روايات متضاربة لاشتباكات الحدود اللبنانية ـ السورية

روايات متضاربة لاشتباكات الحدود اللبنانية ـ السورية


منذ سقوط نظام بشار الأسد في سورية في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، تشهد الحدود اللبنانية ــ السورية خصوصاً في الجهة الشمالية الشرقية للبنان، اشتباكات تشتد حيناً وتخفت في أحيان أخرى، حيث تنتشر في المنطقة قرى سورية الجغرافية، لبنانية السكان، في حوض نهر العاصي، في ريف حمص الجنوبي، تحديداً في ريف مدينة القصير. وتركزت الاشتباكات بين إدارة العمليات العسكرية في سورية ومسلحين لبنانيين لا سيما أمس الخميس، والتي تخللها سقوط قتيل على الأقل وجرحى وتبادل أسرى في قرية حاويك السورية، التي يسكنها لبنانيون، وفي محيطها، وسط تضارب في الروايات حول المتسبب في اندلاع الاشتباكات على غرار ما يجري في كل مرة يتجدد فيها الاقتتال عند الحدود اللبنانية ــ السورية التي كانت ممسوكة بشكل أساسي من قبل حزب الله، منذ تدخله في سورية بين عامي 2011 و2024. مع العلم أن قرية حاويك تضم ألفي شخص ينتمون للطائفتين الشيعية والسنية، لكن العديد منهم لجأوا إلى مناطق أخرى، مثل مخيمات منطقة عرسال في لبنان، خلال الحرب السورية. 

اشتباكات على الحدود اللبنانية ــ السورية

وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية، اليوم الجمعة، أن قصفاً مدفعياً مرفقاً بإطلاق رشاشات ثقيلة تمّ باتجاه بلدة جرماش عند الحدود اللبنانية ــ السورية تحديداً شمالي مدينة الهرمل اللبنانية. كذلك، أفادت الوكالة بسقوط صاروخين في محيط بلدة الكواخ في قضاء الهرمل مصدرهما ريف القصير السورية، وسط أنباء عن إرسال الجيش اللبناني تعزيزات إلى المنطقة. وفي السياق نفسه، ذكر مصدر في إدارة العمليات العسكرية العاملة في منطقة القصير قرب الحدود اللبنانية، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، اليوم أن تعزيزات مستمرة تصل للمناطق الحدودية لضبط الشريط الحدودي مع لبنان لمنع التهريب من الطرفين. وأكد أن الإدارة لن تتهاون مع أي ما يمس من سيادة الدولة السورية أو يهدد أمنها وأمن مواطنيها، ولن تسمح في أن تكون سورية ممراً للتهريب إلى الدول المجاورة. مع العلم أن المناطق الحدودية لجهة لبنان، معروفة بكونها معزولة، وتسمح طبيعتها أيضاً بوجود مطلوبين وبانتشار مسلحين منخرطين في عمليات تهريب عبر الحدود.


علي زعيتر: قوة سمّت نفسها ردع العدوان بدأت هجوماً عشوائياً على حاويك

وحول ما جرى أمس الخميس، كشف الطبيب اللبناني علي زعيتر، الذي قاد وساطة تبادل الأسرى، لـ"العربي الجديد"، أن "قوّة سمت نفسها ردع العدوان، أتت أمس الخميس من شمال وشرق قرية حاويك (الواقعة في سورية وسكانها لبنانيون)، وبدأت بإطلاق النار بشكل عشوائي على القرية، ونتيجة ذلك، قتل شخص من الطائفة السنية وجرح صديقه من الطائفة الشيعية، وقالوا لاحقاً إنهم أخطأوا به". ولفت زعيتر إلى أن "عناصر من إدارة العمليات العسكرية في سورية توجهوا باتجاه بلدة جرماش على الحدود اللبنانية السورية، شمالي الهرمل، حيث يوجد سكان من آل جعفر، ومسلحون مطلوبون للدولتين اللبنانية والسورية، وهؤلاء عند شعورهم بالخطر، وقعت اشتباكات معهم".

وأشار زعيتر إلى أن "هؤلاء المطلوبين أسروا اثنين من إدارة العمليات العسكرية في سورية، إلى جانب قتيل، أحضروهم إلى الهرمل، في المقابل احتجزت عناصر إدارة العمليات 18 شخصاً، بينهم نساء من عائلتي زعيتر والجمل، وطبيب من آل زعيتر، والمختار غسان نون، وتم تبادل الأسرى بعد المفاوضات، وجرى تسليم الإدارة السورية الجديدة الأسرى عن طريق الأمن العام والصليب الأحمر اللبناني، لكن هناك شخصين من آل زعيتر لم نتسلمهما بعد، علماً أن الإدارة السورية تدعي أنهما غير موجودين لديها". ولفت زعيتر إلى أن "هناك وعوداً حصلنا عليها بوقف إطلاق النار والتهدئة ولم نمانع تفتيش القرية (حاويك) ولكن لا داعي لإطلاق النار العشوائي ودهم المنازل ونهب محتوياتها والاعتداء على النساء، وقد فوجئنا اليوم (الجمعة) بأن القصف وإطلاق النار مستمرّ"، مشيراً إلى أننا "على تواصل مستمر مع المسؤولين السوريين من أجل التهدئة، وكذلك الجيش اللبناني أعلن تعزيز انتشاره على الحدود من أجل عدم تفلت الوضع".


اقتصاد عربيالمعابر السورية اللبنانية.. أنبوب أوكسجين اقتصادي تريد إسرائيل قطعه

بدورها، أصدرت عائلات وعشائر وأهالي البقاع الشمالي، بياناً، اليوم الجمعة، اعتبرت فيه أن "ما يجري على حدودنا مع سورية من اعتداءات على أراضينا وعمليات عسكرية وعمليات أسر للمواطنين العزل من قبل عناصر هيئة تحرير الشام، يعيدنا الى حلم الرهان والتمسك مجدداً بخيار الدولة وحمايتها". وناشد البيان المسؤولين اللبنانيين "للتدخل السريع في التواصل مع رئيس الجمهورية السورية أحمد الشرع والقيادة الجديدة، التي كان لبنان أول من باركها عبر اجتماع رسمي وودي ترأسه رئيس (حكومة تصريف الأعمال) نجيب ميقاتي".

ديوان العشائر العربية ينفي

بدوره، نفى الأمين العام لديوان العشائر العربية جهاد عقل المانع، صدور بيان عن الديوان عبر مواقع التواصل الاجتماعي تضمن الإشادة بـ"القيادة السورية الجديدة، ويشدون على يدها في حربها على الكبتاغون على الحدود اللبنانية ــ السورية". وأضاف البيان المزعوم أن العشائر العربية "على أهبة الاستعداد لنصرتهم (هيئة تحرير الشام) بالرجال وكل ما يلزم". وشدّد المانع للوكالة الوطنية للإعلام، على أنه "تمّ اختراق صفحة ديوان العشائر العربية على فيسبوك"، مؤكداً على "حسن العلاقات التي تربطهم بعشائر بعلبك ـ الهرمل ". بدوره أوضح وديع، وهو مواطن لبناني يقطن بالقرب من الحدود السورية فضل عدم ذكر كنيته لـ"العربي الجديد"، أن أصوات إطلاق النار سمعت طيلة ليل الخميس ـ الجمعة، في الأراضي اللبنانية. ولفت إلى أن هذه الأصوات ناجمة عن اشتباكات بين عشائر آل زعيتر وجعفر من جهة وجهاز الأمن العام السوري من جهة أخرى.


مصدر في حاويك: تجار المخدرات اعتدوا على عنصرين من الأمن العام السوري
 
 

من جهتهم أفاد سكان سوريون لـ"العربي الجديد"، بأن "قوات الأمن العام السورية سيطرت على بلدة حاويك، بعد اشتباكات استمرت ليومين مع مجموعات من تجار المخدرات والمهربين المدعومين من حزب الله". وقال مصدر محلي من بلدة حاويك فضل عدم كشف اسمه لـ"العربي الجديد"، أن تجار المخدرات بادروا بإطلاق النار على مجموعات الأمن العام، وأسروا عنصرين منهم واقتادوهم الى الأراضي اللبنانية، حيث جرى الاعتداء عليهما بالضرب، وتصويرهما ونشر الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفع جهاز الأمن العام إلى إرسال تعزيزات كبيرة للمنطقة من بينها دبابات وطائرات شاهين التي تعمل عن طريق التحكم عن بعد. وقال الناشط المدني في مدينة القصير سامر مروان لـ"العربي الجديد"، إن "حاويك أصبحت خلال السنوات الماضية وكراً لكل قطاع الطرق والفارين من القانون في لبنان، الذين اتخذوا من البلدة حصناً لهم، واستخدموا أراضيها في زراعة الحشيش وإنتاج مادة الكبتاغون، التي كانت تصدر الى مختلف لبلدنا العربية