ميقاتي الأميركي زعيماً للسنّة ؟!

ميقاتي الأميركي زعيماً للسنّة ؟!

أنتوني بلينكن أعلن تطويب نجيب ميقاتي زعيماً للسنّة في لبنان. ولكن هل ثمة من امكانية لظهور رفيق الحريري الآخر في هذه المتاهة التي تدعى ... الجمهورية اللبنانية ؟


لا زعيم للسنّة من خارج بيروت. رياض الصلح نقل قيده من صيدا اليها. كذلك فعل رفيق الحريري. الوقت متأخر جداً لكي يفعل الزعيم الطرابلسي ما فعله الاثنان، وفي ظروف أقل هولاً بكثير من الظروف الراهنة .


ربما كانت مسألة الزعامة ترتبط بقرار سعد الحريري اعتزال السياسة، والتفرغ لهوايته في التزلج على الثلوج وفي طهو البابا غنوج، أو البقاء في وحولها، بعدما بدد الارث السياسي، والارث المالي لأبيه .



 

الأهم من كل هذا أنه لم يخسر فقط التغطية السعودية، بل و"الشرعية السعودية". التغطية التركية تعني الانتقال من زعامة "تيار المستقبل" الى زعامة "الاخوان المسلمين ". ماذا عن التغطية المصرية ؟ عبد الفتاح السيسي لم يعد يعنيه سوى مصر، والأفواه الضائعة في مصر ...


قد لا تكون المسألة محصورة في رجل، وان كان "الشيخ سعد" كبير المغضوب عليهم من قادة الطائفة. معلومات خليجية تؤكد أن صاحب السمو لا يثق بأي من القادة السنّة، بمن فيهم الذين جلسوا القرفصاء، وتناولوا القهوة المرّة، في خيمة السفير وليد بخاري .



 

المشهد تغيّر كثيراً من أيام أحمد الداعوق (وكان، كمهندس هيدروليك، أول من اكتشف النفط في الممكلة وهو يبحث عن الماء بتكليف من الملك عبد العزيز)، وحسين العويني، وصائب سلام، ورفيق الحريري .


الحرم الملكي لم يستثن فؤاد السنيورة، بحنكته السياسية، والمالية. الضليع في قصائد أبي تمام، وفي أغنيات أم كلثوم، وفي مفاتن الليدي غاغا، ضليع في نظريات جون مينارد كينز وأدم سميث، وصولاً الى كينيث غالبريث وميلتون فريدمان.



بلينكن قال، وهذا له دلالاته البعيدة المدى، ان لدى رئيس الحكومة "خطة جيدة للدفع بلبنان الى الأمام". هذا يكفي اذا ما علمنا أن وزير الخارجية الأميركي هو، مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ليس فقط الأقرب الى أذني جو بايدن. الأقرب الى عقله والى ... قلبه.


لا عصا سحرية هناك. معالجة الأزمة بحاجة الى سنوات وسنوات. ما يزيد في تعقيدات المعالجة التصدع الداخلي، فضلاً عن الفوضى الاستراتيجية في الشرق الأوسط، بتداعياتها الدراماتيكية على الساحة اللبنانية .



 


 

التغطية الأميركية للحكومة ربما تعطي الضوء الأخضر لصندوق النقد الدولي بألاّ يتعامل مع الأزمة بأسنانه.


انتبهوا مسألة ترسيم الحدود البحرية تعني كثيراً واشنطن التي تخطط لادارة ثروات الغاز في المتوسط. عاموس هولشتاين الذي يحمل في حقيبته ملفاً موثقاً بالتسويات البحرية على امتداد قرن تقريباً، يراهن على براغماتية الجانب اللبناني بالتنازلات المتبادلة .


لم تعد المسألة في خوض سعد الحريري الانتخابات أو عدمه. العديد من مؤيديه يصفونه بـ"السياسي التائه"، ليسألوا ما اذا كان لدى الرجل من رصيد سوى دماثته، و"قلة حيلته"، وكونه ابن رفيق الحريري. لا حنكة، ولا ثقافة، ولا خبرة، سياسية، أو قيادية، في بلد لا تدري ما اذا كانت تحكمه ثلة من الفيلة أم ثلة من الديناصورات ...


متى خشبة الخلاص ؟ الأميركيون يرون الاّ خلاص للبنان الا بابرام معاهدة سلام مع "اسرائيل"، آنذاك ليكن "لاس فيغاس الشرق الأوسط ". هكذا وعد مايك بومبيو الذي مهما بلغ به العمى السياسي يدرك أن مشكلة المنطقة في العقل الاسبارطي "الاسرائيلي"، لا في لبنان الذي جلّ ما يعنيه حماية أرضه من الهيستيريا الايديولوجية، والهيستيريا الاستراتيجية في الدولة العبرية ...



مقرر الأمم المتحدة الخاص أوليفييه دي شوتر، والمعني بالفقر المدقع، هاله مدى انفصال الأوليغارشيا الحاكمة عن الناس الذين يحتضرون داخل جدران منازلهم.


لا أحد يراهن، وسط هذه الجلبة البابلية، على ظهور مهاتير محمد، اللبناني. ماذا يعني أن يتغير رئيس الجمهورية أو أن يتغير رئيس الحكومة ؟ أبعد بكثير من أزمة دولة، أزمة رجال دولة. كيف للذئاب أن تحمي ذاك القطيع من الخراف. أقل بكثير من أن نكون ... الخراف !

نبيه البرجي