اسرائيل وذريعة حماية الأقليات: بين الطموح التوسعي والعجز العربي

اسرائيل وذريعة حماية الأقليات: بين الطموح التوسعي والعجز العربي

بقلم خورشيد الحسين


في خضم التحولات الجيوسياسية المتسارعة في الإقليم، توائم إسرائيل بين طموحاتها التاريخية في التوسع وبين قدرتها على إعادة تشكيل تركيبة المشهد الجيوسياسي في غزة والضفة الغربية ولبنان، بل وفي العمق السوري أيضًا. هذه المواءمة ليست جديدة، لكنها اليوم تتخذ طابعًا أكثر جرأة واستثمارًا في حالة التفتت التي تضرب العالم العربي، وحالة العجز التي تخيم على صناع القرار فيه.


الجنون الإسرائيلي في العدوان والتوسع لا يقابله اليوم سوى عجز عربي متمادٍ، يكتفي في أغلب الأحيان بمواقف إنشائية لا تتجاوز بيانات التنديد والاستنكار. إسرائيل لم تعد تخشى ردود الفعل الرسمية العربية، بل باتت تراهن على شللها، مستندة إلى منظومة من التحالفات الدولية والوظيفية التي تحصّن عدوانها، وتغلف جرائمها بغلاف "الشرعية" و"الدفاع عن النفس".


من أكثر الذرائع التي باتت تلجأ إليها دولة الاحتلال اليوم ما يسمى بـ"دعم الأقليات وحمايتها"، وهي حجة تبدو للوهلة الأولى إنسانية، لكنها في حقيقتها نغمة شاذة تخفي وراءها وحشية وعدوانية راسخة في سلوك دولة مارقة. تحت هذه الذريعة، دعمت إسرائيل انفصاليين، وروجت لحروب أهلية، وأشعلت صراعات طائفية في أكثر من بلد عربي، لا سيما في سوريا ولبنان. فالغاية الإسرائيلية لم تكن يومًا حماية أحد، بل تفكيك البنى الوطنية من الداخل، عبر ضرب المكونات ببعضها، وتكريس التبعثر الطائفي والعرقي.


المطلب الأسمى اليوم، وقد انكشفت أوراق اللعبة، أن نعيد التركيز على سوريا ولبنان تحديدًا، فالأول ما زال يترنح تحت وطأة الصراع الداخلي والتدخلات الأجنبية، والثاني بات ساحة مفتوحة أمام الاختراقات الإسرائيلية، خاصة مع وجود أدوات التفجير ذاتها: الطائفية، التبعية، والسلاح المنفلت.


إن ما هو مطلوب اليوم من الدول العربية ليس مزيدًا من الصمت أو المواقف الشكلية، بل موقفًا موحدًا وشجاعًا يخرج عن المألوف، يرتقي إلى مستوى التحدي، ويضع حدًا لهذا النزيف المزمن. موقف لا يكتفي بالخطاب، بل يتجه إلى الفعل، وإلى تحصين الداخل العربي، وقطع الطريق أمام من يتخذ من الأقليات ذريعة لتفكيك الكيانات الوطنية وتحويلها إلى كانتونات هشة تخدم أجندة المحتل