في لبنان سلطة لا حكومة

في لبنان سلطة لا حكومة

من دون حكومة تتفاعل مشكلة لبنان مع الدول العربية. يُطردُ السفراء وتُعد لوائح بغير المرغوب فيهم من حاملي الجنسية اللبنانية. تتوقف حركة الاستيراد والتصدير، ويفقد المزيد من اللبنانيين اعمالهم نتيجة فقدان اسواق الصادرات الزراعية والصناعية وإقفال البلد في وجه الزوار والسياح.


بعد التدابير السعودية والخليجية الأخرى هرب الصناعيون واصحاب الأعمال الى أماكن أخرى. قال رجل أعمال مصري ان 47 مطعماً لبنانياً نقلت نشاطها الى مصر خلال الفترة القليلة الماضية. المزارعون بدورهم لا يجدون سوقاً لتصريف انتاجهم فيما تحاصرهم الأسعار والتكاليف. في العاقورة وجرود كثيرة يمكن مشاهدة التفاح يتعفن تحت الأشجار.

تلك الأشجار كانت محظوظة لأنها لم تحترق كما جرى في حرائق الجنوب وجبل لبنان والشمال. وعندما تهرع هيئة الإغاثة للقيام بواجب التعويض تسأل عن الحكومة لإتخاذ القرار فلا تجدها.


ليس رجال الصناعة وحدهم من يهاجر. في كل القرى والمدن سباق الهجرة على قدمٍ وساق. البيوت تفرغ من شبابها والعائلات تنقسم بين الوطن والمهجر ولا من يسأل أو يُعالج. فمن يُعالج اذا كانت الحكومة بحاجة لمن يعالجها؟

مع ذلك ترتفع الأسعار. الدواء والمحروقات والخبز وهي من المواد الاساسية تقفز في السوق من دون معرفة من يتخذ القرار بشأنها. الاسعار ترتفع، تختفي السلع، يفلت السوق ثم ينكمش من دون رقيب أو حسيب، من دون حكومةٍ ولا من يحكمون.


لماذا الحكومة إذاً؟ وأين هي في الأساس؟ لا تكفي خطابات رئيس الجمهورية اليومية عن الرغبة بالإصلاح وبأفضل العلاقات مع العمق العربي، ولا تكفي نشاطات رئيس الحكومة والوزراء في اطار الحدود التي سمح بها فريق التعطيل، مثلما لا تكفي شطحة المقايضة بين الحرائق ومأموري الأحراج على لسان رئيس المجلس النيابي.


لبنان عملياً بلا حكومة لكنه يتمتع بأسوأ سلطة في التاريخ، نشهد ويشهد العالم انجازاتها المريعة في كل ما تقدّم. وقد آن الأوان لبحثٍ من نوعٍ آخر.

طوني فرنسيس