ما حسابات بري - فرنجية وكيف يواجه باسيل؟
ما يجري منذ ايام فوق الصفيح اللبناني الساخن يدعو إلى الارتياب، ولا يمكن، وفق مصادر واسعة الاطلاع، أن يكون نتاج المصادفة.. فما الذي يتمّ تحضيره؟
تلاحظ المصادر، انّ مجموعة من الأحداث المنفصلة - المتصلة تدحرجت فجأة في أوقات متقاربة، وكأنّ مُخرجاً واحداً يدير المسرح:
توقيف الناشط وليام نون، تحركات ميدانية احتجاجاً واعتراضاً، اعتصام عدد من نواب التغيير في المجلس وتجييش للشارع، قرارات مفاجئة للقاضي طارق البيطار، كان لافتاً فيها الادّعاء على قادة امنيين وقضائيين في مرحلة حساسة على الأرض، تشظي القضاء وانقسامه المريع، إدراج الخبير الاقتصادي حسن مقلّد على لائحة العقوبات الأميركية بتهمة تمويل «حزب الله»، قفزات بهلوانية ودراماتيكية للدولار، وغليان شعبي يهدّد بانفجار اجتماعي..
يحصل كل ذلك، وسط شغور رئاسي مستمر وعجز داخلي عن ملئه، فيما الخارج يتوزع بين تدخّلات مريبة لبعضه وانشغال بعضه الآخر عن لبنان، تحت وطأة تداعيات الحرب الروسية- الاوكرانية وأزمات أخرى في العالم.
إزاء هذه الوقائع، يبدو أنّ هناك سباقاً محموماً بين خطر الانفجار الفوضوي الكبير، الذي من شأنه ان يمهّد للإتيان برئيس «على الحامي»، وبين محاولات لإنجاز عملية الانتخاب قبل هبوب العاصفة الهوجاء، حتى ولو بأكثرية النصف زائداً واحداً، إذا توافرت.
ويكشف مطلعون، انّ الرئيس نبيه بري لم يعد متحمساً للاستمرار في تكتيك الورقة البيضاء، وانّه بات ميالاً إلى استعجال الدفع نحو اعتماد مرشح جدّي يملك فرصة استقطاب الأكثرية المطلوبة، وذلك قبل فقدان زمام المبادرة وحصول تطورات تفرض امراً واقعاً في الملف الرئاسي، خصوصاً انّه بات يشعر بأنّ هناك من يساهم عمداً في تفاقم حالة انعدام الوزن، ليستثمر فيها ويمرّر أجندته السياسية والرئاسية.
وليس خافياً انّ بري، كما «حزب الله»، يعطي الأولوية القصوى لخيار سليمان فرنجية، فيما لا يزال رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل عند رفضه القاطع لإسم رئيس تيار «المردة»، من دون أن ينجح اللقاء الاخير الذي جمعه مع «حزب الله» في تبديل موقفه.
ووفق العارفين، فإنّ باسيل يعتبر انّه عندما تمّ انتخاب رئيس منبثق من فريق سياسي محدّد، أي العماد ميشال عون، حاصروه وكسّروا البلد فوق رأسه، على رغم كل قوته وشعبيته، «فكيف سيكون الوضع إذا تكرّرت التجربة مع شخصية أقل قوة وشعبية؟».
وبينما يؤكّد باسيل انّ «حزب الله» محق في المطالبة برئيس لا يطعن المقاومة، يلفت إلى انّ هذا المعيار غير كافٍ لوحده، والمطلوب أيضاً ان يكون هذا الرئيس قادراً على النهوض بالاقتصاد وبأعباء بناء الدولة، «ومن يطرحونه عليّ لا يستطيع تأدية هذه المهمة».
ويروي العارفون، انّه حين يُسأَل باسيل عن الإسم البديل الذي يقترحه، يوضح أن ليس لديه اسم جاهز بعد، وإنما عنده مواصفات، مشيراً إلى انّ من أسباب تمهّله في طرح اسم حتى الآن هو انّ كثيرين سيواجهونه ويرفضونه، «فقط على قاعدة انّه مرشح جبران».
أما فرنجية، فيخوض معركته بتأنٍ وصبر، انطلاقاً من حدّين: أقصاه ان يتمّ التوافق الواسع حوله ليصل إلى قصر بعبدا بأكبر عدد من الأصوات، وأدناه ان ينال على الأقل الأكثرية الكافية للفوز والمتمثلة في النصف زائداً واحداً.
ولا يجد فرنجية، تبعاً للمطلعين على موقفه، أنّه سيواجه مشكلة على مستوى الميثاقية في حال امتناع كتلتي «التيار الحر» و»القوات اللبنانية» عن انتخابه، «إذ انّ معي نحو 20 نائباً مسيحياً، وهؤلاء ليسوا نكرة بل لهم حيثيتهم التمثيلية».
وتعليقاً على ما يُنقل عن باسيل من أنّ عواصم القرار الغربية لا تؤيّد انتخاب فرنجية، يبدي رئيس «المردة»، وفق القريبين منه، ثقته في انّ الغرب ليس ضدّه، متسائلاً: «اصلاً، شو عرّفوا جبران وين صرت واصل معهم؟».
عماد مرمل