“مكملين معك”… إلى أين؟
الكاتب: مروان اسكندر | المصدر: النهار
11 تشرين الثاني 2022
مساء يوم مغادرة الرئيس ميشال عون قصر الرئاسة كانت جماهير المتحمسين قد سبقته للتبرك بالسلام عليه عبر التظاهر له في الساحات المحيطة بقصر بعبدا وبعض المناطق على الطريق الى منزله في الرابية. والرئيس عون اعتبر ان اتفاق الطائف قلّص صلاحيات الرئيس، والكل يعلم انه حاول منع النواب من إقراره حينما كان رئيسًا لمجلس وزراء من ثلاثة اعضاء بعد استقالة اعضائه من الشيعة والسنّة والدروز، وهذه الحكومة اشرف ميشال عون على سبع وزارات من مسؤولياتها غير القانونية لانها لم تحظَ بثقة المجلس النيابي الذي كانت غالبية اعضائه تدعم حكومة الرئيس سليم الحص الذي تابع مسيرته القانونية بكل رويّة.
اليوم السؤال هو: الى اين يتوجه “المكملين” مع ميشال عون، الى جهنم التي اشار اليها في احدى كلماته، أم “مكملين” معه للاستمتاع بما هو متاح من التسلبط على موجودات الدولة والخزينة، وان كان هذا هو التوجه، ورغم زخم الحرس القديم في محاولة الامساك بمراكز الإعلام المرموقة ومؤسسات الدولة المسؤولة عن استيراد المشتقات النفطية وحفظها وتوزيعها على مَن يشاؤون؟
هل يعلم ميشال عون ان لبنان يعاني من ارتفاع تكاليف الإتصالات الى حد يتجاوز التعرفات في جميع البلدان المجاورة، اي سوريا، والاردن من جهة، واسرائيل من جهة اخرى؟
وهل يعلم ميشال عون انه تسبب بزعزعة نظام التقاضي فأصبحت الدعاوى المالية البسيطة تستوجب تخصيص سنوات للتوصل الى الاحكام بصددها، وتكاليف التقاضي على مدى سنوات اصبحت تتجاوز الحقوق المطالَب بها؟ وهل يعلم ميشال عون ان نزاهة القضاء وتوفير المستلزمات الاساسية له لإصدار الاحكام هما الاسوأ في المنطقة؟… بالتأكيد لم يلتفت الى هذه القضايا بل ركز على تقوية تمثيل “التيار الوطني الحر” في الوزارات الحساسة، ومن اهمها وزارة الطاقة التي سيطر على قراراتها جبران باسيل لسنوات ولا يزال يصر على انها من حقوق التمثيل المسيحي.
الاصلاح لن يبدأ الا اذا اصبحت وزارة الطاقة بيد وزير فني صاحب خبرة واسعة في شؤون الكهرباء والنفط ويعمل منذ اليوم الاول على تحضير شروط خصخصة قطاع الكهرباء، وإحلال القطاع الخاص محل القطاع العام في اصلاح طاقة مصافي طرابلس والزهراني وتوسيعها، وهذا التوجه في ذاته اذا أُقر من حكومة قادرة يؤدي الى تدفق ملياري دولار على لبنان وتوسع فرص العمل في المصفاتين المتوقفتين منذ سنوات.
والتقدم لن يتحقق مادامت مسؤولية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي هي في يد نائب رئيس مجلس الوزراء الذي هو موظف في الصندوق، واعلى المناصب التي تولاها هي الاشتراك في دورات تدريبية يقرها وينفذها صندوق النقد، وحتى تاريخه لا نعلم عن مهنيته للشؤون الاقتصادية ومعرفته بجذور الاقتصاد اللبناني، وهل يدرك ان اقرار “الكابيتال كونترول” كما هو مطلوب من الصندوق برعاية موظفيهم في وزاراتنا يؤدي الى ابتعاد المستثمرين عن توظيف الاموال في لبنان، ويجعل اللبنانيين الذين هاجروا للعمل في الخارج، ويريدون دعم حاجات عائلاتهم يكتفون بتحويلات نقدية لعائلاتهم ومن يريدون مساعدتهم، ولن يكون قطاع المصارف مستفيدا من هذه التحويلات سوى بالرسوم البسيطة التي تحصل على كل عملية.
باختصار، وانما بتصميم من قِبل غالبية اللبنانيين المبتعدين عن مناصرة سياسات العهد المنتهي، والحمد لله، اولى خطوات الاصلاح من دون انتظار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي تكون باقرار الغاء السرية المصرفية وفرض قيود على التحويلات من لبنان واليه، وبالتالي دفع لبنان الى ان يكون سوريا اخرى في مجالات المعاناة وكبح الحريات. واذا اردنا تفادي هذه النتيجة البائسة علينا تخطي محاولة “التكملة” مع الرئيس المنتهية ولايته والامل كبير في تضاؤل اهمية آرائه ولن يكون ذلك الا اذا فعلنا الآتي:
– خصَّصنا قطاع الطاقة سواء بالنسبة للنفط والتكرير او انتاج الكهرباء، وسرّحنا الاربعين خبيرًا ومنهم من يتقاضى راتب الخبرة وفي الوقت عينه يتقاضى راتب النيابة.
– قررنا تخصيص شركة انترا للاستثمار، وهي اصلاً شركة خاصة انما معظم اسهمها لمصرف لبنان، ووسّعنا ملكية اسهمها لمساهمين من اصحاب الودائع الذين خسروا اموالهم نتيجة ممارسات المصارف، من ضمنها تعطيل الخدمات المصرفية لثلاث فترات في السنتين المنصرمتين. وهذه الشركة تمتلك من الاراضي ما تبلغ قيمته في وقت استقرار الاوضاع اكثر من الحسابات المرشحة للاقتناص من ممثل الصندوق المكلف وزاريًا بهذا الدور.
من دون تخصيص شؤون الطاقة، وتوسيع ملكية اسهم شركة انترا للاستثمار، اضافة الى تخصيص الاتصالات والريجي، لن يكون هنالك انطلاقة للاصلاح، والامل كبير بألا تشمل التشكيلة الحكومية وزراء لا يزالون يعملون في مؤسسات دولية او وزراء يدّعون انجازهم عجيبة ترسيم الحدود البحرية المنتهية منذ عام 2010.