رئيس للبنان آتٍ من المونديال: السعودية فازت وإيران خسرت

رئيس للبنان آتٍ من المونديال: السعودية فازت وإيران خسرت

الكاتب: احمد عياش | المصدر: النهار

24 تشرين الثاني 2022

المفاجآت التي تتوالى من مونديال قطر تكاد تحبس الانفاس. وأهمها حتى الآن، وهي من النوع التاريخي، فوز المنتخب السعودي على منافسه الأرجنتيني بهدفين مقابل هدف واحد. ووفق “نيويورك تايمز” فإن هذه النتيجة “تصنّف واحدة من أكبر المفاجآت في تاريخ البطولة الممتد على مدار 92 عاما”.


وقبل ذلك، كان العالم مشدودا الى وقوف لاعبي المنتخب الايراني صامتين عندما كان يبثّ النشيد الوطني للجمهورية الاسلامية قبل انطلاق مباراة المنتخبين الايراني والإنكليزي. فهذا الصمت كان رسالة احتجاج مدوّية على ما يرتكبه النظام الايراني من اعمال قمع بحق الشعب الايراني، ولاسيما النساء والأطفال.

في لبنان الغارق في أعماق الازمات، ومن بينها الانتخابات الرئاسية المأزومة، كان لديه الوقت والإمكانات المتواضعة، من دون جميل السلطة، لمتابعة ما يدور في ملاعب قطر العملاقة. وقد عبّر عن ذلك النائب أشرف ريفي بعد لقائه الأخير مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عندما “استشهد بما حصل أخيرا مع فريق كرة القدم الايراني في قطر ومنتخب الفتيات الايرانيات اللواتي طالبن بتغيير الواقع الإيراني”.


تشاء الظروف ان يمر لبنان باستحقاق رياضي عالمي وله نكهة سياسية خاصة في هذا البلد. وفي الأيام الأخيرة وقبل انطلاق مونديال قطر، كان الكلام عمّن هو المرشح لرئاسة الجمهورية الذي يحظى بتغطية كل من السعودية وإيران بما للبلدين من تأثير ونفوذ. لكنه ليس أمرا عابرا، ان يكون البحث عن مثل هذا المرشح، في وقت تتراجع إيران وتتقدم السعودية على غير صعيد بينها الرياضي.

وعلى رغم ان “حزب الله” لم ينخرط بعد في الحملة الداعمة للنظام الإيراني في مواجهة التحديات الداخلية التي يواجهها الآن، فقد باشرت طهران الاستعانة بأصوات بارزة في الحزب دعماً لها. وفي مقدم هذه الأصوات نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الذي أبرزت له قبل أيام وكالة أنباء “ارنا” الإيرانية الرسمية موقفا أكد فيه أن “ما يجري في إيران من قِبل المجموعات المدَّعية الحرية للانقلاب على الجمهورية الإسلامية هو عنف وإجرام، فهم يقتلون العناصر البريئة في الشارع لإحداث الفوضى، وهم قلَّة مشبوهة تعتمد على توجيهات أميركا وإسرائيل”. وقال الشيخ قاسم في سلسلة تغريدات على حسابه على “تويتر”، إن “الشعب في إيران عبَّر عن تمسُّكه بجمهوريته الإسلامية وقيادتها من خلال التظاهرات المليونية والتشييعات الحاشدة للشهداء المظلومين، وإيران التي صمدت ثلاثاً وأربعين سنة قادرة بإذن الله على أن تتجاوز هذه المحنة”.

تقول أوساط إعلامية مواكبة لعلاقات “حزب الله” مع الجمهورية الإسلامية، ان الحزب لا يحظى بشعبية في إيران إنطلاقا من اعتقاد شعبي على نطاق واسع هناك “ان الحرمان الذي يعانيه الشعب الإيراني مردّه الى سخاء النظام في دعم الحزب في لبنان والحركات الإسلامية في غزة”. ورأت هذه الأوساط أن تأييد الحزب للنظام الإيراني “لن يكون لمصلحة الأخير على المستوى الداخلي الإيراني”.


في موازاة ذلك، تتفاعل الاحداث في إيران، ما يطرح علامات استفهام حول نفوذ الجمهورية الإسلامية خارجيا وتحديدا في لبنان. ومن ابرز هذه الاحداث كما سلف رفض لاعبي المنتخب الإيراني لكرة القدم ترديد “النشيد الوطني” أثناء لقائه المنتخب الإنكليزي في إطار مباريات كأس العالم في قطر. واضطر التلفزيون الإيراني إلى قطع صوَر عدم ترديد اللاعبين الإيرانيين لنشيد النظام الإيراني في مونديال قطر وقام ببث صور أخرى. وهذا الامر دفع صحيفة “كيهان”، المقربة من المرشد خامنئي، في عدد الثلثاء الماضي، الى مهاجمة اللاعبين الإيرانيين وجرّدتهم من “الغيرة” الوطنية. وعنونت في المانشيت: “إيران 2 وإنكلترا والسعودية وإسرائيل والخونة الداخليون والخارجيون 6″، مدعية أن كل هذه الدول قد توافقت وعملت على هزيمة المنتخب الإيراني.


في المقابل، أشارت صحيفة “مهد تمدن” الإيرانية إلى هجوم بعض الأطراف والشخصيات المتطرفة في الداخل على المتظاهرين، فقالت: “إن مشكلة هؤلاء هي أنهم يعتقدون أنهم محور كل شيء، ويرون الآخرين على خطأ وانحراف”. ونوهت الصحيفة بأن صحفاً مثل “إيران” الحكومية و”كيهان” و”همشهري” هي أكثر الصحف التي شهدت نشر مثل هذه “الهجمات والأساليب المهينة تجاه المنتقدين والمتظاهرين”، مؤكدة أن مثل هذه الأساليب في الإساءة إلى المتظاهرين تكلف النظام كثيرا من الخسائر، وتوسع دائرة معارضي النظام ومنتقديه.


بالعودة الى المونديال، ابرزت الصحافة الرياضية العالمية فوز المنتخب السعودي. ولفتت في الوقت نفسه الى ما حصل في مونديال إيطاليا عام 1990 عندما خسرت الارجنتين في مباراة افتتاحية امام الكاميرون بنتيجة صفر مقابل هدف واحد. ولكن بعد ذلك المونديال قبل 32 عاما أحرزت الارجنتين كأس العالم بقيادة اسطورتها مارادونا. فهل سيتكرر الامر هذه الأيام في قطر وبقيادة اسطورة مماثلة هو ميسي؟


المونديال القطري يتواصل، وسيصل الى خاتمته في الثامن عشر من الشهر المقبل. أما المونديال اللبناني فهو مستمر الى أجل غير مسمى، مـتأثرا بما يدور في لبنان وخارجه على السواء. فهل من مبالغة في القول ان ما يدور في قطر كروياً بالنسبة الى كل من إيران والسعودية ستكون له آثار على لبنان عموما والاستحقاق الرئاسي خصوصا؟ قد يبدو السؤال ينطوي على غرابة، لكن ما أكثر الغرائب في هذا العالم.