العدل تحذّر الداخلية
بعد رواية إقالة او استقالة وزير العدل يعود البعض للكلام عن ضغوط سياسية تمارس عليه لإقالة القاضي البيطار. وبالرغم من نفي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الرواية الاولى مؤكدا لـ»الجمهورية» انها خبر لا اساس له من الصحة اطلاقا مُسقطاً بذلك السيناريو الاول، استنبطَ الفريق عينه، وفق مصادر وزير العدل، سيناريو آخر للتصويب على دور الوزير الخوري المستمر بسعيه لإيجاد الحلول... وذلك من خلال التسويف والإيحاء عن تعرض الخوري لضغوط سياسية من قبل السلطة السياسية لإقالة القاضي البيطار، الامر الذي تنفيه مصادره في الشكل والمضمون. كذلك استنكرت هذه المصادر بشدة هذا السيل من التعرض اليومي للقضاء سواء بالاوصاف أو المفردات الغريبة عن ثقافة اهل البيت القضائي، مُطالبة بوَهب السلام لأفراده كي يقوموا بواجباتهم الذين يؤتمنون عليها لحماية هذا البيت. الى ذلك ابدت هذه المصادر ايضاً اعتراضها على كيفية تشكيل لجان القيد التي خرق من خلالها وزير الداخلية القانون ومبدأ فصل السلطات.
في الشكل تنفي أوساط وزير العدل الكلام الذي روّج عن ضغوط سياسية تمارس على الخوري لاقتراح اسم بديل عن القاضي طارق البيطار، مؤكدة ان وزير العدل لا ينصاع الا لقناعاته وللقانون. واضافت الاوساط نفسها ان الوزير كان وما يزال يحتكم الى النصوص الدستورية والقانونية وإلى مبدأ فصل السلطات ولا ينصاع الى اي ضغوط من اي جهة أتت.
من جهة أخرى، ترى مصادر وزير العدل أن الكلام عن انصاف الحلول هو بحد ذاته ليس بحلٍّ كامل خاصة اذا صدر من جانب واحد، وقد اثبتت التجارب السابقة بهذا الخصوص فشل هذه الخطوة وما تشعب عنها من تجاذبات انعكست سلبا على الوضع القضائي العام، وبالتالي فالحلول تبقى منقوصة وغير فاصلة ما لم يُصر الى التوافق مسبقاً عليها بين الوزير من جهة ومجلس القضاء من جهة ثانية.
وكشفت المصادر ان محاولات الخوري مستمرة ولم تتوقف البتة سعياً لإراحة الوضع المتشنج السائد بدءاً من طرحه المتعلق بإنشاء «الهيئة الاتهامية العدلية» التي تلتقي مع نظام التقاضي على مراحل، مرورا باتصالات ومشاورات لم تتوقف ثبت فيها الخوري على موقفه بعدم التدخل في ملفات القضاة او في سير التحقيقات كافة، آملاً بأن يجد القضاء حلاً قانونياً ينصف المتضررين في ملف انفجار المرفأ ويقتصّ من المذنبين ويزيل التشنج السياسي القائم تمهيداً للانتقال الى معالجة ملفات قضائية ملحة ابرزها وليس آخرها التشكيلات القضائية الملزمة.
الوزير يخالف! الرواية الكاملة
في سياق آخر، سجلت مصادر وزير العدل ان عملية تشكيل لجان القيد الابتدائية والعليا المسندة الى نص المادة 40 المعدل خلافاً للاصول من قانون الانتخاب والمطعون بها لم تسلك طريقها القانوني السليم، وذلك بعدما كلف وزير الداخلية قضاة عدليين واداريين ضمّهم الى هذه اللجان خلافاً لنص المادة المذكورة وايضا لمبدأ فصل السلطات.
وكشفت المصادر وفق المعلومات التي توفرت لدى وزارة العدل ان وزير الداخلية بسام المولوي طلب مباشرة من مجلس القضاء الاعلى وأيضاً من مكتب المجلس في شورى الدولة بموجب كتابين وجههما اليهما إيداعه لائحة بأسماء القضاة لدى كل منهما، كما طلب المولوي ايضا في الكتابين الموجهين الى مجلس القضاء الأعلى ومكتب مجلس شورى الدولة إيداعه صورة عن مرسوم التشكيلات الاخيرة في القضاء العدلي مع ارقام هواتف هؤلاء القضاة من دون ذكر الأسباب، ليتفاجأ المعنيون بتصرف وزير الداخلية الذي عمد بعدها الى تشكيل اللجان المشار اليها منفرداً ومن دون موافقة مجلس القضاء الاعلى ومجلس شورى الدولة على الأسماء المقترحة من جانبه، الامر الذي يشكّل مخالفة صريحه وواضحة لنص المادة 40 فضلاً عن عدم توسّل مخاطبة هذين المرجعين (اي مجلس القضاء وشورى الدولة) عبر وزارة العدل.
الأصول القانونية
في السياق، تذكّر مصادر وزير العدل وزارة الداخلية ان المادة 40 من قانون الانتخاب رقم 44 / 2017 توجب على مجلس القضاء رفع لائحة إسمية بالقضاة لتعيينهم رؤساء لجان القيد العليا والابتدائية، كما توجب على المجلس المذكور ايضا القيام باتخاذ قرار بهذا الشأن.
فيما تلفت المصادر نفسها الى أن إقدام رئيس مجلس القضاء الأعلى على اتخاذ قرار بالانفراد برفع لائحة بالقضاة مباشرة إلى وزارة الداخلية يكون مخالفة لأحكام المادة 40 من قانون الانتخاب ومخالفة للتسلسل الإداري الخاضع له مجلس القضاء الأعلى، وهو مجلس إداري من دون اية صفة قضائية ويقتضي عليه مراسلة أية إدارة أخرى بواسطة وزارة العدل ما لم يُجز له القانون صراحة المراسلة المباشرة.
كما تلفت المصادر نفسها انه، ولو تم اتّباع المسار الإداري العادي، لكان تَنبّه وزير العدل إلى عدم وجود قرار من مجلس القضاء الأعلى بهذا الشأن، ولكان أعاد المراسلة المخالفة للمادة 40 من قانون الانتخاب إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى لإعادة رفع أسماء بموجب قرار من مجلس القضاء الاعلى.
العدل تحذر الداخلية
وعليه، تنبّه مصادر وزير العدل الى أن القرار المتخذ من قبل وزير الداخلية بتعيين لجان قيد عليا وابتدائية هو قرار مشوب بعيب مبطِل، وهذا ما يجعل لجان القيد مكونة خلافاً للقانون، وبما أن دور لجان القيد الابتدائية والعليا محوري في عملية الانتخاب حيث انها تنظر في طلبات تصحيح القوائم الانتخابية وتدقق في محاضر أقلام الاقتراع وتفرز الأصوات وتجمعها وتنظّم جدولا بالنتائج فإنّ طعن أي صاحب مصلحة، ولا سيما المرشح، في قانونية تشكيل لجان القيد يجعل من اعمالها باطلة ويعرض الانتخابات النيابية لخطر الابطال ووجوب إعادتها بعد إنشاء لجان قيد جديدة.
في الخلاصة، ترى المصادر نفسها انه كان من الأفضل لمولوي الرجوع عن قرار تعيين لجان القيد ليتم اتخاذ القرار برفع أسماء القضاة من قبل مجلس القضاء الأعلى ليُصار إلى تشكيل لجان القيد مجدداً بما يتوافق مع نصّ المادة 40 من قانون الانتخاب لتجنيب العملية الانتخابية طعون الخاسرين الذي يرفع من إمكانية إعادة العملية الانتخابية برمتها، الا انّ المهل سبقته وانتهت ولم يعد بإمكانه الرجوع عن قراره.
مرلين وهبة