لقاء ماكرون – بايدن مفصليّ والتصفيات الرئاسية في الملعب الدولي
الكاتب: وجدي العريضي | المصدر: النهار
30 تشرين الثاني 2022
بات جلياً أن الاستحقاق الرئاسي متجه الى التدويل، ما يتبدى بوضوح بفعل حراك الدول المعنية بالشأن اللبناني في عواصم القرار ومن خلال اللقاءات والاتصالات الجارية على قدم وساق والآخذة في التفاعل، ولا سيما اللقاء المرتقب في واشنطن بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون، حيث سيكون لبنان طبقاً أساسياً خلال لقائهما كونهما يمسكان بهذا الملف. ووفق معلومات موثوق بها أن سلسلة محطات سبقت اللقاء المتوقع من خلال تواصل جرى بين الفاتيكان والإدارة الأميركية والذي أخذ حيزاً مهماً من الاهتمام بضرورة دفع القوى السياسية اللبنانية الى انتخاب رئيس للجمهورية من دون اغفال التنسيق المستمر بين باريس والرياض، الى زيارة وفد الكونغرس الأميركي لبيروت، وصولاً الى محطات ستفضي الى زحمة ديبلوماسية ستشهدها الساحة الداخلية في هذه المرحلة.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة لـــ”النهار”، الى أن مرحلة التصفيات للمرشحين وغربلة الأسماء بدأت في المطابخ الدولية وتحديداً المطبخين الأميركي والفرنسي، حيث “الشيف الباريسي” مختص بالطبق اللبناني بفعل المعرفة الوثيقة بتفاصيل السياسة اللبنانية وزواريبها، ولهذه الغاية يعوَّل على لقاء ماكرون – بايدن، وبات من نافل القول ان ثمة خطاً بيانياً لإنتاج رئيس جديد من قِبل الرباعي الفرنسي والأميركي والسعودي والفاتيكاني، اذ تواكب هذه الدول الشأن اللبناني بدقة وتعمل على الوصول الى صيغة شاملة عبر سلّة متكاملة من رئاسة الجمهورية الى رئاسة الحكومة وما يتبعها من تعيينات وتحديداً حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش، وفي ظل عنوان أساسي يندرج في ضرورة الشروع بالإصلاحات البنيوية والإدارية والمالية. وثمة من يشير بعد زيارة وفد الكونغرس الى بيروت ومن خلال ما سمعه من ارتفاع اللهجة الأميركية تجاه المسؤولين اللبنانيين، الى أن البطاقة الصفراء لم تعد تجدي نفعاً بل سيرفع الحَكم الدولي البطاقة الحمراء بوجه المعرقلين والمعطلين للاستحقاق الرئاسي، كاشفة أن وفد الكونغرس كان في زيارة استطلاعية وجسّ نبض المسؤولين اللبنانيين واستطلاع آرائهم مترافقاً مع مطلب من هذا الوفد هو ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن من دون الدخول في لعبة الأسماء، بل استكشاف الأجواء على أن يرفع تقريرا عن هذه الزيارة فور عودته الى واشنطن.
ومن خلال ما يشير اليه سفير لبناني سابق في واشنطن، فان لقاء بايدن – ماكرون مفصلي على صعيد الشأن اللبناني، وتحديداً رئاسياً، حيث انه بعد هذا اللقاء سينطلق الرئيس الفرنسي في عملية تهيئة المناخ لانتخاب الرئيس إن في حال زيارته الى بيروت في عطلة الأعياد أو ارسال موفد ليبلغ المسؤولين اللبنانيين بما أجمع عليه المجتمع الدولي. وفي غضون ذلك، فان التوافق بين واشنطن وباريس لن يكون بعيداً عن الرياض والفاتيكان كونهما من اللاعبين الأساسيين في الملعب اللبناني، ولهما دورهما وحضورهما، من دون اغفال موقف القاهرة والجامعة العربية باعتبارهما أيضاً من الداعمين للدورين السعودي والفرنسي منذ بداية تنسيقهما وتواصلهما حول الوضع الداخلي.
وفي موازاة ذلك، السؤال المطروح: هل سيستجيب البعض في لبنان لما سينتج عن لقاء بايدن – ماكرون أو لتسوية ستعمم على الساحة المحلية، وتحديداً “حزب الله” الذي يرفع منسوب مواقفه وتحدياته بالتماهي مع مرجعيته الدينية أي ولاية الفقيه، وما تطرق اليه أخيراً مرشد الثورة الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي حول لبنان، وبمعنى آخر أن حملات الحزب على المملكة العربية السعودية واصراره على أن النائب ميشال معوض هو مرشح تحدٍ وتمسكه بورقة رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، يُبقي الأمور في دائرة الخطر والتجاذبات، اذ ثمة من يرى أن “حزب الله” يدافع في هذه المرحلة عن إيران أكثر من أي وقت مضى لحجب الأنظار عما يجري هناك من ثورة وحركة احتجاجية هي الأكبر، ولذا فان ايران ومن خلال موقف خامنئي الأخير تعتبر لبنان بفعل دور “حزب الله” وفائض القوة لديه ساحة ومنصة لمهاجمة أعداء الثورة.
ومن هذا المنطلق، تضيف المصادر ان تمرير التسوية لن يكون مفروشاً بالورود، وفي هذا المجال يذكّر السفير السابق في واشنطن باتفاق مورفي الشهير وما حلّ به عندما نام الوزير والنائب السابق مخايل الضاهر رئيساً واستيقظ على الفوضى وتمّ الالتفاف على هذا الاتفاق.
وتخلص المصادر الى أن “حزب الله” يعمل في هذه المرحلة على محاور عدة، أولاً الدفاع عن ايران وثورتها، وتالياً يسعى الى وصول مرشحه فرنجية للرئاسة والحفاظ على حليفه البرتقالي النائب جبران باسيل، بمعنى أنه لن يترك هذا الحليف، لذا فالأمور مفتوحة على كل الاحتمالات.