• تلفزيون لبنان الرسمي يعيش على التسول والمساعدات

• تلفزيون لبنان الرسمي يعيش على التسول والمساعدات

كان الله في عون موظفي تلفزيون لبنان الرسمي (تلفزيون الدولة) ، ذلك أن مصيرهم ووجودهم في المحطة التي يفترض أن تكون موضع ضمان واستقرار لهم ولمستقبلهم وشيخوختهم ، هو على "كف عفريت"، من منطلق ان مصير التلفزيون نفسه غير مضمون ولا مستقر ، نتيجة الأوضاع والأزمات المالية التي يعانيها ، والتي هي انعكاس تلقائي لأحوال البلد بكافة مؤسساته المهترئة ، نتيجة سوء ادارة الحكم للبلاد وما ينجم عن ذلك منذ سنوات بعيدة من تراكم في سياسة الفساد والنهب والسرقات!! 

   ولا يخفى على كثيرين لجوء موظفي تلفزيون لبنان ، والمصنّف الأخير بين سائر المحطات "الخاصة" الأخرى، الى الاضراب بسبب غياب الحلول الجذرية لمشكلاتهم المالية، رغم الوعود الكاذبة التي يتعهد بها من يديرون المحطة بالإنابة منذ نحو 11 عاماً بسبب عدم إنتخاب رئيس مجلس ادارة أصيل نتيجة الانقسام السياسي والحزبي .. علماً بأن الشاشة الرسمية المتعفنة اليوم ، والتي لا يتابع برامجها سوى اقلية وبالصدفة، هي التي صنعت العصر الذهبي للإعلام والدراما اللبنانيين . ودائماً يتقاذف المسؤولون اللبنانيون الاتهامات والمسؤوليات عن المآل الذي وصلته الشاشة الرسمية، دون الاعتراف بفشلهم وعجزهم عن إيجاد حلول جذرية للمشكلة .. وكيف بامكان الفاشلين والطارئيين على زمام الأمور ، والذين جيء بهم بالواسطات السياسية والحزبية، أن يحلوا اي مشكلة ليست من إختصاصهم أصلاً ، حتى ولو وجدت النوايا إفتراضياً؟!!

   لأجل كل ذلك، يعيش الموظفون في السنوات الأخيرة هاجس أن يتوقف تلفزيون لبنان الرسمي عن العمل في أي ساعة ، وتحت اي ضغط او أسباب .. حتى ولو ارتضوا بالرواتب الزهيدة التي يتقاضونها منذ بدء الأزمة المالية التي اطاحت بقيمة العملة المحلية وبعد انهيار مؤسسات الدولة ، ما جعل من التلفزيون نزيل "غرفة الانعاش" ، وهي المرحلة الانتقالية التي تسبق إعلان "وفاته" .. رغم "تطمينات وزير الاعلام زياد مكاري "المخدّرة" بأن حلول الأزمة على الطريق ، وان لا نيّة لدى الدولة لإغلاق التلفزيون!! 

   إلا أن وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال الحالية، والذي سيرحل عن كرسيه فور تشكيل حكومة جديدة فلا يعود مسؤولاً عن كلامه ووعوده ، هو نفسه من يعترف اليوم بأن تلفزيون لبنان ومئات الموظفين فيه يعيشون على ما يشبه "التبرعات" و"الهبات" التي يجود بها بعض الأطراف والمؤسسات والجهات المانحة، بعد أن كانت المحطة التي تأسست عام 1959، "درّة" المحطات العربية ، قبل أن تبدأ في لفظ أنفاسها بإنتظار اعلان "وفاتها "رسمياً.. 

   وبالعودة الى كلام الوزير المشار إليه ، فقد اعترف بعضمة لسانه في تصريح الى صحيفة "الأخبار" ، بأن "تلفزيون لبنان" يعيش على الهبات المالية التي يتلقاها من بعض الجهات ، وتستثمر في معالجة المشكلات التقنية التي تعانيها القناة. وأعلن مكاري أن تلك الهبات المالية أثمرت حالياً عن ترميم استديو البرامج في منطقة تلّة الخياط (بيروت) الذي تُصوّر فيه غالبية المشاريع التلفزيونية التي تبثها الشاشة المحلية. ولفت وزير الإعلام إلى أنّ هناك هبة أخرى ستُستثمر قريباً لإعادة ترميم استديوات التلفزيون في منطقة الحازمية التي شهدت أهم حقبات لبنان السياسية والإنتاجية والدرامية والفنية، قائلاً: "لدينا مجموعة من الهبات المالية التي نبحث في أمرها. الدولة لا تستطيع إعادة ترميم الاستديوات، لذلك، ستُستثمر الهبات في نفضة الاستديوات من جميع النواحي التقنية واللوجستية".

   وحسب "الأخبار"، ان الوضع الحالي في التلفزيون الرسمي ، "هادئ ويسير على ما يرام!"، وان الموظفين يستعدون للحصول على حقوقهم المالية المتأخرة خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد تخصيص 16 مليار ليرة لبنانية أُقرّت في آخر جلسة للحكومة المستقيلة". ويؤكّد أن "تلفزيون لبنان" اليوم لا يعمل على منافسة باقي الشاشات المحلية، بل نحاول إبقاءه قدر المستطاع على قيد الحياة، ونحمي الجهاز البشري الذي يعمل فيه". ويختتم مكاري كلامه قائلاً إنّ "الوضع مأساوي في الشاشة، لكنّي أعمل جاهداً على إيجاد حلول للمشكلات التي تعصف بنا".

   ولكن، من يضمن أن وعود الوزير مكاري لا تصب في مفهوم "المسكّنات" ، فلا تلبث أوضاع الموظفين ان تنفجر مجدداً ، وهذه المرة بشكل أكبر واوسع، وتكون نتائجها أكثر مأساوية؟!