بإشادة دولية وأممية واسعة النطاق، فضلا عن الدعم والتأييد من المواطنين والمقيمين في البحرين، ويعبر الجانب الصيني عن التقدير العالي والدعم الثابت لجهود البحرين للتصدي للوباء، واثقا بأن البحرين الصديقة حكومة وشعبا ستتغلب بالتأكيد على التحدي الراهن في أسرع وقت ممكن.

ظل البلدان يساعد بعضهما بعضا في فترة الأزمة، وهذا يجسد الصداقة العميقة وروح المشاركة في السراء والضراء بين البلدين. وفي بداية تفشي الجائحة، بعث حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة برقية تعزية ومواساة الى فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ، أثنى فيها جلالة الملك على دور الحكومة الصينية في الحد من انتشار الفيروس، وأكد دعم البحرين الصديقة لكل الإجراءات التي تتخذها الصين للحد من انتشار هذا الفيروس. وأكد الرئيس شي جينبينغ في رسالة الشكر إلى جلالة الملك استعداد الجانب الصيني لتعزيز التعاون مع الجانب البحريني للحفاظ على أمن الصحة العامة إقليميا ودوليا. كما تبادل الجانبان التجارب لمكافحة الوباء والوقاية منه وقدما المساعدة المتبادلة للتصدي للجائحة ووفرا التسهيلات لشراء المستلزمات الطبية للجانب الآخر.

تفضل مؤخرا صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد بالتطوع لأخذ الجرعة الأولى من اللقاح المعطل ضمن المرحلة الثالثة للتجارب السريرية للقاح لفيروس كورونا، حيث أعرب سموه عن شكره وتقديره لجهود الصين في تطوير هذا اللقاح، وهذا يعكس دعم وثقة سموه باللقاح الصيني، ويظهر مستقبلا واعدا للتعاون في مجال اللقاح بين البلدين.

وفي الوقت الراهن، تشهد الأوضاع في المنطقة والشرق الأوسط تغيرات معقدة وعميقة.

وتدعم الصين اختيار البحرين الصديقة لطريق التنمية الذي تتناسب مع ظروفها الوطنية، كما تدعم كل جهود البحرين الرامية إلى صيانة الأمن الوطني والوحدة والاستقرار. وإن تنمية التعاون الودي الثنائي في أوجه المجالات لا تفيد البلدين والشعبين الصديقين فحسب، لكنها تسهم في تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الصين ومجلس التعاون الخليجي، والحفاظ على السلام الدائم والاستقرار والازدهار في المنطقة، وأنا على يقين بأن مستقبل الصداقة بين الصين والبحرين سيسير إلى الأفضل بفضل الجهود المشتركة من الجانبين.