مؤتمر لجمعية العناية الصحية للتنمية المجتمعية عن الوصم والتمييز للمتعايشين مع نقص فيروس نقص المناعة البشري

مؤتمر لجمعية العناية الصحية للتنمية المجتمعية عن الوصم والتمييز للمتعايشين مع نقص فيروس نقص المناعة البشري

مؤتمر لجمعية العناية الصحية للتنمية المجتمعية عن الوصم والتمييز للمتعايشين مع نقص فيروس نقص المناعة عقدت جمعيّة العناية الصحيّة للتّنمية المجتمعية الشّاملة (SIDC) مؤتمرا بعنوان: "الوصم والتمييز – واقع الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري في لبنان"، في حرم ESA – كليمنصو، برعاية وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين ممثلا بالدكتور بيار أنهوري، وبالتنسيق مع البرنامج الوطني لمكافحة السل والسيدا في لبنان، بإدارة الدكتورة هيام يعقوب، وبدعم من "المبادرة" (L'Initiative) التابعة للوكالة الفرنسية للخبرة الفنية الدولية "إكسبيرتيز فرانس " (Expertise France)، المنضوية ضمن مجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD).

شارك في المؤتمر نحو مئةٍ وعشرين شخصية، من بينهم: ممثّل وزير الدّفاع الوطني اللّواء الركن ميشال منسَى العميد غابي حريق، ممثّل المدير العام للأمن العام اللّواء حسن شقير الرّائد زياد حميد؛ ممثّل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللّواء رائد عبد الله الرّائد حمزة حيدر أحمد. كما حضرت ملكة جمال لبنان ندى كوسى، إلى جانب مديري برامج من وزارات الصحة، التربية، والعمل، وممثّلين عن عدد من السّفارات، والجامعات الرّسمية والخاصّة، ونقابتي الاختصاصيّين في العمل الاجتماعي والقابلات القانونيّات.

كما شارك ممثّلون عن المنظمات الأمميّة، من بينهم كنانة رحّال عن قوّة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (UNIFIL)، وفرح جرادي عن المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، بالإضافة إلى عددٍ من الجمعيات الدولية والمحلية والمعنيّين بقضية التعايش مع فيروس نقص المناعة البشري. وقد أتى هذا الحضور الواسع تعبيرًا عن دعمهم لقضية اجتماعية، إنسانية، وصحية محورية.

بدأ اللقاء بكلمة لمقدمة الحفل الإعلامية نادين كفوري رزق، التي شدّدت على "أهمية هذا الحدث الذي يجمع شخصيّات سياسية، اجتماعية، وصحية"، معتبرة أنّ "الوصمة والتّمييز موضوعان يتطلّبان المعالجة على أكثر من صعيد، فالمسؤولية مشتركة".


ثمّ ألقت مديرة جمعية العناية الصحية للتنمية المجتمعية الشاملة (SIDC) الدكتورة ناديا بدران كلمة أكّدت فيها أنّه :رغم التقدّم العلمي الكبير في فهم فيروس نقص المناعة البشري (HIV)، وتطوّر العلاجات التي تُمكّن المتعايشين من التمتّع بحياة طبيعية وصحية، لا يزال العديد منهم يواجهون أحكامًا مسبقة، ونظراتٍ مُدينة، وتهميشًا يُعيق اندماجهم الكامل في المجتمع".

وأضافت:"ان جهود التوعية، والوقاية، والعلاج الوقائيّ ما قبل وما بعد التعرّض، تُعدّ ضرورية، إلّا أنّ الواقع لا يزال يَشهد على إصابات جديدة، إذ يُسجَّل شهريًا في لبنان حوالي 15 حالة جديدة، معظمها لأشخاص لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين".

ولفتت بدران إلى أن "الوصمة لا تزال متجذّرة في المجتمع، وتجلّت في عبارات تسمعها الفرق الميدانية بشكل مباشر، مثل:

"ما بدي اشتغل معو!" "بدكن يطلع علينا صيت؟" "هيك عالم بالبناية ما بدنا!" "إنّو ليش إنتو بتشتغلوا مع هولي الناس؟ إنّو حرام؟""بس شو الله جابركن؟".

وشدّدت على أنّ "مثل هذه العبارات لا تُقال فقط في الأوساط العامة، بل تتردّد على منابر مختلفة، ومن قبل أشخاص في مواقع سياسية، وظيفية، ومن خلفيات اجتماعية ومهنية متعددة. عبارات مؤذية وتصرفات غاشمة. هذا هو الوصم والتمييز، لا يرافقان فقط الأشخاص المتعايشين أو المعرّضين لفيروس نقص المناعة البشري، بل يطاولان أيضًا شركاءهم وذويهم."

بهذه الكلمات وصفت الدكتورة بدران واقع الانتهاكات التي يعاني منها كثيرون، مؤكدة أن "الوصمة والتمييز يظهران عندما يُرفض شخص متعايش من الحصول على وظيفة بسبب حالته الصحية، أو تُنتهك خصوصيته في مرفق صحي أو اجتماعي، أو يُحرَم من التعليم أو السكن. لكن الأسوأ، هو عندما يُجبَر على الصمت خوفًا من الكشف عن حالته، مدركًا أن المجتمع لن يرحمه."

وشدّدت بدران على أنّ "الجهل، والخوف، والتربية، والثقافة المجتمعية، وتعزيز الصور النمطية، كلها عوامل تُغذّي الأفكار والمشاعر السلبية التي تتجلّى بسلوكيات عدوانية وعنصرية وإقصائية".

وأضافت: "الوصمة والتمييز كلاهما يفتكان بالإنسان صحيًا أكثر من أي مرض، ويدمّرانه اجتماعيًا واقتصاديًا أكثر من أي حرب أو نزاع. فالإنسان ظالم! يتعامل مع غيره وقد نسي أنّه وسواه متشابهون إلى حدّ كبير، ففيهم روحٌ واحدة ونفسٌ واحدة... فما من ميزة لأحدٍ على آخر."

وشددت على "الحاجة إلى تغييرٍ حقيقي في البنية القانونية"، كاشفة أن "الجمعية عملت، على مدى أربع سنوات من الاستشارات والأبحاث، على إعداد "قانون ضد التمييز في لبنان"، وهي مستعدة اليوم للتواصل مع الكتل النيابية المختلفة من أجل تبنّي النصّ والسعي إلى التصويت عليه، ففي غياب الأطر التي تُحاسب الجهات التي تمارس العنف والتمييز، لا يمكن الحديث عن عدالة."

وختمت: "المحرّك الأساسي لنا كان الإنسان المهمَّش، الذي أصبح لاحقًا زميلًا، مناضلًا، وداعمًا. فخرجنا من فكرة المظلومية إلى المشاركة الفاعلة في المسؤولية المجتمعية."


من جهتها، شدّدت مديرة جمعية "حياة إيجابية" والمنسّقة الإقليمية لشبكة "ميناروزا" ريتا وهاب على قسوة قلوب الناس في تعاملهم مع المتعايشين مع فيروس HIV، ما يجعل حياتهم اليومية "جحيمًا"، على حد تعبيرها. وأكّدت أن "احتياجات المتعايشين لا تقتصر على الرعاية الصحية، بل تشمل الجوانب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، فهم بحاجة إلى من يصغي إليهم، ويسمح لهم بمشاركة يومياتهم والتعبير عن الظلم الذي يتعرضون له من المجتمع".

وختمت بتأكيد أن "الصحة النفسية ركيزة أساسية للتعايش مع الفيروس، لا تقل أهمية عن العلاج الطبي أو الدعم الاجتماعي".


اما طبيب الجرثوميات المتخصص في مجال السيدا الدكتور جاك مخباط، فأكّد أن "الوصم والتمييز المرتبطين بفيروس نقص المناعة البشري لا يزالان مستمرين منذ أكثر من 45 عامًا، رغم التقدّم في التوعية والمعرفة". وقال: "ما زال الناس من مختلف الخلفيات يخافون، ولا يتعاملون مع المتعايشين أو المعرضين للإصابة بالوعي المطلوب أو بالمنطق".

وأضاف: "المشاكل الحياتية التي يواجهها المتعايشون غالبًا ما تكون اجتماعية ونفسية أكثر منها صحية"، وشدد على "أهمية دعم العائلة" قائلا:"صحيح أن بعض العائلات قد ترفض أبناءها أو بناتها، لكن الغالبية تحتضنهم، ما يمنحهم الأمل والدعم الإيجابي في حياتهم".

وتابع: "المشكلة ليست في نقص المعرفة، بل في الثقافة والتقاليد والأحكام المسبقة التي تتحكم بمواقف الناس، مهما كانت خلفياتهم الثقافية أو المهنية أو العلمية".

وختم بالإشارة إلى "تحدٍّ رئيسي يتمثل في بيئة العمل، حيث يُطلب من بعض الأشخاص إثبات عدم إصابتهم قبل التوظيف"، معتبرًا أن "هذا الإجراء غير علمي وغير مجدٍ".


بدوره، شدّد مدير شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للحد من مخاطر استخدام المخدرات إيلي الأعرج، على ضرورة وقف جميع أشكال الوصم والتمييز، معتبرًا أنهما يشكّلان "العقبة الأكبر في حياة الأشخاص المتعايشين أو المتأثرين، إذ يتعامل معهم المجتمع وكأنهم آفات اجتماعية أو مجرمون، ما يزيد من هشاشتهم ويصعّب الوصول إليهم أو تقديم العلاج اللازم لهم ".

ودعا إلى أن "تخصص وزارة الصحة العامة ميزانية واضحة لدعم برامج السيدا والفئات المهمشة"، مؤكّدًا أن "الاتكال فقط على التمويل الخارجي لم يعد كافيًا، خاصة في ظل التراجع الملحوظ في التمويل الإنساني والاجتماعي من قبل العديد من الجهات المانحة الدولية".


أما ممثل مدير عام قوى الأمن الداخلي الرائد حمزة حيدر أحمد، فاقتبس في مستهلً كلامه عن الكاتب ألبير كامو، عندما قال أن "من يختار أن يكون في قلب الأحداث لا يهرب من الحقيقة، بل يسعى لمواجهته، ومن يتخذ من الأمن مهنةً، لا يكتفي بتطبيق النصوص، بل يحمل رسالة من لا صوت لهم، ودرعًا لمن تُركوا خلف الأسوار المجتمعية".

وأشار إلى أن "قضية فيروس نقص المناعة البشر ي (HIV) تتجاوز أبعادها الطبية، فهي مرآة تكشف عمق الهشاشة الإنسانية، وتُضيء على معاناة مزدوجة يعيشها المتأثرون بها — معاناة المرض من جهة، ومعاناة الوصمة والتهميش من جهة أخرى. وهذا النوع من العنف الصامت، قد يصدر – بوعي أو دون وعي – عن جهات يُفترض أن تكون مصدر أمان واحتضان من هنا، ينبع دور قوى الأمن الداخلي ليس فقط في فرض النظام، بل في حماية الكرامة الإنسانية، وضمان العدالة، والوقوف إلى جانب الفئات المستضعفة، لا على مسافة منها".

وأكّد "أهمية التعاون مع جمعية SIDC في العمل مع الفئات المهمشة، وعلى رأسها الأشخاص المتعايشون مع فيروس نقص المناعة"، وأكّد مجددًا أن "مؤسسة قوى الأمن ملتزمة بالسير قدمًا في مسار التطوير، وأنها لا تتجاهل التحيزات الضمنية التي قد تؤثر على الأداء المهني. وأنهم في معهد قوى الأمن الداخلي، يعملون على تحديث المناهج التدريبية لتشمل قضايا أخلاقيات ومدوّنة سلوك عنصر الأمن، وحقوق الإنسان، واحترام التنوع والاختلاف، وذلك من منطلق قناعتنا بأن العنصر الأمني الواعي والمثقف هو الركيزة الأساسية لمجتمع يسود ه الأمن والعدالة الاجتماعية معاً ".


من جهتها، تحدّثت المسؤولة عن ملف منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط ضمن "المبادرة " (L'Initiative) كانديس أودمار، وهي آلية فرنسية تكميلية للصندوق العالمي أُطلقت في نهاية عام 2011، وتوفر الدعم الفني والابتكاري للدول المستفيدة من منح الصندوق العالمي بهدف تعزيز الأثر الصحي لهذه البرامج. وأوضحت أن "المبادرة تُسهم في الاستجابة للأوبئة في أكثر من 40 دولة حول العالم، من بينها لبنان".

وأكدت أن "إكسبيرتيز فرانس"، عبر "المبادرة"، تدعم جمعية SIDC منذ عام 2021 من خلال مشروع جسر نحو صحة أفضل – تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية للفئات المهمشة في لبنان، والذي يهدف إلى تحسين الوصول إلى خدمات معلومات، ورعاية، وعلاج لفيروس HIV تكون ذات جودة، خالية من الوصم والتمييز، وتراعي الفروقات الجندرية، لصالح الفئات المهمشة والمتنوعة في بيروت، جبل لبنان، البقاع، الجنوب، وعكّار".

وختمت بالتأكيد على "تجديد "إكسبيرتيز فرانس" دعمها لجمعية SIDC من خلال تنظيم هذه الندوة حول "الوصم والتمييز: واقع الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري في لبنان"، معتبرة إياها "خطوة مهمّة على طريق مناصرة الحقوق الصحية والاجتماعية".


أما ممثل وزير الصحة العامة، الدكتور بيار أنهوري، فشدّد على أن "الوزير يُولي أهمية خاصة لقضايا الوصم والتمييز وفيروس نقص المناعة البشري"، مؤكّدًا "التزام الوزارة الكامل من خلال الخطة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة فيروس نقص المناعة البشري (2023 - 2028)".

وأشار في كلمته إلى أنه "في هذه المناسبة، من المهمّ عدم الاكتفاء بمناقشة الأرقام والسياسات، بل تكريم الحياة، وإلقاء الضوء على التحديات والقوة التي يتحلّى بها الأشخاص المتعايشون مع الفيروس، ورغم كلّ التقدم الطبي، لا يزال في العالم شخص من كلّ اثنين من المتعايشين مع الفيروس يتعرّض للتمييز في الرعاية، أو العمل، أو الحياة الاجتماعية. لكن خلف كلّ "رقم" هناك قصة — قصة نضال، ووصم، وصمود".

وأضاف:"انّ وزارة الصحة العامة لا تقف اليوم فقط كمُشرّع، بل كشريك في عملية الشفاء، إذ يجب أن تنتهي معاناة الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة في لبنان. فالوصول إلى العلاج، والكرامة في الرعاية، والاندماج الكامل في المجتمع ليست امتيازات، بل حقوق".

وأشاد "بتوفّر العلاجات الوقائية والعلاج الثلاثي مجانًا في لبنان، بفضل هبة من الصندوق العالمي عبر الIOM"، مشدّدًا على "أهمية التعاون الوثيق مع المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، بالتنسيق مع البرنامج الوطني لمكافحة السلّ والسيدا، في مجالات التوعية والتدريب والوقاية والعلاج".

وأشار إلى أن "الوقاية من انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل تبقى مكوّنًا أساسيًا في استراتيجية الوزارة، إذ إن كلّ طفل يستحق أن يولد من دون أن يحمل الفيروس". وأكد "التزام الوزارة بتعزيز وصول النساء الحوامل المتعايشات إلى خدمات الفحص والعلاج والرعاية".

وختم مؤكدا أن "أحد المحاور الأساسية في لبنان هو مكافحة التمييز من خلال جهد جماعي كبير، بسبب الواقع المقلق، ومنه على سبيل المثال لا الحصر: رفض بعض الأطباء والعاملين في المجال الصحي معالجة المتعايشين أو ترددهم في ذلك، رفض بعض المستشفيات العامة والنفسية استقبال مرضى فيروس نقص المناعة، استمرار مشاكل كبيرة داخل السجون، رفض شركات التأمين تغطية من يُصرّح بحالته الصحية. 

وقبل الانتقال إلى الحوار والمناقشة، قدّم في الحفل درعًا رمزية للدكتور جاك مخباط، تكريمًا لتفانيه في العمل وفي قضية السيدا على مدى 45 عامًا.

ثمّ، قدّمت مسؤولة الرصد والتقييم في البرنامج الوطني لمكافحة السلّ والسيدا سكينة بسمة الإحصاءات، مشيرة إلى أن "حوالي 2600 شخص يتعايشون اليوم مع فيروس HIV في لبنان، وأن حوالي 250 إصابة جديدة تُسجّل سنويًا، وهو عدد يتكرر تقريبًا كل عام". وركّزت على أن "البرنامج الوطني يسعى لتوفير الأدوية ودعم الجمعيات الأهلية لتقديم الخدمات الوقائية والفحوصات السريعة للمساهمة في كشف العدوى، مؤكدة أن العلاج الوقائي قبل وبعد التعرّض، إضافة إلى العلاج الثلاثي، متوفر مجانًا للجميع، ومن دون انقطاع، رغم الأزمات والحروب المتتالية على لبنان. وبالتعاون مع الجمعيات، نفّذ البرنامج خطة استباقية مكّنت كلّ من يحتاج إلى الفحص أو العلاج من الوصول إليه بسهولة".

إنجازات الجمعية

وقدّمت لارا الشماع ومنال ديقة إنجازات الجمعية في التصدّي للوصم والتمييز، مشيرتين إلى "توثيق انتهاكات بحق الأشخاص المتعايشين والمتأثرين باستخدام نظام REAct، وتقديم تدخّلات طارئة وخدمات نفس-اجتماعية، ودعمهم لتطوير قدراتهم ليستعيدوا السيطرة على ظروف حياتهم. كما قدّمت الجمعية تدريبات لأصحاب العمل ومقدّمي الخدمات الصحية والنفسية والطبية والاجتماعية، وشجّعت النقابات المهنية على ضرورة التذكير بالالتزام بالمبادئ والأخلاقيات المهنية عند تقديم الخدمات، فأصدرت بيانات وسياسات لمنع التعدّيات. بالإضافة إلى حملات التوعية للإعلاميين، تمّ تطوير معجم مصطلحات لتغطية أخبار الإيدز والمواضيع ذات الصلة، وتنفيذ دورات تدريبية لعدد من العاملين في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. أما على صعيد رجال الدين والداعيات، فقد شارك ممثلون من مختلف الطوائف في إعداد أدلّة تدريبية واستخدموها في التوعية، ونشروا خُطبًا تدعو إلى التقبّل والانفتاح، لتعزيز ثقافة التسامح والرحمة. وفي ما يخص قوى الأمن، تمّ تنفيذ تدريب مدربين وتطوير أدلة إرشادية حول كيفية التعامل مع المتعايشين، وإطلاق دورة إلكترونية للتدريب (E-learning) هي الأولى من نوعها، لتمكين كل شرطي وشرطية من التعامل بتفهّم مع الأشخاص المعنيين. كما تمّ إعداد تطبيقات "HYPE APP" و"ASK ME APP" لتوفير المعلومات والخدمات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية، والسيدا، والمخدرات، ولدعم المتعايشين وتمكينهم من متابعة وضعهم الصحي وطلب الخدمات النفس-اجتماعية.

حلقة حوار

بعد ذلك، انتقل المشاركون إلى حلقة حوارية أدارته نادين كفوري رزق، تحدّث فيها عدد من المتدخلين عن أهمية التصدي للوصم والتمييز كلّ من موقعه. فذكّرت الأستاذة رجاء شاتيلا، نائب رئيس نقابة الاختصاصيين في العمل الاجتماعي، بورش التدريب التي نظمت للمهنيين لرفع الوعي حول فهم واقع المتعايشين، وأشارت إلى بيان "الإنسان أولًا" الذي يؤكد ضرورة الالتزام بالأخلاقيات المهنية عند تقديم الخدمات.

أما نقيبة القابلات القانونيات، الدكتورة ريما شعيتو، فأكدت أن "التعامل مع النساء والفتيات في ما يخص فيروس HIV يجب أن يكون كأي شخص آخر، وأن تقديم الخدمات المهنية الخالية من الوصم يبقى واجبًا في كل الظروف". كما أشارت إلى "سياسة العمل التي وضعتها النقابة لوقف التمييز، وتعزيز القدرات، ومواجهة المواقف والاتجاهات السلبية تجاه الأشخاص الذين قد لا نوافق على تصرفاتهم أو سلوكياتهم، أو لأي سبب آخر".

وشدد الأب مروان غانم على "أهمية دور رجال الدين والداعيات في التوعية، وتشجيعهم الدائم على فهم أوسع لإشكاليات مثل السيدا أو المخدرات وغيرها، والسعي إلى دعم الأشخاص المتأثرين، وتقديم خُطب تعزز الفهم والاهتمام والمساندة"، واعتبر أن "لرجال الدين دورًا كبيرًا في التأثير على الرأي العام ودعم المجتمع المدني في سعيه لوقف الوصم والتمييز، سواء من خلال الخطاب العام أو عبر تقديم الدعم المباشر للأشخاص المتعايشين أو المتأثرين، عندما يطلبون المساندة والوقوف إلى جانبهم".

وفي مداخلته، أكّد النقيب كارو برداقجيان، رئيس منصة التعليم عن بُعد في قوى الأمن الداخلي، انه من "خلال تدريب العناصر وما يقوم به المعهد بالتعاون مع جمعيات أهلية متخصصة في عدة مجالات مثل SIDC هو السعي إلى تقوية قدرات القوى الأمنية على فهم الإشكاليات الاجتماعية ومعرفة كيفية التعامل والإحالة في مجال السيدا"، ركّز على "أهمية اعداد الجلسات التدريبية في المنصة للعليم عن بعد التي بدأ تطبيقها والتي تشكّل سابقة مهمة يمكن البناء عليها".

اما الصحافي جيلبير رزق فأثار "موضوع الإعلام وأهمية العمل مع الإعلاميين لمساعدتهم بنشر الخبر والإضاءة على قضايا اجتماعية وإنسانية وصحيّة ولكن على الإعلاميين ايضاً احترام القواعد السلوكية والقيم في عملهم. من هنا يمكن ان يكتب مقالات صحافية من دون إيذاء الأشخاص او الإشارة إلى هويتهم وخصوصيات حياتهم. وهذا يتطلب عملاً دؤوباً وقد تمّ اعداد مجموعة كبيرة من الإعلاميين وممّن يعدوا مضمون إعلامي وصحافي من اجل لفت انتباههم لأهمية المحافظة على خصوصية الإنسان وعدم الوصم والتمييز بعبارات او استخدام مصطلحات تدّمر الأشخاص ولا تنفع المجتمع".

وانتهى اللقاء بإضاءة الشموع تكريمًا للمتعايشين والمتأثرين بعدوى فيروس نقص المناعة البشري "السيدا" في لبنان، وتذكيرًا بأهمية التصدي للوصم والتمييز.

 ______________. متابعة === عايدة حسيني