يفتتح وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى ركنا خاصا لفيلسوف الفريكة المفكر والاديب امين الريحاني
عكف وزير الثقافة اللبناني القاضي محمد وسام المرتضى منذ إناطته بمقاليد هذه الوزارة إلى تحويلها من وزارة "عادية" وربما "مهمشة" في نظر البعض ..
وفي حكومة تصريف الأعمال الحالية التي يرأسها محمد نجيب ميقاتي عام ٢٠٢١ .. برزت أسماء عملت بجهدٍ مضاعف و "باللحم الحيّ" رغم ضعف الإمكانات وظروف لبنان والمنطقة .. وكان أبرزهم المرتضى الذي لم يعرف بوجود مبدعٍ في أقصى نقطة من لبنان إلاّ وزاره وقدّم له الدعم .. وهو إدرج عدداً كبير من المعالم الأثرية على لائحة التراث الوطني أو المتاحف اللبنانية ..
وهو إذ أولى مدينة طرابلس شمال البلاد أهمية خاصة مع إعلانها عاصمة للثقافة العربية .. رغم محاولة البعض تهميشها ودمغها بصفات لا تليق بأهلها .. مكث المرتضى فيها ومع القيّمين على الأنشطة على مدى أيام طويلة .. عاملاً على نهضة ثقافية علمية نهضوية تحتاجها ..
وأثرى المناطق باتفاقيات مع دور نشر ومكتبات .. رغم الحملة الإعلامية الشعواء التي طالته بسبب منعه الأفلام التي تروّج "للمثليين" .. وفيها ما "يخالف بمحتواه الآداب والقيم ولا سيما قيمة الأسرة .. ويخالف المبادئ الوجدانية والأخلاقية والإيمانية التي تشكّل الحصن الحصين للمجتمع اللبناني" كما يقول ..
وإلى مواقفه الوطنية الثابتة من التمسّك بالأرض معتبراً أن لبنان مميّز في كل مجالاته .. يركّز المرتضى على الوعي اللبناني والعربي .. ودعم اللغة العربية الأمّ بخطوات من قبل وزارة الثقافة لجهة "إنشاء المجمع الرسمي للغة العربية" ..
رافقنا المرتضى في جولته على بلدة "الفريكة " الوادعة في منطقة المتن الشمالي .. التي تزخر بالكثير من المعالم الأثرية التراثية والسياحية والأدبية والبيئية .. أدرج خلالها "متحف أمين الريحاني" ضمن لائحة المتاحف الوطنية اللبنانية ..
يوم ماراتوني امتد حتى غياب الشمس .. عرفت فيه طرقات البلدة القادومية والضيّقة .. جلبةً من نوعٍ آخر ..
فبيوتاتها القديمة ومتاحفها ودورها الثقافية وأديرتها وكنائسها .. شهدت للمرة الأولى "عجقة" رسمية شعبية جميلة ..
هالة أمين الريحاني في المكان ..
في متحف "فيلسوف الفريكة" و"رائد أدب المهجر" .. أمين الريحاني "ولد في الفريكة .. لبنان .. في ٢٤ تشرين الثاني - نوفمبر ١٨٧٦" .. كان لافتاً تدقيق المرتضى بكل تفصيل ومعلومة .. يحدّق الرجل المؤتمن على الثقافة بكل لوحةٍ وكتاب ومخطوطة وهدية .. تلقاها الراحل من ملوك وأمراء وأدباء .. وهو استمع بشغف المؤتمن على الثقافة لشرح راعي المتحف الدكتور أمين ألبرت الريحاني الوافية .. حاملاً مصباحه الالكتروني الصغير للدلالة بالضوء على المقتنيات المعروضة ..
المنزل الحجري القرميدي دشّن في حفل كبير في ١٩٥٣ .. بعد ١٣ سنة على غياب الريحاني إثر سقوطه عن دراجة هوائية في ١٣ أيلول - سبتمبر ١٩٤٠ ..
دأبت العائلة منذ لحظة الوفاة على تشييد متحف يحوي أعماله، لا بل حشدت في مناسبة افتتاح المتحف الأصدقاء زوجته الأميركية برثا كايس. وقد طلب منها شقيقه ألبرت تمضية فصل الصيف كاملاً في الفريكة .. استغربت الرسامة المعروفة الدعوة على رغم انفصالها عن الريحاني وطلاقهما .. ولكنها حضرت وأمضت الصيف في بلدته وطلبت ان يوضع رمادها بعد موتها قرب ضريحه في "الشاوية" على مدخل" الفريكة" صعوداً لجهة "بيت شباب" ..
يعرّف أمين المتحف الحضور أن طبع كتب للراحل استمر بعد غيابه .. ويتطرق الى رسومات بورتريه للريحاني بريشة جبران خليل جبران ..
٤ نسخ منها معلقة على حائط في المتحف ...لأن الأصلية موجودة في متحف جبران "في بشري" إلى ٧ صور في أميركا ..
انتقل المتحف إلى القاعة المعقودة بالحجر عام ١٩٨٦ التي كانت سابقاً اسطبلا للخيل .. وهو مزوّد بالاضاءة الجيدة والتهوئة لسحب الرطوبة ..
متابعة لأدقّ تفاصيل المخطوطات ..
مقتنيات الريحاني لفتت الجميع .. خاصة الهدايا النفيسة منها .. وتواريخها لفتت وزير الثقافة اللبناني الذي انكب على قراءة تفاصيلها باهتمام .. ومن بينها رسالة هامة من "أمير البيان" شكيب أرسلان .. يصفها فيه بـ "النابغة" و"الحجة على البشر" .. ومعروضات من هدايا رسائل وصور ملوك العرب ..
مؤلفاته العربية والانكليزية عن العرب .. أعماله العربية الكاملة .. الترجمة العبرية لكتاب "ملوك العرب" ..
رسائل وصور ملوك العرب .. الشريف حسين ملك الحجاز .. سيف ومحابر عربية من الملك فيصل .. ملك العراق .. وسيف آخر من أحمد الجابر آل صباح حاكم الكويت ..
الترجمات .. الأطروحات .. المؤلفات التي وضعت عنه .. مجلدات الصحافة العربية والدولية .. وثائق حوله مأخوذة عن الأرشيف الوطني الأميركي في واشنطن .. والمتحف البريطاني .. ومركز الدراسات العلمية في موسكو وسانت بيترسبرغ .. وأرشيف بكركي .. لبنان ..
غطت الأرض سجادتان عجميتان من الملك عبد العزيز .. تمثال برونزي له بازميل النحات اللبناني يوسف الحويك .. وملف مؤتمر الريحاني الدولي الذي عقد في الجامعة الأميركية في واشنطن .. في نيسان - أبريل ٢٠٠٢ ..
أغراض شخصية ..
ولفتنا وجود مكتب الريحاني الخشبي الخاص الذي شحنه من أميركا في ١٩٠٢ .. وطابعة "الكتيلو" بالحرف الأجنبي ومحابر استخدمها للكتابة بالعربية .. سريره .. خزائن ثيابه .. صندوق سفره .. خزانة مراسلاته .. ساعة الحائط .. قبعاته .. سبحة والدته من البابا بنديكتوس الخامس عشر .. أدوات الحلاقة وأشياء أخرى خاصته ..
ويبرز مجموعة من الرسوم بالرصاص والحبر الصيني بريشة الريحاني تتناول .. شخوص شكسبيرية .. كاريكاتور .. وجوه نسائية .. ووجوه عربية .. وتبلغ المجموعة ٦٦ رسماً .. ومنها رسوم كتابه "المحالفة الثلاثية في المملكة الحيوانية"..
واللافت أن المتحف حوى ٢٢ رسماً لوجه الريحاني بريشة فنانين لبنانيين وأميركيين من بينهم يوسف الحويك .. خليل الصليبي .. جبران خليل جبران .. وليم أوبرهارد .. اس. جي. ولف .. مصطفى فروخ .. بيار صادق .. حليم جرداق .. سمير أبي راشد .. رضوان الشهال .. هلن بيل ومارغريت هويت ..
ركن خاص للريحاني في مقر المكتبة الوطنية ..
وبعد أيام افتتح المرتضى ركناً خاصاً لفيلسوف الفريكة المفكر والاديب أمين الريحاني في مقر المكتبة الوطنية - الصنائع ..
وقال في الإفتتاح إن "أمين الريحاني محرّك للوحدة العربية عبر مخزون القيم التي كان يعبّر عنها بقلمه ومواقفه وعبر مؤلفاته التي رفدت العروبة بقوتٍ حضاري وثقافي حريٌّ بنا اليوم ان نتغذى منه ونغذي أجيال لبنان من أصالته وعراقته" ..
كلام المرتضى في حضور رئيس اللجنة الفنية في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الأستاذ مكرم غصوب .. الدكتور أمين البرت الريحاني .. الأديب سليمان بختي .. مديرة دار أنانا للنشر الأستاذة ريتا زيادة .. وحشد من الشخصيات والفعاليات الثقافية والادبية ..
وقال المرتضى .. خطوة متأخرة لكن خير من ألا تأتي أبداً .. تأخير فرضته حرب ضروس شُنَّت على لبنان من قبل أعداء الانسانية وها نحن نرد عليها بإرث حضاري لا تقصفه صواريخ ولا تطاله مدفعية .. إنه تراث كبير من كبار لبنان .. أمين الريحاني الذي تخصص له في المكتبة الوطنية اليوم ما يتذكره به لبنان والعالم العربي لا لسبب إلا لأنه شخصية استثنائية يشهد على فرادتها فلاسفة وادباء وعظماء اعترفوا بما كانت تختزنه مكنونات شخصية الريحاني من قيم ولا سيما ما يمت للوحدة العربية بصلة ومناصرة قضايا العرب والتكاتف في مواجهة التحديات في عالمنا العربي" ..________________ متابعة === عايدة حسيني