عون وميقاتي... من "جسّ النبض" إلى "عضّ الأصابع"!

عون وميقاتي... من "جسّ النبض" إلى "عضّ الأصابع"!

كما ذهبت كل المناشدات الداخلية والخارجية منذ اندلاع الأزمة اللبنانية وحتى اليوم أدراج الرياح ولم تنفع في إعادة إحياء ضمير السلطة الميت، كذلك سيذهب هباءً استصراخ مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان المسؤولين ودعوتهم إلى "صحوة ضمير لإنقاذ لبنان" ولن تجدي نفعاً كل النداءات الوطنية والروحية والعسكرية والمدنية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والطبية في استثارة حسّ المسؤولية لدى أركان الحكم، ولن يبقى منها سوى مجرد التذكير بـ"الغصة والألم والجرح في قلوب اللبنانيين" نتيجة معاناتهم المستمرة، حسبما عبّر دريان في كلمته أمس من مكّة المكرَّمة لمناسبة عيد الأضحى، محملاً مسؤولية التدهور وانهيار الوطن إلى "كل من يضع العقبات والعراقيل والشروط المناقضة بوجه الإسراع في تشكيل الحكومة والتزام روحية الدستور لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية الخطيرة التي يشهدها لبنان".


وعلى ذلك، سيبقى التناحر يتسيّد المشهد الحكومي تحت وطأة احتدام صراع الصلاحيات بين قصر بعبدا والسراي الكبير بعدما انتقل كباش الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي من مرحلة "جس النبض" إلى "عضّ الأصابع" بانتظار من يصرخ فيهما أولاً، وفق ما لخصت مصادر مواكبة الوضعية السائدة راهناً في عملية التأليف، موضحةً أنّ التطورات باتت تدفع باتجاه إدخال هذه العملية في "صدام رئاسي من شأنه أن يفاقم تعقيدات الولادة الحكومية".


ونقلت المصادر أنّ عدم إقدام الرئيس المكلف على زيارة قصر بعبدا مطلع الأسبوع كما كان مقرراً للردّ على مقترحات وملاحظات رئيس الجمهورية حيال التشكيلة الوزارية المطروحة، اعتبرته دوائر الرئاسة الأولى "تطنيشاً متعمداً وتهميشاً مقصوداً من ميقاتي لدور عون وصلاحياته في عملية التشكيل"، وعليه انكبّ الفريق العوني خلال الساعات الأخيرة على "تدارس الخيارات المتاحة في مواجهة خطة الرئيس المكلف الهادفة إلى حشر رئيس الجمهورية بين خيارين لا ثالث لهما، إما الرضوخ لشروطه في التأليف أو الاستسلام أمام الأمر الواقع الذي يحتّم بقاء حكومة تصريف الأعمال حتى نهاية العهد".


ومن بين هذه الخيارات، ما عبّرت عنه قناة "أو تي في" في تقريرها الإخباري أمس، لناحية تشديدها على أنّ عون "ما بينزرك" ولديه المخارج اللازمة "لإحداث صدمة كفيلة بتحريك المياه الراكدة"، ملمحةً صراحةً في هذا المجال إلى "السيناريو الذي يقوم على استقالة عدد من الوزراء المسيحيين من حكومة تصريف الأعمال بهدف الضغط على ميقاتي".


وتوازياً، برزت أمس رسالة تأنيب واضحة من جانب "حزب الله" للرئيس المكلف على خلفية الموقف الذي أصدره عقب غارة "المسيّرات" على حقل كاريش، حتى بدت الرسالة في شقّ منها عازمة على تدفيعه ثمن هذا الموقف حكومياً من خلال التصويب على أنّ من يريد أن يتصدى للشأن العام "يجب أن يكون رجلاً حقيقياً يتحمل المسؤولية ويتقدم إلى الامام ولا يتهرّب ويهرب تحت عناوين عديدة"، وفق ما جاء على لسان رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين، مضيفاً: "مشكلتنا أنّ هناك مجموعة في لبنان خياراتهم ضيقة يخافون من الأميركيين ومن بعض دول الخليج ثم يأتينا أحدهم ويحشرنا في مواقف وهو إما يخاف أو لا يعرف كيف يتصرف أو أن أذنيه وعقله في السفارة الأميركية".


وفي الغضون، دخل مجلس الأمن أمس على خط الاستحقاقين الحكومي والرئاسي في لبنان، فأعلن في بيان صحافي أنّ أعضاء المجلس أحيطوا علماً "بتسمية نجيب ميقاتي رئيساً جديداً للوزراء في 23 حزيران وبعرض تشكيلته الحكومية أمام رئيس الجمهورية في 29 حزيران"، وبناءً على ذلك فإنّهم "يدعون إلى الإسراع في تشكيل حكومة لتنفيذ الإصلاحات اللازمة بالنظر إلى حدة الأزمات المتفاقمة في لبنان"، انطلاقاً من "مسؤولية وواجب جميع الفاعلين السياسيين العمل معًا لإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية والارتقاء إلى مستوى التحديات التي تواجه الشعب اللبناني"، مع التشديد في الوقت عينه على "الأهمية الحيوية للالتزام بالتقويم الدستوري حتى تجري الانتخابات الرئاسية في موعدها".