الانتخابات والدوامة الاقتصادية المالية

الانتخابات والدوامة الاقتصادية المالية

الأزمة السياسية التي يتخبط فيها النظام اللبناني تفاقمت واشتدت مخاطرها مع الانهيار المالي والاقتصادي وفي ظل انعدام الأفكار الجديدة وقحط الرؤى الإبداعية المؤهلة لابتكار الحلول الواعدة وبلورتها في مشاريع جاذبة لقوى البلاد الحية في حين يندفع المناخ السياسي نحو تأزم واحتدام وفوضى اتهامات واشتباكات بين سائر المؤسسات والسلطات بصورة قياسية غير مسبوقة تضيع فيها المسافات والمفاهيم على السواء.



كأن البلد في دوامة حلزونية لولبية من الأزمات المتناسلة ومحفزات الانهيار الشامل والاختناق المتمادي في ظل الانهيار الاقتصادي والمالي والعقم المؤسساتي بينما تتفاقم مظاهر نضوب وشح خانقين على صعيد الموارد والأفكار أو المشاريع المنعشة لآمال الخروج من المأزق فيما الجهات المسؤولة التي يفترض بها ابتكار الحلول وطرح المشاريع تلتئم في جوقات الندابين والبكائين وتجتر الذرائع وقد سئم الناس تكرار ردحياتها واتهاماتها على مسمعهم لتبرئة هذا وذاك وتنصله من التبعات بينما شرع الجميع في تحضير منصات خطابية وعدة شغل إعلامية لخوض الانتخابات النيابية في هذا المناخ المريض فمن أين تأتي الأفكار والمشاريع الخلاقة التي قد تحرك الآمال وسط المعمعة الدائرة؟ وماذا يؤمل من حصيلة انتخابات لا يبدو أنها قابلة لإنتاج واقع سياسي جديد مع تجذر الزعامات التي تصيدت الكارثة لتوسع دوائر الشراء المتاحة للأصوات في حين لا تلوح في الأفق ولادة قوى وتكتلات خارجة عن السياق المعتاد والنسق التقليدي إذا لم تتبلور مبادرات سياسية جدية وخلاقة لتوليد دينامية مختلفة تفتح نوافذ امل جدية بتخطي الكارثة.


حتى تاريخه تستمر الانتظارية والتماهل في سلوك ونهج سائر القوى والأحزاب الوطنية المهيأة لبلورة مشروع تغييري إنقاذي وصيغة حلف عابر للطوائف والمناطق يمكن ان يقلب الصورة ويكــسر جدران الانسداد ويرفع من سوية المنافسة بارتقاء الترشيحات كمّا ونوعا لالتقاط فرصة سانحة يؤشر إليها ارتباك وتخبط قوى وازنة ومهمة في المعسكر التقليدي المحافظ.



الملح الراهن هو اطلاق مشورة واسعة ما امكن وطنيا للبحث في خطة مشتركة لخوض معارك انتخابية تضمن ايصال غالبية عابرة للطوائف والمناطق ببرنامج انقاذي موحد وبالتالي انتقال الحياة السياسية وواقع المؤسسات الدستورية إلى مرحلة جديدة وشرط الوجوب لتحقيق الهدف المرتجى هو توسيع نطاق المشورة الوطنية بحيث لا تستثني أي قوة أو شخصية فاعلة ومؤثرة قابلة للتفاهم على مضمون البرامج والخطط والشعارات الوطنية العامة وبمرونة الجهد الاستقطابي في بناء مثل هذه الجبهة الوطنية يمكن تخطي الاشكالات والتباينات والتقدم بلوائح تعزز الثقة الشعبية وتحسن نوعيا من سوية المجلس المنتخب وفاعلية الجبهة الوطنية في العمل البرلماني والسياسي.


التحدي الناشئ عن الخطط الأميركية يمكن صده وتهشيمه وحصر قدرات الخرق المتاحة للقوى والجماعات المنخلعة المرتبطة بالخارج بجميع مصنفاتها وألوانها في حال استطاع الحلف الوطني توحيد جهوده في إدارة المعركة السياسية والانتخابية واذا أحسن اختيار الشخصيات والرموز من جميع الأطراف المشاركة في مثل هذا الائتلاف بعيدا عن التشبث بخيارات لا تملك الميزة التفاضلية ولا تعزز فرص الفوز بأكبر عدد من المقاعد في المجلس المنتخب وينبغي مباشرة العمل من الآن على خطي صياغة البرامج والشعارات واختيار الأسماء وتدقيق الخيارات في جميع الدوائر الانتخابية ولجميع المقاعد بأفضلية الفوز بأكبر عدد ممكن من نواب المجلس الجديد.

غالب قنديل