باسيل حذّر ميقاتي من «عمل مجنون»
الكاتب: وسام أبوحرفوش | المصدر: الراي الكويتية
– بدء انفراط تكتل التغييريين وميشال دويهي… أول المغادرين
– اللواء إبراهيم في مسعى «الخرطوشة الأخيرة» لتشكيل حكومة الشغور
على مرمى 12 يوماً من انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون، اشتدّ السباقُ في بيروت بين «السيناريواتِ المجنونة» لأي شغورٍ لا تغطّيه حكومةٌ كاملة المواصفات، وبين مساعي استيلاد تشكيلةِ «الرمق الأخير» بوصْفها أشبه بـ «حزام الأمان» لمنْع حصول الارتطام المميت وتبديدِ قطرة الضوء من تحت البحار التي شكّلها اتفاق الترسيم مع اسرائيل الذي يُرتَقب اكتمال نصابه الرسمي بعد نحو أسبوع.
مستويات قياسية
وإذ مضت الليرة في تسجيل مستويات قياسية جديدة من التقهقر أمام الدولار الذي لامَسَ، أمس، وللمرة الأولى منذ بدء الانهيار عتبة 40500 ليرة في السوق الموازية، فإنّ هذا الفتيل النقدي بتشظياته المعيشية «المتوحّشة» ليس إلا «رأس برميل البارود» الذي يزنّر بلاداً يلفّها «حزامٌ ناسف» متعدّد الصاعق، مالي – اقتصادي – اجتماعي وآخَر سياسي – دستوري «يُدَجِّجُ» الشغورَ الرئاسي… الزاحف.
تمرين انتخابي
وفيما شهد البرلمان، أمس، «تمريناً» انتخابياً جديداً يفْرضه بدء عقد أكتوبر العادي، حيث جرى التجديدُ للمطبخ التشريعي عبر إبقاء القديم على قدمه في هيئة المكتب (أمينا السر و3 مفوّضين) وحصول تعديلاتٍ طفيفة على اللجان طفت على سطحها التوازناتُ «النقّالة» والأكثرية «الضائعة»، فإن عجلةَ الانتخاب الرئاسية التي تدور غداً للمرة الثالثة لا تُنْذِر بكسر الدوران في حلقة مفرغة وصولاً لفراغٍ… حتمي.
عناوين الصراع
ولأن الشغور المكتوبَ قُرِئَ، منذ دخول المهلة الدستورية للانتخاب الرئاسي، من عناوين الصراع المتعدّد البُعد الداخلي والإقليمي على استحقاقٍ تتم مقاربته خارجياً على أنه معيارٌ رئيسي لمدى سلوك لبنان سكة الإصلاح السياسي – بمعناه الاستراتيجي – كما المالي والاقتصادي، فإن المحاولات تجدّدتْ لتأليف حكومة تشكّل «دفرسوار» يجنّب البلاد فراغاً فوضوياً يتداخلُ فيه الاشتباكُ السياسي – الدستوري مع «شِباك» الاختناقات المعيشية فتنفجر «طنجرةُ الضغط» اللبنانية.
أطراف الأزمة
وحرص أطراف الأزمة الحكومية، أمس، على تفادي «النعي الكامل» لإمكان تشكيل الحكومة، ولو في ربع الساعة الأخير ومع دخول البرلمان (في 21 الجاري) فترة الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس، وما تعنيه سياسياً أكثر منه دستورياً في ضوء الاجتهاداتِ حول تفسير الانعقاد الحُكمي وتحوّل مجلس النواب هيئة ناخبة لا يمكنها القيام بأي عمل آخَر قبل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وهو ما لا يقرّ به رئيسه نبيه بري.
وفي حين اعتصم رئيس حكومة تصريف الأعمال المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي بالكتمان في ما خص مفاوضات الكواليس على قاعدة أن «العمل بصمتٍ أفضل»، وتأكيد المستشار السياسي لبري النائب علي حسن خليل «أن الانطباعات الحالية أن هناك حراكاً جدياً ولكن ما نقول فول ليصير بالمكيول»، لم يقطع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الأمل بإمكان التشكيل «فما زال هناك أسبوعان».
سقف تحذيري
وكان باسيل، وهو صهر عون، رَسم عبر«أسوشييتد برس» سقفاً تحذيرياً عالياً في سياق «حماية» شروط فريق رئيس الجمهورية للإفراج عن «الحكومة الرئاسية» رامياً الكرة في ملعب ميقاتي ومعلناً إذا لم يشكّل الأخير حكومةً جديدة قبل 31 الجاري «فسيكون عملاً مجنوناً»، مؤكداً «لا نحتاج بالإضافة إلى أزمتنا المالية والاقتصادية لأزمة سياسية، وعدم تأليف الحكومة سيؤدّي لفوضى دستورية ولن نقبل أن تدير مثل هذه الحكومة البلاد، إنّها حكومة تفتقد للشرعية الدستورية».
وجاء كلام باسيل على وقع مسعى يضطلع به المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لتدوير زوايا الخلافات بين ميقاتي وفريق عون الذي يصرّ على حكومةٍ بحسابات الاستحقاق الرئاسي وتحويلها منصّة لتقوية موقع باسيل، كمرشّحٍ «مع وقف الإعلان» أو كناخب أوّل وفق صفقةٍ أو ضماناتٍ تحفظ دوره ومكانته في العهد الجديد بعد أن يكون (باسيل) فَقَدَ «المقويّات» التي شكّلها وجود «الجنرال» في قصر بعبدا.
تعقيدات التأليف
وبقي الحذَر يسود محاولة «الخرطوشة الأخيرة» للواء إبراهيم، في ضوء حجم التعقيدات التي تطبع مسار التأليف وما كُشف عن أن باسيل يصرّ على تبديلٍ واسع في حكومة الـ 24 الحالية وعلى تفرُّده بتسمية الوزراء المسيحيين المرشّحين للاستبدال (بين 3 و4) على أن يكونوا «غير مقنّعين» في الولاء السياسي للتيار الحر، وسط تقارير عن أنه حتى يرفض إشراك ميقاتي في التسمية ويريد «تقليد» الرئيس بري الذي دَرَجَ على حمْل أسماء وزرائه في جيْبه وتسليمها إلى رئيسيْ الجمهورية والحكومة قبيل صدور مراسيم التأليف.
وفي انتظار انقشاع الرؤية حكومياً، يراوح مصير جلسة الـ لا انتخاب الرئاسية غداً، بين توافر نصاب انعقادها بشقّ النفس فتلتحق بجلسة 29 سبتمبر أي تُعقد دورتُها الأولى ويتمّ تطيير النصاب قبيل الدورة الثانية، وبين ألا تلتئم بعدم توافر غالبية الثلثين الشَرْطية لافتتاحها فيتكرّس سيناريو الدعواتِ لجلسات متسلسلة إلى أن يهبط «الفَرج» على البارد أو… الحامي.
تباينات «متراكمة»
ولم يكن عابراً عشية الجلسة أن يهتزّ تكتل النواب التغييريين من داخله، هو الذي سادتْه تباينات «متراكمة» على خلفية مقاربة الترشيحات للرئاسة كما جلسة التجديد للمطبخ التشريعي وصولاً للموقف من دعوة السفارة السويسرية لمناقشاتٍ حوارية بين ممثلين للأحزاب اللبنانية، قبل أن يتم إرجاؤها تحت ضغط الالتباسات والأبعاد «حمّالة الأوجه» التي حملها.
فقد أعلن النائب ميشال دويهي «أنا خارج تكتل التغيير الـ13 بصيغته الحالية نهائياً. أنا مع تحويل التكتل للقاء تشاوري شهري (أو حسب الضرورة) مع هامش حرية كامل لجميع النواب في كل المواضيع. ما حصل منذ جلسة 31 مايو (انتخاب رئيس البرلمان ونائبه وهيئة المكتب) وتجربة التكتل تحديداً يجب أن تنتهي احتراماً للبنانيين وللناس التي انتخبتنا واحتراماً للسياسة».