هل تنضمّ “القوات” إلى “قطار” التسوية الرئاسية؟
الكاتب: راكيل عتيّق | المصدر: نداء الوطن
19 تشرين الثاني 2022
يقارب بعض الأفرقاء السياسيين الاستحقاق الرئاسي، انطلاقاً من «الواقعية السياسية»، حيث إنّ تركيبة مجلس النواب الحالي وتركيبة البلد الطائفية والميثاقية المعتمدة في كلّ الاستحقاقات الدستورية وارتباط البعض عضوياً بدولٍ إقليمية إضافةً الى المصالح الخارجية في لبنان، تحول دون إنجاز عملية انتخابية ديموقراطية توصل رئيساً للجمهورية بقرارٍ «مُلبنن» من دون أي تأثير خارجي أو اتفاق تسوويّ. وباتت صورة «خاتمة» المسار الرئاسي واضحة بالنسبة إلى كثيرين من المعنيين، وهي على شكل تسوية ثلاثية الأضلع: لبنانية – لبنانية، خارجية – خارجية ولبنانية – خارجية.
هذه التسوية لن تأتي برئيس لا «يرضى» عنه «حزب الله»، ولا يُمكن أن تُطبخ من دون المسيحيين أو فريق أساسيّ منهم على الأقل. لذلك ترى جهات سياسية أنّ هذه التسوية من الأسهل إبرامها مع رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل الذي يشي حراكه السياسي بأنّه يحاول أن يؤمّن الحدّ الأدنى من «الثمن الموعود به» من «خدماته» في الترسيم البحري، والتي يحاول قطفها ما بين الدوحة وباريس.
فعند دخول رئيس تكتل «لبنان القوي» في هذه التسوية، تكون الميثاقية المسيحية مؤمّنة للرئيس العتيد، إذ بعكس باسيل، ينأى حزب «القوات اللبنانية» بنفسه عن التسويات المنطلقة من هدف تحقيق المكاسب، ويواظب على المشاركة في الجلسات الانتخابية والتصويت للمرشح نفسه، بالتوازي مع العمل على تعزيز حظوظ وصول هذا المرشح، من خلال لبننة الاستحقاق، وليس استدراج الخارج للانغماس أكثر فأكثر في الوحول الرئاسية وإبرام التسويات التي يكون إطارها توزيع الحصص وتقاسم النفوذ.
ومع ترجيح سيناريو التسوية الرئاسية، يعتبر البعض أنّ «القوات» ستدفع ثمن أي تسوية رئاسية في حال قرّرت الخروج من «قطار» هذه التسوية، إلّا أنّ خسارتها، خصوصاً على المستوى الشعبي، ستكون أكبر، إذا قرّرت الدخول في هذه التسوية مع «المنظومة الحاكمة»، وهي كانت أوّل من خرجت من حكومات «الوحدة» ورفضت حتى تكليف رئيس حكومة في ظلّ عهد الرئيس ميشال عون – باسيل – «حزب الله»، الفريق الذي أدخل لبنان، بحسب «القوات» في انهيار وعزلة وأخرجه عن سكة الإنقاذ.
بالنسبة إلى «القوات»، لا يُمكنها أن توافق على رئيس «تسووي» لـ»الديكور»، بل تريد رئيساً حاكماً وقادراً على أن ينتهج ممارسة في الحُكم مختلفة عن كلّ الممارسة السلطوية السابقة، بما يعيد للدولة وللمؤسسات اعتبارها وللدستور كلمته وللبنان الأولوية المطلقة». وفق هذه القاعدة تتعاطى «القوات» مع الاستحقاق الرئاسي، بعيداً من هدف تحقيق أي «مكاسب»، فحدّدت معيارين لأي رئيس مقبل: السيادة والإصلاح. ووضعت نصب عينيها هدفاً واحداً: وحدة المعارضة.
هذا الهدف لم تتمكّن «القوات» من الوصول إليه ومن تأمين 65 صوتاً للنائب ميشال معوّض، لكنها ستبقى تحاول لتحقيق وحدة موقف المعارضة، على رغم أنّ المؤشرات غير جيّدة على هذا المستوى. لكن هذا لن يدفعها الى الدخول في أي حوار أو تسوية. كذلك لا تخشى «القوات» من أي موقف دولي، فهو لن يؤثّر على حيثيتها وحجمها ووجودها، بل تعتبر أنّ أيّ اتجاه دولي يرجّح وصول رئيس وسلطة من فريق «الحزب»، يعني الحُكم على لبنان بالانهيار. وتصرّ على أنّ المسؤولية رئاسياً لبنانية بالدرجة الأولى، وهذه المسؤولية تحتّم على القوى السياسية الذهاب الى انتخابات رئاسية وسلطة ترسّم حدود الدولة مع الدويلة، في انتظار إزالة الدويلة مع تسليم «حزب الله» سلاحه.
على الخط الخارجي، ترى جهات سياسية، أنّ السعودية قد تكون شريكة في التسوية الرئاسية، أو أنّها قد «تسحب يديها» منها معتمدةً سياسة «التجاهل» في لبنان، ما يعزّز موقع فريق الثامن من آذار رئاسياً. إلّا أنّ «القوات» ترى أنّ الموقف الدولي واضح على هذا المستوى، وتقاربه انطلاقاً من أنّ السعودية ومعها سائر دول الخليج، لن تساعد لبنان ما لم تأتِ سلطة مكوّنة من رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة وحكومة، تكون ملتزمة وثيقة الوفاق الوطني والقرارات الدولية والعربية. وبالتالي، تعتبر «القوات» أنّ أيّ دولة تساهم في وصول رئيس من فريق الثامن من آذار، تتحمّل مسؤولية إبقاء لبنان وسط الإنهيار وهذا المستنقع، فالدول الخليجية هي الوحيدة القادرة على أن تساعد لبنان، وهذه الدول عبّرت في أكثر من وثيقة وبيان، عن شروطها لمدّ اليد للدولة مجدداً.
إنطلاقاً من هذه المقاربة ، تؤكد مصادر «القوات»، «أنّنا لا نخشى شيئاً، بل نخشى على لبنان في حال وصول سلطة من فريق 8 آذار». وتضيف: «قد تحصل تسويات، لكن على قاعدة الدولة في لبنان وليس تعزيز منطق الدويلة، فتسوية من هذا القبيل لن نكون لا شركاء فيها ولا معنيين بها. سبق أن قلنا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: لا، عندما طلب تسمية السفير مصطفى أديب رئيساً للحكومة، وكما بقينا 3 سنوات خارج الحكومات سنستمرّ في المعارضة، فلا يُمكن أن نقبل بأنصاف الحلول، فإمّا حلّ وطني على قواعد واضحة وإمّا سنكون في مواجهة كلّ أنصاف الحلول التي أوصلت لبنان الى الانهيار».