الحزب “طلب” من بكركي “ضمانات”.. وأسابيع رئاسية حاسمة؟

الحزب “طلب” من بكركي “ضمانات”.. وأسابيع رئاسية حاسمة؟

الكاتب: جوزفين ديب | المصدر: اساس ميديا


20 حزيران 2023

بدأ تحرُّك خارجي سريع الوتيرة تزامناً مع عجز داخلي عن إيجاد حلّ. وفيما لا يزال الفريق الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية ينتظر ما يمكن أن ينتج عن الحوار السعودي الإيراني لمصلحته، بدأ حديث جدّي عن أسماء يمكن أن تتقاطع عليها القوى السياسية في المرحلة المقبلة، على أن لا يكون شخص الرئيس وحده عنوان التسوية، بل وشكل الحكم، من الرئاسة إلى حاكمية مصرف لبنان والحكومة وبرنامجها.


في الاجتماع الأخير بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السعودي محمد بن سلمان اتفق الرجلان على متابعة الوضع اللبناني على أن ينعكس التقارب السعودي الإيراني إيجاباً على الرئاسة اللبنانية. وبانتظار تبلور المشهد الإقليمي سيشهد لبنان حركة فرنسية نوعية مع وصول وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، العالم بتفاصيل الوضع اللبناني، جان إيف لودريان، إلى بيروت، حيث سيعقد لقاءات مع كلّ المعنيين بالشأن الرئاسي في لبنان.


5 ثوابت رئاسيّة


من المعروف عن لودريان أنّه يعلم التفاصيل اللبنانية، وأنّه فجّ بصراحته ومباشر بطروحاته. وبطبعه المعهود سيناقش مع اللبنانيين أزمتهم المستعصية، وسيطرح احتمالات للحلّ يمكن أن تتضمّن:


– توافقاً داخلياً.


– أو انتخابات ديمقراطية.


– أو الذهاب إلى تسوية دولية إقليمية للأزمة اللبنانية.


حتى الساعة الاحتمالات غير ناضجة. لكن في التقويم الفرنسي ما زالت فرصة وصول فرنجية قائمة في حال التوافق الإقليمي عليه، وهو أمر صعب للغاية. لذلك يبني الدبلوماسيون الدوليون مقاربتهم للمسألة اللبنانية بناء على مجموعة “ثوابت” أصبحت تشكّل أرضية ثابتة يمكن الانطلاق منها نحو أيّ صيغة للحلّ:


– أوّلاً: لا قدرة لمرشّح الثنائي على حصد 65 صوتاً في أيّ عملية ديمقراطية مقبلة لو حصلت، في ظلّ الاصطفاف الحالي.


– ثانياً: إعلان بعض القوى التي اختارت “التموضع في الوسط” خلال جلسة الأربعاء، أنّها في الدورة الثانية ستصوّت لجهاد أزعور.


– ثالثاً: ثبات الإجماع المسيحي ضدّ فرنجية، وإن كان التقاطع هشّاً على تأييد أزعور .


– رابعاً: الانفصال بين التيار الوطني الحر والحزب، وأثر ذلك على عزلة “الثنائي الشيعي” في معركته الرئاسية.


– خامساً: ثبات كتلة سنّيّة صلبة في الوسط ورفضها الدخول في اصطفاف مسيحي شيعي.


لودريان والعلولا وبخاري


ستكون كلّ هذه العوامل منطلقاً للكلام الرئاسي الفرنسي الجديد، الذي بدأ بالتنسيق مع الجانب السعودي، بعدما أكّد وليّ العهد لماكرون أنّ فريقه، أي مستشاره نزار العلولا والسفير السعودي في لبنان وليد بخاري، سيناقش الملفّ اللبناني مع لودريان.


اللافت في زيارة لودريان لبنان أنّه بالإضافة إلى لقائه مع السياسيين، سيلتقي قائد الجيش جوزف عون في اليرزة. وهنا يرى معنيون بالشأن الرئاسي أنّ هذه الزيارة ستكون محطة مهمّة في الكلام الرئاسي، لا سيما مع احتمال طرح قائد الجيش عنواناً للتسوية المقبلة.


تفيد معلومات أنّ لودريان، وإن كانت زيارته استطلاعية، سيطرح في لقاءاته أسماء مرشّحين للرئاسة لاستطلاع الآراء في هذا الشأن، خصوصاً بعد الفرز الأخير بين فرنجية وأزعور. وهذا يشير إلى أنّ باريس لم تعد قادرة على استبعاد الأسماء المطروحة في وجه مرشّحها الأساس سليمان فرنجية.


سيستكمل لودريان مهمّته في لبنان بالتنسيق مع المسؤولَين السعوديَّين عن الملف اللبناني، العلولا وبخاري، وسيترجم ذلك من خلال لقائه معهما بعد جولته اللبنانية.


حوار لبنانيّ في قصر الصنوبر؟


بينما يعجز اللبنانيون عن إجراء حوار لبناني بعد فشل كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه برّي والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في إجراء حوار مسيحي أو وطني، تضجّ الكواليس السياسية باحتمال أن تدير باريس حواراً وطنياً كما سبق أن فعل ماكرون في قصر الصنوبر عشيّة 4 آب. غير أنّ ذلك، بحسب معلومات “أساس”، ليس ناضجاً بعد، بل يحتاج إلى ضمانات لبنانية، بل وإقليمية أيضاً، وذلك بعدما تقدّم التقارب السعودي الإيراني وتمثّلت ترجمته في زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لطهران.


غير أنّ كلّ حوار يمكن أن يُطرح في لبنان يفترض أن يقدّم ضمانات للحزب تحاكي ما قاله الأمين العامّ للحزب أمام المطران بولس عبد الساتر، الذي زار حارة حريك موفداً من البطريرك الراعي قبل جلسة 14 حزيران.


هذا وتوافرت لـ”أساس” معلومات تفيد أنّ نصرالله نقل لعبد الساتر ما يعنيه بعبارة “عدم طعن المقاومة في ظهرها”، وشرح له أنّ المقصود هو “عدم تكرار” ما اعتبره “محاولات” للالتفاف على المقاومة وسلاحها منذ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وما حُكي عن عزل الطائفة الشيعية وصولاً إلى “المسّ بسلاح الإشارة التابع للحزب”، وهو ما أدّى إلى حصول أحداث 7 أيار 2008. وبالتالي لا يريد الحزب أن يكرّر تجارب العهود السابقة وأن يضمن ذلك بحوار وصيغة رئاسية جدّيّة.


فهل سيتّضح ذلك في الأيام المقبلة؟


الجواب رهن بالمفاوضات السعودية الإيرانية التي تجري على وقع ضغط أميركي لإنجاز الاستحقاق وإنهاء الفراغ بشخصية تراعي الشروط الدولية للرئاسة اللبنانية.


باسيل في قطر 


بينما يترقّب المعنيون بالملفّ الرئاسي تطوّرات الإقليم، تتروّى قطر في مبادرتها التي انطلقت سابقاً وتمحورت حول ترشيح قائد الجيش للرئاسة، منتظرةً مسار التفاوض السعودي الإيراني المتوقّع أن ينعكس على موقف الحزب في الداخل اللبناني.


تزامناً استقبلت الدوحة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يقوم بزيارة سياسية بامتياز، عنوانها، كما ترجّح المصادر، مسار العقوبات على باسيل وموقفه من رئاسة جوزف عون.


فهل تنضج التسوية الرئاسية في الأسابيع المقبلة على وقع الحراك الدولي؟


لنترقّب مواقف القوى المحلّية التي بدأت تبعث رسائل ومؤشّرات إلى احتمالات الحلّ.