مفاوضات التمديد لليونيفيل تصعب أكثر فأكثر

مفاوضات التمديد لليونيفيل تصعب أكثر فأكثر

الكاتب: روزانا بومنصف | المصدر: النهار

18 تموز 2023


يدعم أعضاء مجلس الأمن الدولي عمل القوة الدولية العاملة في الجنوب عموماً ولكن في السنوات الاخيرة ثبت أن المفاوضات كانت صعبة بين أعضاء المجلس ليس في شأن التمديد للقوة سنة إضافية كما كان يجري كل سنة لا سيما أن الوضع الانهياري في لبنان لا يسمح بأن يخطو أعضاء المجلس خطوات درامية على هذا الصعيد، بل في حيثيات ومضامين التمديد. ولا تعتقد مصادر ديبلوماسية أن الوضع قد يختلف هذه السنة في ظل طموح أهل السلطة من أجل إعادة التعديل بحسب اعتبار هؤلاء، الذي طرأ العام الماضي على مهام القوة الى الوراء، إذ في إطار الخلافات بين أعضاء المجلس كان النص الذي قدمته فرنسا والذي جاء فيه أنه وفقاً لاتفاقية وضع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، التي تم توقيعها بين لبنان والأمم المتحدة في عام 1995، فإن “اليونيفيل مخوّلة بإجراء مهامها بشكل مستقل”. وقد كان لأعضاء المجلس تفسيرات متباينة لجهة القول إن اليونيفيل ستتمتع “بحرية الحركة في جميع أنحاء لبنان”، ولكن بشرط أن هذه الحرية، في ظروف معيّنة، يجب تنسيقها مع الحكومة اللبنانية.

تقول مصادر ديبلوماسية إن الواقع هذه السنة تظلله ثلاثة اعتبارات: أول هذه الاعتبارات أن النمط الذي بدأ العمل عليه منذ بضع سنوات والصعوبة التي بات يتسم بها التمديد للقوة الدولية بحيث لم يعد يحصل على نحو طبيعي كما كان يحصل في أعوام كثيرة ماضية لن يكون سهلاً إعادته الى الوراء رغم أنه ليس ضرورياً أن يحصل تعديل إضافي هذه السنة ولكن قد يكون صعباً جداً العودة الى الوراء كذلك. ويجب الأخذ في الاعتبار التطورات التي حصلت بالتوقيع على اتفاقية الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل فيما تحريك موضوع الحدود البرية أخيراً في قرية الغجر يستهدف من بين ما يستهدف التأكيد على عدم إدخال تعديلات جديدة على مهام اليونيفيل، علماً بأن سمعة لبنان ولامبالاة مسؤوليه تجاه إحراز أي تقدم في الداخل ترخي بذيولها على أعضاء مجلس الأمن من الأعضاء الدائمين وحتى من الأعضاء غير الدائمين. وما يثيره الحزب أخيراً على الحدود لا يسهّل الوضع بالنسبة الى لبنان. كما أن إيفاد وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الى نيويورك ليقوم بمساعٍ في هذا الإطار يبدو أقرب الى إظهار النية في تثبيت الحضور من جهة وتبرئة ذمّة بعض القوى السياسية إزاء “حزب الله ” باعتبار أن المسألة تدخل في سياق العلاقات الداخلية معه والاستقواء الذي يمارسه ويفرضه على السلطة، فيما غابت هذه الاخيرة ممثلة بالحكومة وبوزارة الخارجية تحديداً العام الماضي، بغضّ النظر عن احتمال نجاح المساعي التي تنويها هذه السنة من عدمه على رغم الآمال الضعيفة جداً في هذا الإطار.

الاعتبار الثاني يتصل بواقع أن أعضاء مجلس الأمن يسيرون بتؤدة وبطء ومن دون استفزاز علني وصريح في اتجاه منع “حزب الله” من تنفيذ مخططاته في الجنوب أو تضييق هامشه لمصلحة إعطاء الدولة هامش تنفيذ التزاماتها وفقاً للقرار 1701 فيما يعجز لبنان الرسمي عن ذلك. والعودة عما أقر العام الماضي تبدو صعبة في هذا السياق باعتبار أن الحزب هو من استاء من التعديل الذي طرأ وإعطاء اليونيفيل حق تنفيذ ما تنصّ عليه مهامها ولا سيما في مناطق سيطرة الحزب. والجيش اللبناني لا يزال مفتقداً للقدرات لدعم تحرّك القوة الدولية بالعناصر التي يلزم وجودها إذ لم يتغير وضعه بين العام الماضي والسنة الحالية بما لا يترك آمالاً كبيرة بالتجاوب مع ما يريده لبنان أي مرافقة دائمة للقوة الدولية في الجنوب. هناك طبعاً روسيا التي تقف حائلاً دون التضييق على أي تحرّك لـ” حزب الله” في ظل دعمها الصريح له وخلافها مع الأعضاء الدائمين على الواقع الذي يمثله الحزب، وتنضم إليها الصين غالباً.

وهذه النقطة تنقل المسألة الى الاعتبار الثالث انطلاقاً من الفيتو الذي استخدمته روسيا في وجه قرار لمجلس الأمن عن استكمال المساعدات الأممية لسوريا عبر الحدود السورية والمعابر التي فُتحت بعد الزلزال الذي وقع في تركيا وأصاب مناطق سورية بأضرار بالغة، من دون موافقة الحكومة السورية، إذ فشل المجلس في 11 تموز الجاري في إعادة تفويض آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية، التي انتهت صلاحيتها في 10 تموز والتي كانت قد سمحت بإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا من تركيا دون الحاجة إلى موافقة الحكومة السورية. وذلك فيما وجّه السفير السوري مذكرة شفوية إلى رئيس مجلس الأمن، يعلن فيها قرار الحكومة السورية منح الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة الإذن باستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات الإنسانية. تقديم المساعدات للمدنيين المحتاجين في شمال غرب سوريا لكن “بالتعاون والتنسيق الكاملين مع الحكومة السورية”، لمدة ستة أشهر، تبدأ من 13 تموز 2023. وشدد على أنه لا ينبغي للأمم المتحدة وممثليها وموظفيها التواصل مع “التنظيمات الإرهابية” إلى جانب “الجماعات والكيانات الإدارية غير الشرعية التابعة لها في شمال غرب سوريا”. وجدّد مطالبة الحكومة السورية بالسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري بالإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية وتسهيل توزيعها في “مناطق سيطرة التنظيمات المعارضة”. وهو ما ردت عليه الأمم المتحدة بأن المذكرة السورية تضمّنت شرطين غير مقبولين: أن لا تتواصل الأمم المتحدة مع الكيانات المصنفة على أنها “إرهابية”، وأن اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري يجب أن يشرفا ويسهّلا توزيع المساعدات الإنسانية في شمال غرب سوريا.

وهذا الفيتو لروسيا، المعرقل لقرار مجلس الأمن يمكن أن يؤثر لاحقاً في التجاذب في مجلس الأمن حول التمديد للقوة الدولية لليونيفيل من حيث إتاحة فتح باب أي تعديل أو العودة الى القرار في صيغته السابقة ولا سيما في ظل احتمال أو توقع دخول روسي على الخط في هذا الإطار، حتى لو لم يستخدم الفيتو في هذه الحال.