ردّ أولي على التصعيد الأميركي: روسيا تحدّث عقيدتها النووية
لندن | حذّرت روسيا، الولايات المتحدة، من أن قرار رئيسها المنتهية ولايته، جو بايدن، السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى لاستهداف الأراضي الروسية، قد يؤدي إلى ردّ نووي، وربّما يدفع موسكو إلى تنفيذ تهديدات سابقة بتزويد دول أخرى بأسلحة بعيدة المدى يمكن استخدامها ضد الغرب. ويبدو أن القرار الأميركي الذي سُرّب عبر وسائل الإعلام المحلية، دخل، أمس، حيّز التنفيذ، مع إقدام كييف على استهداف مقاطعة بريانسك الروسية بصواريخ «أتاكمز» الأميركية، وهو ما عدَّه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، «غير ممكن من دون مساعدة الأميركيين»، معتبراً أنه يشير إلى رغبة الولايات المتحدة في التصعيد.
ومن جهته، لفت الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إلى أن استخدام الصواريخ الغربية غير النووية من قِبَل الجيش الأوكراني ضدّ أراضي الاتحاد الروسي، يمكن، بموجب العقيدة الجديدة التي اعتمدها الرئيس فلاديمير بوتين، أن يستدعي ردّاً نوويّاً. وقال بيسكوف إن «العقيدة النووية الجديدة يجب أن تصبح موضوع تحليل عميق في البلاد وخارجها»، مؤكداً أن موسكو «تعتبر استخدام الأسلحة النووية تدبيراً استثنائياً، ولكن من الواضح أن ثمة حاجة إلى تحديث تلك العقيدة كي تتماشى مع الأوضاع السياسية الحالية».
وكان الرئيس الروسي صادق على عقيدة نووية محدّثة نُشرت تفاصيلها، أمس، على الموقع الرسمي للحكومة، وتضمّنت توسيعاً لقائمة المعايير التي تتطلّب ردّاً نووياً، لتشمل الهجمات المشتركة، أي «العدوان من قِبَل أيّ دولة غير نووية، ولكن بمشاركة أو دعم دولة نووية»، وكذلك في حال وجود تهديد خطير للسيادة الروسية، وإنْ بأسلحة تقليدية. وبموجب العقيدة المحدّثة أيضاً، فإن هجوماً على بيلاروسيا يمكن أن يستدعي بدوره ردّاً نووياً.
هنغاريا: التيار المؤيّد للحرب في الإدارة الأميركية، شنّ هجومه اليائس الأخير على الواقع الجديد، بعد انتصار ترامب
وبالعودة إلى حديث بيسكوف، فهو لفت إلى أن العملية العسكرية في أوكرانيا، تجري في سياق حرب يشنّها الغرب ضدّ روسيا، مضيفاً أن جيش بلاده يراقب عن كثب التقارير في شأن خطط استخدام صواريخ أميركية طويلة المدى في منطقة كورسك الروسية. وذكّر بما قاله الرئيس الروسي، في أيلول الماضي، من أن «استخدام أوكرانيا صواريخ غربية الصنع ضد أهداف روسية، سيعني مشاركة مباشرة لدول الناتو والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهذا سيجعلهم في حالة حرب مع روسيا، ما سيغيّر بشكل كبير جوهر الصراع وطبيعته». وندّد بـ»القرار المتهوّر والخطير الذي يهدف إلى تغيير نوعي في مستوى تورّط الولايات المتحدة في الحرب»، معتبراً أن «إدارة بايدن المنتهية ولايتها تعتزم اتّخاذ خطوات لمواصلة صبّ الزيت على النار، وزيادة تأجيج التوترات في هذا الصراع».
وفيما تمنّى مشرعون روس أن يسعى ترامب إلى إلغاء مفاعيل هذا القرار، فور تولّيه سلطاته الدستورية، فإن صحف لندن قالت إن الحكومة البريطانية، وفي أعقاب خطوة بايدن، تبدو وكأنها بصدد السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخها من طراز «ستورم شادو» التي يبلغ مداها 250 كيلومتراً ضد أهداف داخل روسيا. وبنت الصحف توقعاتها على تلميحات وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، في جلسة مجلس العموم (الإثنين)، حين قال لدى سؤاله عن صواريخ «ستورم شادو»، إن «المملكة المتحدة تدرك أن أوكرانيا بحاجة إلى مساعدة إضافية، وقد سمعتم رئيس الوزراء، وأنا أقول أيضاً إنه ينبغي علينا مضاعفة الدعم لكييف». وكان رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، أبلغ صحافيين، على هامش مشاركته في اجتماعات «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو (البرازيل)، بأنه سيدعو زعماء العالم إلى «مضاعفة الجهود للتأكد من أن أوكرانيا لديها ما تحتاجه - من أسلحة - طالما كان ذلك ضرورياً، لأننا لا نستطيع السماح لبوتين بالفوز في هذه الحرب». كما نقلت الصحف عن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، قوله إن «باريس منفتحة على النظر في إعطاء الضوء الأخضر لاستخدام صواريخها (من طراز سكالب - وهي نسخة من ستورم شادو) لضرب الأراضي الروسية». ووصفت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بدورها، قرار بايدن بأنه «مهمّ جداً في هذه اللحظة، ويؤسَّس عليه»، علماً أن الناطق باسم الحكومة الألمانية كان أكد لتوه تمسُّك برلين بقرارها عدم تزويد نظام كييف بصواريخ «توروس»، التي يصل مداها إلى 500 كيلومتر.
على أن وزير الخارجية الهنغاري، بيتر زيجارتو، اعتبر أن «التيار المؤيّد للحرب - في الإدارة الأميركية - قد شنّ هجومه اليائس الأخير على الواقع الجديد، بعد انتصار ترامب»، وكتب: «إن الصقور الذين أُطيحوا من السلطة يرفضون الإحاطة علماً بإرادة الشعب الأميركي. وهذا ليس فقط غير ديموقراطي، ولكنه خطير جداً أيضاً». وفي ظلّ الجدل المتقدّم، فإن معظم الخبراء العسكريين ما زالوا يستبعدون أن يكون لقرار بايدن تأثير عسكري حاسم على الأرض، ولا سيما أن روسيا احتاطت مبكراً وأبعدت المراكز العسكرية ذات الطبيعة الحساسة خارج نطاق تلك الصواريخ، فضلاً عن الشكوك في توافر مخزونات كافية منها لدى داعمي كييف، في الوقت الذي ستكون فيه لرد فعل روسي محتمل، عواقب مروعة على الجانب الأوكراني.
سعيد محمد