المبعوث الأمريكي: سنطلب من لبنان إجراء مفاوضات سياسية مع إسرائيل

وضع لبنان بأنه بات بين فكَّي كماشة نتيجة التصعيد الأمني على حدوده الجنوبية وحدوده الشرقية وما يمكن أن تؤدي إليه من احتمالات مقلقة بعد معاودة إسرائيل شن الحرب على غزة، في وقت أثمرت الاتصالات بين وزيري الخارجية والدفاع اللبنانيين يوسف رجي وميشال منسى بوزيري الخارجية والدفاع السوريين أسعد الشيباني ومرهف أبو قصرة في احتواء التوتر على جبهة البقاع الشمالي ووقف اطلاق النار وفي دخول وحدات من الجيش اللبناني إلى الجهة اللبنانية من بلدة حوش السيد علي بعد توغل القوات النظامية السورية فيها ومغادرة سكانها اللبنانيين.
ووصل فوج المجوقل إلى مدخل حوش السيد علي، حيث يُحكى عن عملية دقيقة لتحديد الحدود بين البلدين داخل البلدة التي يقع نصفها ضمن الاراض اللبنانية ونصفها الآخر ضمن الاراضي السورية.
وقدّم مختار البلدة، محمد ناصر الدين للجيش اللبناني خريطة توضح حدود البلدة بدقة.
وأكد «أن قوات الإدارة السورية الجديدة توغلت داخل الأراضي اللبنانية لمسافة 5 كيلومترات عند الساعة الثانية فجراً، وواصلت تقدمها صباحاً، مما أدى إلى توسيع نطاق سيطرتها في البلدة».
اتفاق على عودة الأهالي
وأشار إلى «أن هذه القوات قامت بحشد تعزيزات إضافية، وتمكنت من الاستيلاء على المدرسة الرسمية اللبنانية، الأمر الذي أسفر عن تهجير أكثر من 500 عائلة تقطن في المنطقة المعروفة بتحت الساقية، حيث تعرضت منازلهم للاحتراق والنهب خلال العمليات العسكرية».
وفي موقف يناقض الرواية اللبنانية للاشتباكات، العقيد عبد المنعم ضاهر مسؤول اللواء الأول في الفرقة 52 قال في تصريح لـ«القدس العربي» منذ ساعات الصباح الأولى دخلت قوات الجيش السوري إلى البلدات الحدودية بريف القصير، حيث نفذت عمليات تمشط دقيقة في المنطقة.
وأضاف: نحن الآن في بلدة حوش السيد علي، حيث تم تطهير هذه المنطقة من خلايا «حزب الله» المتواجدة والتي كانت تنتشر في هذه المنطقة. وأكد القائد الميداني «العثور على مستودعات من الأسلحة التكتيكية والنوعية، مستودعات للمواد المخدرة في قرى حمص الحدودية».
وتابع: توصلنا لاتفاق مع الأشقاء في الجانب اللبناني، خلال اجتماع ضم قيادات من وزارة الدفاع السورية ونظيرتها اللبنانية، على أن يعود سكان القرى المحليين إلى بيوتهم في هذه القرى التي أصبحت آمنة.
وقال المكتب الإعلامي في وزارة الدفاع السورية: اتفاق بين الوزارة ونظيرتها اللبنانية ينص على وقف إطلاق النار على الحدود وتعزيز التنسيق والتعاون بين الجانبين. وعلى صعيد المواقف، أدان المجلس الإسلامي السوري في بيان اعتداء مجموعات تابعة لحزب الله اللبناني على قرى سورية، والاعتداء الإسرائيلي على درعا.
وقد حضرت الاوضاع على الحدود الشرقية والجنوبية في اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائبه رئيس الياس بوصعب الذي رأى «أن الوضع غير مطمئن أبداً، وهذا محط متابعة كبيرة من قبل رئيس الجمهورية والرئيس بري ورئيس مجلس الوزراء لكي نرى كيف يمكن أن نصل إلى مكان نعرف من خلاله كيف يمكن أن تنتهي هذه الأمور التي نمر بها والتي تشكل خطراً كبيراً على الإستقرار بلبنان».
وقال «كان هناك كلام بهذا الإتجاه وضرورة متابعة هذا الملف لأن ما يحصل ليس بريئاً، ما يحصل يجب ان يعرف خطورته كل اللبنانيين وكل اللبنانيين يجب أن يدركوا أهمية الإلتفاف على بعضنا البعض ونكون يداً واحدة لكي نستطيع أن نواجه ونحمي وحدة لبنان وسيادته».
في غضون ذلك، استغربت أوساط في «القوات اللبنانية» استمرار الفلتان على الحدود اللبنانية السورية، واعتبرت «أن لا مبرر لاستمرار هذا الوضع في ظل رغبة لبنان وسوريا في ضبط الأوضاع الحدودية».
احتواء للتصعيد على الحدود السورية والجيش اللبناني يدخل إلى حوش السيد
وقالت «إذا كانت السلطة السابقة تشكل جزءاً لا يتجزأ من محور الممانعة، واذا كانت الحدود في المرحلة السابقة وهمية وشكلية في ظل محور ممانع ألغى الحدود تنفيذاً لمشروعه السياسي وكان يمنع أي ترسيم، فقد أصبح من الواجب الوطني الترسيم وإعادة الاعتبار للحدود بنقلها من شكلية إلى فعلية وضبطها بشكل تام وكامل».
وقد عبّر عن هذه الأجواء رئيس «حركة التغيير» بعد زيارته رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، حيث رأى «أن تلطيف وتجميل الورطة التي زجّنا بها «حزب الله» لا يفيد، باعتبار أن هذه الجماعة تسببت باستجلاب الاحتلال» وقال: «قبل القرار غير المسؤول بالتورط في حرب فلسطين وقبل التورط في الحرب دفاعاً عن بشار الأسد كنا في أمان، وقبل التدخل في الدول العربية أمنياً وتهريباً وتخريباً كانت علاقاتنا بالخارج في أمان».
محفوض: استجلاب الاحتلال
ولفت إلى «أن الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أطل كالعادة بشعارات رنانة دمّرت أولاً الطائفة الشيعية» مستغرباً «كيف أن الشيخ قاسم اتهم وزير الخارجية والمغتربين جو رجي بالعدو، في الوقت الذي كنا نعتقد أن عدوه هو وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر».
وتوجّه إليه بالقول «يا شيخ نعيم، انت وميليشياتك أعدتم الاحتلال إلى الجنوب وتسببتم بالدمار، أنتم مصرّون على تشويه صورة لبنان كون مشروعكم لا يتوافق مع الجمهورية اللبنانية، ولطالما أقررت بأنك مع الطائف وتقف خلف الدولة والجيش اللبناني، فالأجدى بك حل جناحك العسكري، والانتظام تحت سقف القانون كجميع اللبنانيين.
أنت وجماعتك مصنفّون كمنظمة خارجة عن القانون المحلي والدولي، وهذا بتوصيف قانون العقوبات بمواده 270 و301 و322، الذي سمى وضعيتكم بالعصابات المسلحة وجمعيات الأشرار، وانطلاقاً من هنا، كونوا حزباً سياسياً وليس كما وصفكم هذا القانون».
وأعرب محفوض «عن تخوفه على لبنان، إذ لم تعالج حتى الآن أزمة استمرار ميليشيا مسلحة عميلة لدولة أجنبية، ولا سيما أن هذه الأزمة لا تقتصر على نزع السلاح فحسب، بل تتعدى ذلك إلى استعادة الدولة رقابتها وسيطرتها على قطاعات صادرتها هذه الميليشيا كشبكة الاتصالات» مؤكداً أنه «حان الوقت لحلول الشرعي مكان اللاشرعي» داعياً «الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ سلسلة من القرارات من أجل تحصين لبنان واستعادة سيادته الكاملة».
وختم «هذا الأمر لن يتم إلا من خلال تطويع عسكريين مع توفير رواتب وتقديمات اجتماعية لائقة وتؤمّن العيش الكريم، بغية انتشار واسع للوحدات العسكرية على الحدود، بالإضافة إلى ترانسفير فوري للسوريين الموجودين بشكل غير شرعي في لبنان، فضلاً عن متابعة ملف تفجير مرفأ بيروت، وتأمين الحماية والغطاء للمحقق العدلي من دون حصانات وحمايات».
جنوباً، لا تتوقف قوات الاحتلال الإسرائيلي عن محاولات استدراج التصعيد المتجدد على لبنان في ظل إصرار الدولة اللبنانية على الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وعدم تقديم أي ذرائع تتيح لتل أبيب توسيع عدوانها كما يحصل في غزة.
وكان لافتاً ما نُقل عن المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف حول أنه سيتم الطلب من لبنان التوجه إلى مفاوضات سياسية مباشرة وجهاً لوجه مع إسرائيل وتكليف شخصية مدنية هذه المهمة، على أن يمثل تل أبيب وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر.
وحسب الأنباء يعبّر ويتكوف عن عدم رضى الادارة الامريكية عن أداء المسؤولين اللبنانيين في التعامل مع «حزب الله» وتشديد بلاده على رفض هذه الطريقة من الالتفاف وتدوير الزوايا التي لم تحقق المطلوب.
ويأتي كلامه ليكمل ما سبق وأعلنته الموفدة الامريكية مورغان أورتاغوس عن تشكيل ثلاث مجموعات دبلوماسية للتفاوض بين لبنان وإسرائيل لحل قضايا عالقة.
وكانت الحكومة اللبنانية في جلستها ما قبل الأخيرة شهدت مطالبة من وزراء القوات اللبنانية ومن وزير الكتائب بوضع برنامج زمني لتسليم سلاح «حزب الله» إلا أن رئيس الجمهورية العماد جوزف عون اعتبر أنه ليس بهذه الطريقة تعالج الامور، فيما لم توافق وزيرة البيئة تمارا الزين على وضع مثل هذه الروزنامة لأن السياسية رهن الظروف» مضيفة «لا يمكن وضع مثل هذه الروزنامة ونحن لا نعرف اذا كان الجيش الإسرائيلي سيخرج من النقاط الخمس أم لا».
وقد علّق عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص على حديث وزيرة البيئة قائلاً: «بعد نائب رئيس الحكومة، ها هي وزيرة البيئة تمارا الزين تدلي بتصريحات مناقضة لمضمون البيان الوزاري ولخطاب القسم بشأن سلاح» الحزب».
ان الثقة التي أعطيت للحكومة مشروطة بالالتزام ببيانها الوزاري، والمطلوب اليوم إما توضيح رسمي من رئيس الحكومة نواف سلام حول تصريحات وزرائه، وإما جلسة مناقشة عامة عاجلة في المجلس النيابي قبل استفحال الشطط» وختم «أما عن التضامن الوزاري، فحدّث ولا حرج».
واعتبر الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد «أن كلام المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف المتعلق بربط المساعدات المرتقبة للبنان لإعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي، بفتح مسار تفاوضي مباشر بين لبنان والكيان الغاصب، كما وتأكيده بقاء جيش الاحتلال في التلال الخمس وعدم الانسحاب منها، هو تأكيد جديد على الانحياز الأمريكي الصارخ لإسرائيل وضغط وابتزاز امريكي مكشوف لفرض سلام الاذعان والاستسلام على لبنان».
سعد: ابتزاز أمريكي
وأكد «أن استئناف العدو لحربه على قطاع غزة واستمرار عدوانه اليومي على الضفة الغربية وجنوب لبنان والجنوب السوري، إنما يؤكد حقيقة المشروع الصهيوني بوصفه الأداة الأمريكية لتطويع قوى التحرر في المنطقة وانهائها وفرض خيارات الاستسلام على العرب جميعاً، سواء بالقتل والتهجير والاقتلاع أو عبر اتفاقيات التطبيع الابراهيمية وغيرها، خدمة للمصالح الامريكية وتمكيناً للكيان الصهيوني كقوة عظمى وسط عالم عربي متهالك».
وختم سعد «بدعوة كل القوى الوطنية والقومية إلى التنبه لخطورة المشروع الأمريكي الصهيوني وإلى تدارس الخيارات الثورية والكفاحية المتاحة للتصدي لهذه المشاريع الخطيرة، كما ودعوة الجامعة العربية للتأسيس على مخرجات اجتماعها الأخير في القاهرة والتوجه بموقف عربي موحد إزاء هذه المشاريع والمخططات الخطيرة التي تؤسس لتغيير خرائط منطقتنا العربية بما يخدم المشروع الصهيوني وتوجهاته التوسعية والاستيطانية».