"صدّ وردّ" بين بعبدا والسراي و"صفحة جديدة" بعد عودة ميقاتي!

"صدّ وردّ" بين بعبدا والسراي و"صفحة جديدة" بعد عودة ميقاتي!

غداة إطلاق الأمين العام لـ"حزب الله" نفير الحرب وحثّه اللبنانيين على الاستعداد لخوض غمارها على قاعدة "الموت أشرف" من عيشتهم الراهنة، "تخرسنت" الدولة وانعقدت ألسنة مسؤوليها وطأطأت السلطة رؤوسها أمام راعيها مسلّمةً بقضائه وقدره، ولم يُسمع لأي من المسؤولين حسّ ولا خبر يعيد الاعتبار للشرعية وحصرية قرارها بالحرب والسلم... باستثناء موقف خجول من سطر ونصف السطر التزم فيه رئيس الجمهورية ميشال عون حدود الكلام بالعموم تأكيداً على أنّ "لبنان بلد محب للسلام" حافظاً في المقابل "خط الرجعة" بما لا يتعارض مع توجهات السيد حسن نصرالله عبر إعادة التشديد على "تمسك لبنان بسيادته الكاملة وبحقوقه في استثمار ثرواته الطبيعية ومنها استخراج النفط والغاز".


أما في الملف الحكومي، فطلاقةٌ بلا حدود ولا سقوف في "الردح الرئاسي" بين قصر بعبدا والسراي الكبير وقد بلغ مستويات متقدمة أمس من "الصدّ والردّ" بين مكتبي الإعلام في الرئاستين الأولى والثالثة، "ترسيماً لحدود الصلاحيات" في عملية التأليف لا سيما بعدما وضع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الرئيس ميشال عون في دائرة الاتهام بتعمد "الإساءة لمقام رئاسة مجلس الوزراء"، الأمر الذي اعتبره بيان بعبدا "إيحاءً مؤسفاً"، مشدداً على أنّ عون "ليس وارداً لديه التنازل عن مسؤولياته وشراكته الدستورية الكاملة في تشكيل الحكومات وليس في حسابه قبول سياسة الفرض"، كما نفى مسؤولية الرئاسة الأولى عن أي كلام أو مواقف تنسب إلى "محيطين وهامسين ومعرقلين ومسيئين"... فسارع ميقاتي إلى الثناء على "تنصّل البيان الرئاسي مما يقوم به بعض اللصقاء برئيس الجمهورية من إساءات وتأكيد فخامة الرئيس الحرص على عدم الإساءة إلى مقام رئاسة مجلس الوزراء"، مبدياً في بيانه التعقيبيّ على بيان بعبدا حرصه في المقابل على "حق رئيس الجمهورية الدستوري (...) في إبداء رأيه وملاحظاته".


وطالما أن كل طرف قال ما عنده في البيانين الصادرين عن بعبدا والسراي، توقعت مصادر مطلعة على أجواء الرئاسة الأولى أن تُفتح "صفحة جديدة بعد عودة ميقاتي من الخارج"، خصوصاً وأنّه "من المفترض أن يكون بيان رئيس الجمهورية قد أنهى الجدل الذي طرأ في الفترة الأخيرة حول زيارة الرئيس المكلف إلى القصر الجمهوري، من خلال التأكيد على أنّ أبواب القصر مفتوحة أمامه"، معتبرةً أنّ الخلل الذي حصل في عملية التأليف كان قد بدأ من "تعجيل الرئيس المكلف في تقديم تشكيلته إلى رئيس الجمهورية قبل التشاور معه لا سيما وأنها تطرح تعديلات في المذاهب وتغييراً في الحقائب والوزراء من حصة الرئيس وكأنه أراد من ذلك وضعه أمام أمر واقع".


وأوضحت المصادر لـ"نداء الوطن" أنّ "اللقاء الثالث لم يُعقد كون وجهة نظر رئيس الجمهورية تقول بأنه طالما ليس هناك من جديد لا معنى لزيارة بعبدا بعدما تحادث الرئيسان هاتفياً قبل سفر ميقاتي في عطلة عيد الاضحى، وبالتالي فان عون عبر البيان (أمس) أعاد التأكيد على ثوابت التأليف ووضّح النقاط وترك الباب مفتوحاً لعقد لقاء جديد مع الرئيس المكلف لاستكمال النقاش"، مشيرةً إلى أنه "إذا توافرت النوايا الايجابية فمن الممكن أن تتشكل الحكومة بأقل من أسبوع"، وإلا في حال استمر الوضع على حاله من تعثر التأليف "إلى حد الدخول في مهلة الشهرين لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فتصبح الخيارات محصورة باثنين: إما الاتفاق مع اطراف الحكومة الحالية على إعادة تشكيل الحكومة ذاتها مع إدخال تعديل أو تعديلين عليها حتى تكون حكومة كاملة الأوصاف وتنال ثقة مجلس النواب استباقاً لأي فراغ رئاسي محتمل، أو الإبقاء على وضعية حكومة تصريف الاعمال لتتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية وكالةً كما ينصّ الدستور في حال حصول الشغور، على أن تسقط كلتا الفرضيتين إذا تم انتخاب رئيس جمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس عون".


وإذ نصحت المصادر بعدم ربط "الحلول اللبنانية" بالعوامل المحيطة بزيارة الرئيس الأميركي إلى المنطقة "لأن لبنان ليس من أولويات الزيارة"، رجحت في الوقت عينه أن تساهم مرافقة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للرئيس جو بايدن في "تحريك ملف الترسيم البحري بين إسرائيل ولبنان"، متوقعةً أن تشهد الأمور "حلحلة مرتقبة بدءاً من الأسبوع المقبل" في هذا الملف.


وكان هوكتشاين عقد اجتماعاً أمس مع وزيرة الطاقة الإسرائيلية التي أكدت أنهما تباحثا في مسألة "مفاوضات الحدود البحرية مع لبنان"، مكتفيةً بالقول: "نواصل العمل من أجل التوصل إلى اتفاق يحمي الأصول الاستراتيجية لإسرائيل".