، سوريا تشهد لحظة تاريخية: سقوط نظام الأسد بعد نصف قرن من الحكم الديكتاتوري
خرج آلاف السوريين إلى الشوارع احتفالًا بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، الذي امتد حكم عائلته لأكثر من خمسين عامًا. المشهد غير المسبوق جاء عقب إعلان المعارضة المسلحة السيطرة على العاصمة دمشق وإعلان “تحريرها”، ما أجبر الأسد على الفرار إلى روسيا، حيث حصل على اللجوء السياسي.
انهيار النظام الديكتاتوري
على مدار عقود، اشتهر نظام الأسد بالقمع الشديد والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك تقارير عن الاعتقالات الجماعية، التعذيب، والقتل خارج نطاق القانون. وخلال الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2011 مع الربيع العربي، أصبحت سوريا ساحة للصراعات الدولية، ومرتعًا لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مما أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة شملت نزوح الملايين.
الأحداث الأخيرة التي قادت إلى سقوط النظام
بدأ التحول في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عندما شن تحالف جديد للفصائل المعارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام، هجومًا خاطفًا سيطروا خلاله على حلب، أكبر مدن البلاد. ومع سقوط حماة وحمص، تمكنت قوات المعارضة من تطويق دمشق، حيث أعلنت مساء الأحد “تحرير العاصمة”.
وأظهرت مشاهد بثتها وسائل الإعلام لحظة اقتحام القصر الرئاسي، حيث عُرضت مظاهر البذخ التي عاشها الأسد، إلى جانب إطلاق سراح المئات من المعتقلين في سجون النظام.
من يقود التحالف المعارض؟
التحالف الجديد، المعروف باسم “قيادة العمليات العسكرية”، يضم فصائل متعددة تشمل هيئة تحرير الشام وجماعات أخرى من المعارضة السورية.
ويقود التحالف أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام التي كانت سابقًا مرتبطة بتنظيم القاعدة. ورغم محاولاته تقليل جذوره المتطرفة، إلا أن الهيئة لا تزال مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
وفي أول خطاب له بعد سقوط النظام، تعهد الجولاني بتشكيل حكومة تمثل جميع السوريين، مشيرًا إلى أن المرحلة القادمة ستشهد تشكيل مجلس يُنتخب من قبل الشعب.
بشار الأسد وعهده
بشار الأسد، طبيب العيون الذي درس في لندن، تسلّم السلطة عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد، الذي حكم سوريا منذ عام 1970. خلال عهده، وُثقت انتهاكات واسعة النطاق، منها استخدام الأسلحة الكيماوية، القصف العشوائي، واعتقال آلاف المعارضين.
وكانت واحدة من أبرز الجرائم التي ارتكبها النظام هجومه بغاز السارين على الغوطة عام 2013، والذي أودى بحياة أكثر من 1400 شخص. كما وثّقت منظمات حقوقية إعدامات جماعية وتعذيب وحشي في سجون النظام، مثل سجن صيدنايا سيئ السمعة.
ما التالي؟
رغم الاحتفالات العارمة في المدن السورية، تثار تساؤلات حول ما سيأتي بعد سقوط الأسد. فقد أدى ضعف الجيش السوري وانشغال حلفائه الرئيسيين، روسيا وإيران، إلى فتح المجال أمام المعارضة.
روسيا، المنشغلة بحربها في أوكرانيا، وإيران، التي تواجه تصعيدًا عسكريًا مع إسرائيل، لم تتمكنا من دعم النظام في اللحظات الحرجة.
من جانبه، وصف الرئيس الأميركي جو بايدن هذه اللحظة بأنها “فرصة تاريخية”، لكنه حذر من مخاطر المرحلة الانتقالية، بما في ذلك احتمال تصاعد الصراع بين الجماعات المختلفة.
الاحتفال والمخاوف
تظهر صور الاحتفالات في مختلف المدن السورية، مثل دمشق وحمص وحلب، حيث تجمّع السكان مبتهجين بما وصفوه بـ”الحرية المنتظرة”. لكن مستقبل سوريا يظل غامضًا وسط التحديات الهائلة لإعادة الإعمار، وتوحيد البلاد، وتحقيق الاستقرار السياسي.
رؤية الجولاني
وفي خطابه بعد الانتصار، أكد الجولاني أن “جميع الطوائف” ستكون محمية في سوريا الجديدة. ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة بين الأقليات الدينية التي عانت من اضطهاد الجماعات المتطرفة في الماضي.
المجتمع الدولي يترقب
يظل المشهد السوري محور اهتمام عالمي، مع تركيز الأنظار على كيفية إدارة المعارضة للمرحلة الانتقالية. في الوقت نفسه، يحذر محللون من أن التوترات الإقليمية قد تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار، خاصة في ظل وجود العديد من الأطراف المتنافسة داخل سوريا.
المصدر:اللبنانية