انعقاد المؤتمر الدّوليّ لمركز الدّراسات والأبحاث التّربويّة في كلّيّة التّربية - "اللّبنانيّة" السبت 21 حزيران

انعقد المؤتمر السّنويّ الدّوليّ لمركز الدّراسات والأبحاث التّربويّة، برعاية رئيس الجامعة اللّبنانيّة البروفسور بسّام بدران ممثلاً بعميد الكلّيّة البروفسور خليل الجمّال، وبمشاركة واسعة من الباحثين والخبراء التّربويّين من مختلف الجامعات اللّبنانيّة والعربيّة، وذلك في الإدارة المركزيّة للجامعة في اليوم الاول، وفي عمادة كلّيّة التّربية في اليوم الثاني.
استُهلّ المؤتمر بالنّشيد الوطنيّ ونشيد الجامعة اللّبنانية، وقد أدّاهما طلاّب التّربية الموسيقيّة في كلّيّة التّربية تحت إشراف وتدريب عريفة المؤتمر الدّكتورة ماري أبو جودة. تلت ذلك كلمات لكلّ من رئيسة مركز الدّراسات والأبحاث التّربوية البروفسورة إيمان خليل، وعميد كلّيّة التّربية في "اللّبنانيّة" البروفسور خليل الجمّال.
في كلمتها الافتتاحيّة، شدّدت خليل على أنّ "البحث العلميّ ليس شعارًا، بل ركيزةً أساسيّة لأيّ سياسة تربويّة عقلانيّة عادلة ومستدامة". واستشهدت بتجارب دوليّة ناجحة في فنلندا وكندا، "حيث تؤدّي الشّراكات المؤسّسيّة بين الأكاديميا وصنّاع السّياسات دورًا محوريًّا في تطوير التّعليم"، مشيرةً في الوقت عينه إلى "التّحدًيات الّتي ما زالت تواجه الرّبط بين المعرفة والسّياسات حتّى في الدّول المتقدّمة".
وأكّدت أنّ "لبنان يزخر بباحثين تربويّين فاعلين داخل الوطن وخارجه، وأنّ التّفاعل مطلوب بين كلّيّات التّربية لتشكيل أرضيّة واعدة لمنظومات تعليميّة أكثر شراكة"، لافتة إلى أنّ "كلّية التّربية في الجامعة اللّبنانيّة، بفضل قيادة منفتحة ومؤمنة بدور البحث، وفّرت مناخًا حاضنًا ينسجم مع التوجّهات الجامعيّة الوطنيّة والعالميّة، لا سيّما من خلال دعمها المستمرّ لمركز الدّراسات والأبحاث التّربويّة".
وسلّطت الضّوء على تجربة "ثينك تانك البحث التربويّ الوطنيّ" في المركز التربويّ للبحوث والإنماء، كمبادرة نوعيّة تعكس هذا التّوجّه"، مؤكدة "أهمّيّة خروج المؤتمر بتوصيات عمليّة قابلة للتّطبيق".
أمّا الجمّال الّذي مثّل رئيس الجامعة اللّبنانيّة في المؤتمر، فنقل في بداية كلمته تحيّات الرّئيس الّذي يتمنّى للمؤتمر كلّ التّوفيق والنّجاح، وشكر العميد رئيسة مركز الدّراسات والأبحاث التّربويّة وأعضاء الهيئة العلميّة للمركز وأعضاء اللّجنتين العلميّة والتّنظيميّة للمؤتمر، كما شكر الفرقة الموسيقيّة الّتي تضمّ طلاّب التّربية الموسيقيّة في الكلّيّة، وكلّ من ساهم في تنظيم المؤتمر. ووجّه العميد تحيّة تقدير إلى الباحثين المشاركين في المؤتمر وإلى الأساتذة المحاضرين في الجلسة الافتتاحيّة كما في إدارة الجلسات.
وقال : "يُعَدُّ البحث العلميّ أساسًا لتطوير السّياسات والتّشريعات ورسم الخطط الاستراتيجيّة التّربويّة بما يؤدّي إلى زيادة فعاليّة النّظام التّربويّ، وبالتّالي المساهمة في تنمية المجتمع وتطوّره،.لكنّ المشكلة هي حين لا ندرك أهمّيّة توظيف أو كيفيّة توظيف البحث العلميّ في رسم السّياسات والخطط التّربويّة، وفي أنّنا حين نعي هذه الأهمّيّة نستمرّ في صياغة السّياسات وفي وضع الخطط، عن سابق تصوّر وتصميم، بمعزل عن نتائج الأبحاث والدّراسات العلميّة وتوصياتها.".
وفي هذا الإطار، تساءل العميد الجمّال: "هل تقتصر المشكلة على ذلك؟ وأجاب: "بالطّبع لا، فأنا أعتقد، ومن دون تعميم، أنّ هناك مشكلة على مستوى جودة البحث العلميّ. وأنّه لا فائدة من الأبحاث عندما تكون عبارة عن أعمال وصفيّة وسطحيّة، أو عندما تكون نتائجها وتوصياتها عبارة عن عموميّات صالحة لكلّ زمان ومكان، فلا تساهم هذه الأبحاث فعلاً، في رسم السّياسات وصنع القرارات، أو في تطوير المعارف والنّظريّات التّربوية".
وختم العميد الجمّال كلمته آملًا من المؤتمر "معالجة إشكاليّة تحسين جودة البحث العلميّ، ومأسسته وجعله دعامة لرسم السّياسات والخطط التّربويّة الهادفة إلى زيادة فعاليّة النّظام التّربويّ، وبالتّالي تنمية المجتمع وتطويره، وأن تكون هذه المعالجة من مقاربات مختلفة".
بعد إلقاء الكلمات، انطلقت الجلسة الافتتاحيّة بعنوان "من البحث إلى القرار: نحو شراكة فعليّة بين البحث العلميّ وصناعة القرار"، أدارتها عميدة كلّيّة إعداد المعلّمين في جامعة المقاصد، البروفسورة إيمان أسطا، وشارك فيها كلّ من رئيسة المركز التّربويّ للبحوث والإنماء البروفسورة هيام إسحق ممثّلةً بالدّكتور ريمون بو نادر، مستشار العميد لشؤون الهيئة التّعليميّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت والبروفسور صوما بو جودة، مندوب رئيس جامعة القدّيس يوسف لشؤون التّنمية المهنيّة البروفسور فادي الحاج،، رئيس مركز البحوث التّطبيقيّة في التّربية في جامعة سيّدة اللويزة البروفسور كمال أبو شديد،
وقد امتدّت أعمال المؤتمر على مدى يومين، وتوزّعت خلالها الأوراق البحثيّة على اثنتي عشرة جلسة علميّة متزامنة، أدارها أساتذة جامعيّون من مختلف الجامعات اللّبنانيّة، وشارك فيها باحثون من مؤسّسات تعليميّة محليّة وعربيّة. فخُصّص اليوم الأوّل لستّ جلسات علميّة ترأّسها كلّ من الدّكتور صوما بو جودة من الجامعة الأميركيّة في بيروت، والدّكتورة غانيا زغيب من جامعة البلمند، والدّكتورة إيفا هاشم من جامعة الرّوح القدس - الكسليك، والدّكتور وليد حمّود من جامعة العلوم والآداب اللّبنانيّة، والدكتورة ريما بحوث من الجامعة اللّبنانيّة الأميركيّة، والدّكتور حسان خشفة من الجامعة اللّبنانية الدّوليّة.
وتنوّعت الأوراق البحثّيّة الّتي قُدّمت خلال هذه الجلسات، إذ تناولت قضايا تتعلّق بتحدّيات توظيف البحث العلميّ في صنع القرار التّربويّ، وبدور الجامعات ومراكز الأبحاث في تطوير السياسات، وبتكامل التّخصّصات الأكّاديميّة من أجل استدامة التّعليم، إلى جانب إمكانات توظيف التّكنولوجيا والذّكاء الاصطناعيّ في تحليل البيانات التّربويّة وتطوير القرارات.
أما اليوم الثّاني، فقد خُصّص لأبحاث طلاّب الماستر البحثيّ في كلّيّة التّربية، حيث عُقدت ستّ جلسات أدارها أعضاء الهيئة العلميّة في مركز الدّراسات والأبحاث التّربويّة، وهم الدّكاترة آسيا المهتار، ماري أبو جودة، بولا أبو طايع، رندا النّابلسي، رنى دبج، ومريم رعد، وقد أظهرت الأبحاث المقدّمة جديّة علميّة واعدة ومواكبة للتّحدّيات المعاصرة في الحقل التّربويّ.
وفي ختام أعمال المؤتمر، تمّ عرض التّوصيات النّهائيّة من قبل الدّكتورة آسيا المهتار والدّكتورة رنى دبج، باسم الهيئة العلميّة للمركز. وقد ركّزت التّوصيات على ضرورة تحويل نتائج البحوث إلى سياسات تربويّة قابلة للتّطبيق، من خلال إنشاء وحدات وسيطة للمعرفة داخل المؤسّسات، وتبنّي آليّات تمويل مشروطة بإنتاج مخرجات مخصّصة لصنّاع القرار، وتعزيز التّعاون المؤسّسيّ بين الجامعات والجهات الرّسميّة، ودعم البحوث المتعدّدة التّخصّصات، فضلًا عن توظيف أدوات الذّكاء الاصطناعيّ في تحليل البيانات التّربويّة. كما أوصى المؤتمر بتشكيل لجنة متابعة لتفعيل هذه التّوصيات، إلى جانب إعداد تقرير ختاميّ موجّه إلى الجهات المعنيّة، يشكّل مرجعًا عمليًّا لربط البحث التّربويّ بصناعة السّياسات.