هل يلغي الذكاء الاصطناعي الإبداع البشري في عالم الهوت كوتور
أحدث العالم الافتراضي ثورة في عالم الأزياء، ولم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة بل شريك إبداعي في مجال الكوتور. إن انصهار التكنولوجيا بالموضة أدى إلى أسابيع موضة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. حيث استخدم المصممون خوارزميات لتحديد التصاميم الأجمل التي تصلح لعرضها في المجموعات الجديدة. فالذكاء الاصطناعي لا ينفع فقط على خشبة العروض ولا يُعتبر بديلاً للإبداع البشري، بل هو قوة مساندة لتحليل البيانات وتقرير ما يريد المصممون تسليط الضوء عليه، من صيحات وخامات وألوان في التصاميم. لقد أضاف عالم الميتافيرس والمنصات الرقمية الثلاثية الأبعاد، عمقاً جديداً لعالم الموضة، فجسد الذكاء الاصطناعي جسر تواصل بين العالم المحسوس والافتراضي، ولكن ماذا عن الإبداع البشري في عالم الكوتور؟
مؤخراً أطلقت سيريل فورايه أسبوع الموضة AI Fashion Week وهي مالكة استديو AI Creative Studio، في إبريل العام الماضي لأول مرة في نيويورك، وقد شارك المصممون في العروض بشرط تحول التصاميم إلى أزياء واقعية، تعرض للبيع على موقع Revolve للتسوق الإلكتروني. وقد تم استخدام أدوات مبنية على الذكاء الاصطناعي لمساعدة المصممين في اختيار الأقمشة والألوان لتسهيل نجاح مهمتهم. ولكن هذا التطور لم يأتِ من دون تحديات، بدليل الخلافات الناشئة نتيجة تشابك المصالح بين أصحاب الماركات والمكاتب الافتراضية بخصوص الحقوق الحصرية، إذ يبقى السؤال المهم مطروحاً: هل التصاميم التي ينفذها الذكاء الاصطناعي أصلية؟ أم أنها مستوحاة من تصاميم بشرية نفذها الذكاء الاصطناعي بعد تحليل البيانات المعطاة له.
يتصدر المصمم الصيني كزاندر زوو Xander Zhou قائمة المصممين الذين يدمجون الموضة بالذكاء الاصطناعي في مجموعته الرجالية، ضمن أسبوع شنغهاي للموضة، فلقد سعى المصمم إلى إزالة الحدود بين الواقع المعاش والافتراضي ونفذ لوحات فنية على شكل ملابس ذات طابع مستقبلي اي ما نطلق عليه اسم Wearable Art.
تابعي المزيد وقومي معنا بجولة في معرض ستيفن جونز مصمم القبعات الملكية وصانع الأحلام
ومن أبرز الفنانين الرائدين المتكّلين على الذكاء الاصطناعي نجد هارشديب أروا Harshdeep Arora وهو من الفنانين الذين يتعاونون مع مصممين عالميين، لابتكار تصاميم أو ديكور مستوحى من مجموعات أزيائهم، كالديكور المنفذ بطابع الباروك باللون الأزرق الملكي والذهبي لدار ألكسندر مكوين Alexander Mcqueen، وقد حصد إعجاباً هائلاً من متابعيه الذي يبلغ عددهم على إنستغرام ما يقارب 800 ألف. ويتيح هذا الفنان الافتراضي مع غيره نافذة من الإبداع تلتقي فيها التكنولوجيا الذكية مع عالم الموضة، والإبداع ليس فقط في صناعة الملابس بل في الهندسة الداخلية.
ما يجب أن نعرفه أن عالم الذكاء الاصطناعي ليس مرتبطاً بمستقبل الموضة البعيد، بل بالواقع المتحرك والمتلوّن، وما أسابيع الموضة الافتراضية إلا عينة من التعاون الذي سيحصل ما بين العالمين والذي سيبدل مشهد الموضة في العالم. هي شراكة تكرّم الأصالة والإبداع الفني، فمستقبل الهوت كوتور ليس مرتبطاً بالعمل الحرفي وعلى منصات العروض، بل هو موصول بالخوارزميات التي تساعد معرفتها في إنجاح او إفشال الدار. يعمل الذكاء الاصطناعي عبر تحليل الداتا التي تمتلكها الدار فيدرس سلوكيات المستهلك وتغييرات السوق، وردات فعل المتابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتحليل التصاميم وتقديم الملاحظات حول ما يمكنه مساعدة الدار في تحقيق النجاح لمجموعتها المقبلة.
ومن المصممين العالميين الذين يتعاونون مع الذكاء الاصطناعي في مجموعاتهم الجديدة نذكر دار علايا Alaia، وسكياباريللي Schiaparelli التي استعانت بالروبوت المنفذ من هواتف خليوية قديمة في عرضها الراقي للموسم نفسه، وشانيلChanel خاصة في المجموعة المستوحاة من الباليه التي أطلقتها فيرجيني فياردVirginie Viard لصيف 2024 الراقي قبل مغادرتها الدار.
وبدورها تبنت دار ديور استراتيجية تسويق ودراسة السوق بناء على الذكاء الاصطناعي في الوقت الذي طالعتنا دار بالمان Balmain بحملة إعلانية بعنوان Balmain Army التي استعانت فيها الدار بعارضات من العالم الافتراضي. وبدورها عززت ماركات مثل زينيا Zegna تجربة التسوق الإلكتروني والقياس الافتراضي للملابس عبر الذكاء الاصطناعي. كما أطلق متجر H&M تجربة تسوق عصرية من خلال الذكاء الاصطناعي، تتضمن طبع رسوم على القماش بناء على طلب المستهلك، لإطلاق تصاميم منفذة حسب الطلبات التي ترد الدار وتؤمن تجربة فريدة في التسوق أي Customised. ولعل الميزة المهمة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي للدور العالمية تكمن في محاربة التزوير، فلقد تعاونت مجموعة LVMH العملاقة على تطبيق يتيح للمستهلك لدى مسح التصميم عليه التأكد من أصلية المنتج وبأنه غير مزوّر.