بعد جدل حذف أغاني أحمد عامر.. هل الغناء حلال أم حرام؟

بعد جدل حذف أغاني أحمد عامر.. هل الغناء حلال أم حرام؟


   إشتعل الجدل من جديد حول حكم الأغاني والغناء بعد وفاة المطرب أحمد عامر ومبادرات عدد من زملائه المطربين بحذف أغانيه ومطالبتهم لشركات الإنتاج والجمهور بحذفها.

  ولم يتناول الخلاف طبيعة هذه الأغاني، هل هي أغانٍ جيدة أم سيئة وهل يمكن أن يكون هناك نوع من الغناء حرام وآخر حلال، أم أن الحكم على هذا الفن حكم مطلق بصرف النظر عن جودته أو أهدافه وطبيعته.

   الجديد فى الجدل الدائر حالياً أنه لم يشتعل بسبب فتوى أو رأي أحد الدعاة أو المشايخ، لكن أشعله عدد من المطربين الذين طالبوا بحذف أغاني زميلهم بالرغم من أنهم هم أنفسهم لا يزالون يغنون نفس النوعية من الأغاني التي طالبوا بحذفها.

   ومع هذا الجدل يصبح من المفيد أن نستعرض آراء عدد من كبار المشايخ والعلماء حول حكم الغناء والأغاني، وهل هي حرام على إطلاقها أم أن هذا يتوقف على طبيعة الغناء نفسه.

   ياسمين الخيام ابنة شيخ المقرئين تغنى بفتوى من الإمام الأكبر عبد الحليم محمود، وفي هذا التقرير نستعرض ما قاله الشيخان محمد الغزالي وعبد الحليم محمود للفنانة ياسمين الخيام عند احترافها للغناء، وفق ما كشفته الفنانة المعتزلة في حوار سابق لليوم السابع.

   أوضحت ياسمين أنه لم يكن قرار احترافها الغناء سهلا، كان من أكثر القرارات التي أثارت الجدل والاختلاف وأحيانا الغضب، فهي ابنة شيخ المقرئين الشيخ محمود خليل الحصري، لذلك تعرضت للكثير من هجوم المتشددين، ولكن كان للشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق والشيخ محمد الغزالي آراء أخرى تدحض كل آراء مشايخ التطرف.

   وقالت ياسمين الخيام لليوم السابع: "لم يكن القرار سهلاً واستشرت عددا من كبار العلماء والمشايخ، ومنهم الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق، والشيخ محمد الغزالي وكثيرون، فأفتوني بأن الغناء كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، وأوصاني الشيخ عبدالحليم محمود أن أغنى أشعار شهاب الدين السهروردي أحد علماء الصوفية، وحزينة أنني لم أغنها ولم أعمل بوصيته".

   وأكدت ياسمين الخيام في حوارها لـ اليوم السابع أنها لم تقاطع والدها خلال فترة عملها بالفن قائلة: "نحن أسرة مترابطة ونعرف معنى البر وهذه أساسيات تربينا عليها، ولم أقاطع والدي خلال فترة غنائي أبدا".

   وتحدثت عن قرار اعتزالها الغناء، مؤكدة أنها تفخر بتاريخها ولا تندم على ما قدمته من فن، قائلة: "كل مرحلة ولها عطاؤها ومتعتها، وليس هناك متعة أكثر من أن تخدم الله، فوالدي أوصى بثلث تركته للأعمال الخيرية، وعندما بدأنا استكمال مسيرته فى العمل الخيري وجدنا أن هذا العمل يحتاج جهدا وطاقة وتفرغا، لذلك اعتزلت الغناء وذقت حلاوة أن أكون خادمة لله".

   الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق معروف دائما بآرائه الوسطية واجتهاده في أحكام الفقه وانفتاحه وعلمه الغزير المتجدد دائما، لذلك كانت آراءه حول الفن والغناء تعبر عن هذا النهج.

   ومع جدل حذف أغاني المطرب أحمد عامر بعد وفاته وتجدد الخلاف حول حكم الغناء وهل هو حلال أم حرام، وهل هناك حكم مطلق أم أن الحكم يتوقف على طبيعة هذا الغناء وجودته وأهدافه نستعرض ما قاله لنا الشيخ على جمعة في حوار سابق مع اليوم السابع عندما سألناه عن رأيه في الموسيقى والغناء.

   وقال الدكتور على جمعة لليوم السابع: "الأغاني لم يحرمها أحد على إطلاقها بل هناك تقييد، فحلالها حلال وحرامها حرام، بمعنى أن ما يهذب النفس ويطيب القلوب فهو حلال".

  وتابع "قد نسمع أغاني في مدح سيدنا النبي أو أغاني تجعلنا نتفكر في ملكوت الله، فمثلا المقطوعة الخامسة والتاسعة من موسيقى بيتهوفن تدعو إلى الإيمان بالله والنظر في الكائنات، وهناك نوع آخر من الأغاني والموسيقى حرام، وهي التي تحرك الشهوات وتثير الفتن".

   وأضاف "الرسول، صلى الله عليه وسلم، استمع إلى الغناء في فرح زبيدة بنت معاوية بن عفراء، وشاهد الجواري يضربن بالدف، كما أن إحداهن عندما شاهدت النبي، صلى الله عليه وسلم، غنت "وإن لنا نبيًا يعلم ما في غد"، فقال لها: "ويحك يا امرأة إن الله علام الغيوب.. قولي بالذي كنت تقولين".

   وأكد المفتي السابق أنه كان يستمع إلى الأغاني فى شبابه، قائلا "الآن ولكثرة المشاغل لم أعد أجد وقتا لهذه الفرصة والرفاهة التي كنت أتمناها، فالمهام أكثر من الوقت المتاح".

   وكشف أنه كان يحب الاستماع إلى النقشبندي وأم كلثوم وعبد المطلب.

   وقال جمعة باسماً "عبد المطلب مطرب لطيف جدا وكلماته لها معاني لا يلتفت إليها الكثيرون وكنت أحب منها عبارة: علشان أنول كل الرضا يوماتي أروحله مرتين من السيدة لسيدنا الحسين".

   جدير بالذكر أن الدكتور على جمعة يفضل الاستماع إلى الأناشيد الدينية والفرق الصوفية، كما أنه سبق وافتتح مهرجان الإنشاد الديني.

   وللشيخ الشعراوي موقف شهير مع حبيبة الملايين الفنانة شادية عندما قررت الاعتزال وهي في أوج شهرتها ونجاحها وجمالها، وحينها أفتاها بعض الشيوخ بأن عليها أن تتخلص من كل الأموال التي جمعتها خلال فترة عملها بالفن وقالوا لها إن هذه الأموال حرام، فتوجهت شادية إلى الشيخ الشعراوي لتسأله عن حكم هذه الأموال وكيف تتصرف فيها؟

   وعن هذه الواقعة قال محمد عبد الرحيم حفيد الشيخ الشعراوي في حوار سابق لليوم السابع إن علاقة شادية بجده بدأت عندما كانت في رحلة لأداء العمرة، وقابلت إمام الدعاة على باب المصعد صدفة وطلبت منه الدعاء لها.

   وأوضح حفيد الشعراوي فى حديثه معنا أن شادية زارت جده بعد هذا اللقاء، وأخبرته بأنها قررت ألا تغني إلا الأغاني الدينية، وبعدها عادت لتخبره بأنها لم تعد قادرة على حفظ أي أغاني، وأنها قررت الاعتزال والابتعاد عن الاضواء نهائيا.

   وأكد محمد عبد الرحيم الشعراوي أن بعض المشايخ المتشددين أفتوا شادية بأن الأموال التي جمعتها من الفن حرام وأن عليها أن تتخلص منها.

   وأوضح أن إمام الدعاة أفتاها بأن تحتفظ بما يضمن لها حياة كريمة ومستوى لائق طوال حياتها، وأن وتحتفظ بمن يعملون لديها ويخدمونها وأن تتبرع بما يزيد عن ذلك، مؤكدا أن جده لم يحرم الفن وكان يرى أن حلاله حلال وحرامه حرام، فضلا عن أنه لم يكن يمنع أسرته وأحفاده من مشاهدة التلفزيون والأعمال الفنية والدرامية وكان أحيانا يشاركهم في المشاهدة.

   يذكر أن الفنانة شادية لم تتبرأ أبداً من أعمالها ولم تحرم الفن، ووجهت جزءا كبيرا من أموالها للأعمال الخيرية سرا، وكما كانت النجمة نهرا في العطاء الفني، أصبحت نهرا لأعمال الخير، وخصصت رواتب شهرية لعشرات البيوت والأسر الفقيرة، كما هدمت فيلتها بالهرم وأقامت مكانها مجمعا خيريا يضم مسجدا ودار أيتام ودار تحفيظ قرآن، ومستوصفا خيريا، وتبرعت بشقة بشارع جامعة الدول العربية لجمعية مصطفى محمود لإنشاء مركز لعلاج الأورام.

*****************************(زينب عبد اللاه – "اليوم السابع")