الجمعية العربية للضمان أطلقت ندوة" توسعة الشمول لتغطية العاملين في القطاع غير المنظم"

أطلقت الجمعية العربية للضمان الاجتماعي، برعاية وحضور وزير العمل الدكتور محمد حيدر، ندوة قومية بعنوان " توسعة الشمول لتغطية العاملين في القطاع غير المنظم"، بمشاركة وفود يمثلون عددا من مؤسسات الضمان والتأمينات الاجتماعية في العالم العربي، وفي حضورمحافظ النبطية هويدا الترك ، ممثل منظمة العمل العربية المستشار إسلام سناء،المدير العام للمعهد العربي للتدريب والبحوث الاحصائية الدكتور زياد عبدالله ، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، الأمين العام للاتحاد العمالي العام حميدي صقر، رئيس المكتب التنفيذي للجمعية العربية للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي وعدد من الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والنقابية، في فندق كورال بيتش.
وتستمر الندوة الى يوم غد الأربعاء.
وتأتي هذه الندوة في إطار خطة عمل الجمعية للعامين 2025 - 2026.
بعد النشيد الوطني،استهل حفل الافتتاح بكلمة ترحيب بالمشاركين وتعريف بالندوة من قبل مدير العلاقات العامة في الجمعية محمد خليفة، تلتها الكلمات الرئيسية، فتحدث المدير العام للمعهد العربي للتدريب والبحوث الإحصائية الدكتور زياد عبدالله، وقال :"يطيب لي أن أقف اليوم بينكم ، ممثلا عن المعهد العربي للتدريب والبحوث الإحصائية لأشارككم في افتتاح هذه الندوة القومية الهامة حول توسعة الشمول لتغطية العاملين في القطاع غير المنظم".
"إن موضوع هذه الندوة يكتسب أهمية بالغة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة في المنطقة العربية، حيث أصبح القطاع غير المنظم يشكل نسبة كبيرة من القوى العاملة.
إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية هي حقوق إنسان أساسية وملازمة لجميع الدول . ويأتي التزامنا بالمساهمة في تحقيق الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة، الذي يركز على تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق للجميع" .
وهذه الندوة هي خطوة عملية نحو تحقيق هذا الهدف من خلال دراسة الأطر القانونية وآليات التنفيذ المبتكرة لتوفير الحماية الاجتماعية للعاملين في القطاع.
نحن في المعهد العربي للتدريب والبحوث الإحصائية، نؤمن بأن التعاون بين مؤسسات الضمان والتأمينات الاجتماعية وأطراف الإنتاج والمنظمات المجتمع المدني هو أمر أساسي لتطوير سياسات اجتماعية تساهم في تحقيق التنمية المستدامة. ونتطلع إلى
العمل على بناء القدرات الإحصائية في أجهزتنا العربية في مجال الاحصاء الرسمي والذي يتضمن هذا الموضوع".
ثم ألقى السيد إسلام سناء كلمة جاء فيها:" يأتي انعقاد هذه الندوة في ظل القناعة المتزايدة بأن الإستثمار في الضمان الاجتماعي وتطويره هو إستثمار في تعزيز الاقتصاد الوطني والأمن الاجتماعي فالحقوق التي تؤديها نظم التأمينات الاجتماعية تأتي في مقدمة حقوق الإنسان التي أكدتها كافة المواثيق العربية والدولية، وينبغي الحرص على استدامتها وتمكينها من القيام بدورها في الحد من المخاطر التي يتعرض لها الإنسان ، وصولا للسلم الاجتماعي والتقدم والاستقرار، فتحقيق نمو شامل تسانده حماية اجتماعية هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الإجتماعية".
ولفت الى "أن مؤسسات الضمان الاجتماعي تستمد قوتها من قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الحالية والاحتفاظ باحتياطات مقبولة لمواجهة الأزمات الطارئة ، لذلك أصبح من الضروري التوسع في أوجه الاستثمار الاجتماعي وتطوير سياساته لضمان زيادة قيمة الاستثمارات في مواجهة التضخم وتحقيق المصلحة الاجتماعية والاقتصادية للمؤمن عليهم والعمل على امتداد عوائد هذا الاستثمار للاجيال القادمة".
ولذلك فالمتابعة الدورية وتطوير آليات العمل للنشاط التأميني والاستثماري لمؤسسات الضمان الاجتماعي وتوفير الضمانات اللازمة للحقوق التأمينية الحالية والمستقبلية أمر أساسي لضمان استمرار المزايا التأمينية لجميع فئات المواطنين والحفاظ على حقوقهم كما أن حجم التحديات الراهنة تستدعي تعزيز التعاون بين كافة الأطراف وبخاصة الشركاء الاجتماعيين وبما يعود بالنفع والفائدة على الفئات المهمشة في مجتمعاتنا العربية وفي مقدمهم العاملون في القطاع غير المنظم من خلال وضع أطر قانونية قائمة على مأسسة وممارسة الحوار الاجتماعي الهادف والبناء بما يساعد على مد مظلة الحماية الاجتماعية وشموليتها لتساهم في النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة".
ثم تحدث رئيس المكتب التنفيذي للجمعية والمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في لبنان الدكتور محمد كركي، فرحب بالحضور والوفود المشاركة، مؤكدا "أن انعقاد هذه الندوة في بيروت، رغم التحديات التي تمر بها المنطقة العربية، يعكس التزام الأشقاء العرب بالعمل المشترك والقضايا القومية".
وقال كركي : يشرفني ويسعدني أن نلتقي بكم اليوم في مدينة بيروت منارة الشرق وقلبُها النابض وصلة الوصل بين الشرق والغرب، هذه المدينة التي لا يُطفأ نورها وتبقى شعلة مضيئة بالعلم والثقافة والحضارة، كما يُسعدني أن أتقدم بالشكر والامتنان من معالي وزير العمل الدكتور محمد حيدرعلى رعايته الكريمة لهذه الندوة الهّامة والشكر موصول لجميع الأخوة رؤساء وأعضاء الوفود المشاركة لقدومهم إلى لبنان، بالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها منطقتنا العربية، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على مدى التزام وأهتمام الاشقاء العرب بالعمل المشترك والقضايا القومية".
أضاف :تشهد أنظمة الحماية الاجتماعية في مختلف دول العالم تحولات جوهرية نتيجة تحديات متسارعة ومتعددة الأبعاد من بينها التغيرات الديموغرافية خصوصا تلك المتعلقة بشيخوخة المجتمعات فضلاً عن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية وتطورات سوق العمل الى جانب تطلعات الاجيال الجديدة نحو أنظمة أكثر عدالة ومرونة واستدامة. بالإضافة إلى الصدمات المتتالية نتيجة الأزمات المالية والأوبئة (جائحة كورونا) والحروب.
إن التغيرات الحاصلة على مستوى عالم العمل في ظل الاقتصادات المعولمة تعصف بجميع النظم القائمة وتحثها على التغيير لمصلحة مسارات التطّور الحاصل من دون المساس بمرتكزات الحماية الاجتماعية ، من خلال إفراد حيز يجعل من قوانين العمل مساحةً للمؤسسات تستطيع التحرك من خلالها لتحقيق أعلى قدرة تنافسية وحيّز للحكومات يمكّنها من التحرك بسهولة لتفعيل حركة الاقتصاد والنمو وحيّز اضافي للعمال للحفاظ على العمل وتأمين الضمانات الاجتماعية المناسبة لهم".
واستطرد كركي :لقد اضحت أنماط العمل الحديثة واقعاً لا مفر منه حيث تشير المؤشرات و الاحصاءات إلى ان الكثير من الوظائف المطلوبة لا تتبع نمط العمل التقليدي ( دوام عمل، مكان عمل محدّد، ساعات عمل محددة ...) وأصبح العمل التقليدي يتحول تدريجياً نحو أنماط العمل الجديدة.
وتشير البيانات الصادرة عن منظمة العمل الدولية إلى أن أكثر من 60 في المئة من القوى العاملة العالمية لا يزالون يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، وهذا يعني أن قسما كبيرا من العمال محرومون من حقهم بالحماية الاجتماعية والأمن الوظيفي، بالإضافة إلى خسارة الدولة ومؤسسات الضمان الإجتماعي لقسم كبير من الضرائب والرسوم والإشتراكات.
وأردف:وعلى صعيد منطقتنا العربية، وبالرغم من الجهود المبذولة في أكثر من قطر عربي، فإن المؤشرات تؤكّد أيضاً، بأن القطاع غير المنظّم تجاوز عتبة الـ 60 % من القوى العاملة وتُسجِّل أعلى النسب في الدول التي تعاني من النزاعات أو الأزمات الإقتصادية (لبنان، اليمن، السودان، العراق، وغيرها.).
ويشمل القطاع غير المنظّم (او غير الرسمي) على سبيل المثال:
- الأعمال التي لا تُسجّل لدى السلطات الرسمية.
- العاملون بدون عقود قانونية.
- الأنشطة الإقتصادية التي لا تخضع للضرائب أو التأمينات الإجتماعية.
- الأعمال المنزلية، الباعة المتجوّلين، العمال الموسميين، وبعض الحرفيين.
ونظراً لأهميّة هذا الموضوع فإن مؤتمر العمل الدولي في دورته لهذا العام خصّص لجنة لدراسة هذه الظاهرة، وأوصى كل الدول الاعضاء لاتخاذ التدابير اللاّزمة للإنتقال من العمل غير المنظّم إلى العمل الرسمي من خلال وضع إستراتيجيات وطنية وخارطة طريق لمتابعة ومواكبة هذا الإنتقال والذي من شأنه تأمين العمل اللاّئق والحماية الإجتماعية لجميع العمال بصورة تدريجية". على مدى أكثر من عشر سنوات تعمل الجمعية العربية للضمان الاجتماعي من خلال الندوات وورش العمل على المساهمة في تطوير مؤسسات الضمان الاجتماعي من خلال سعيها الى تطوير وتوسعة شمولية أنظمة الحماية الإجتماعية وتحسين الخدمات والتكيّف مع التطورات التنظيمية واحتياجات المجتمع، وفي هذا الاطار فإن خطة عمل الجمعية عن العامين 2025 و 2026 اعتمدت مواضيع مبتكرة واستباقية لمؤسسات الضمان (الاستدامة المالية ومواجهة التحديات والصدمات ، التحول والابتكار وأنظمة التقاعد التكميلي لتحسين المستوى المعيشي للمتقاعدين).
باالى انعقاد هذه الندوة الهامّة حول توسعة الشمول لتغطية العاملين في القطاع غير المنظم والتي سوف يتم فيها عرض ومناقشة عدد من اوراق العمل الفنية من قبل عدد من السادة الخبراء المشهود لهم في هذا المجال اضافة الى تجارب قطرية للاستفادة منها ، آملين أن تتكلّل أعمال هذه الندوة بالنجاح والخروج بتوصيات تشكل مدخلاً أساسياً لصنّاع القرار في المنطقة العربية يسترشدون بها عند وضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تساهم بالانتقال التدريجي الى الاقتصاد المنظم".
وختاما ، تقدم كركي، "بالشكر والامتنان على تلبية دعوتنا بالمشاركة في أعمال هذه الندوة والشكر موصول لمعالي الوزير الدكتور محمد حيدر على رعايته ومشاركته الكريمة، كما أتقدم بالشكر من مدير عام منظمة العمل العربية الأستاذ فايز علي المطيري على رعايته الدائمة لأعمال و أنشطة الجمعية، ونشكر أيضاً الصحافيين والإعلاميين ووسائل الإعلام كافة على تغطيتهم لوقائع هذا الحفل".
ثم كانت كلمة راعي الاحتفال وزير العمل الدكتور محمد حيدر، فأكد "أن انعقاد هذه الندوة يعكس التعاون والعمل العربي المشترك، ويهدف أولا وأخيرا إلى حفظ كرامة الإنسان العربي ودعم الطبقة العاملة". وقال:" اسمحوا لي في البداية أن أرحب بكم جميعا أجمل ترحيب، في مدينة بيروت، هذه المدينة التي شكلت عبر التاريخ رمزا للثقافة والانفتاح والتلاقي العربي.
إن وجودنا اليوم في هذا اللقاء الحاشد والجامع إنما يعكس إرادة مشتركة في تعزيز التعاون والعمل المشترك في مجال الضمان والتأمينات الاجتماعية، بما يحفظ كرامة الإنسان العربي ويصون حقوقه الأساسية".
:"منذ أن تسلمت وزارة العمل، وضعت نصب عيني هدفا واضحا أن أكون إلى جانب الطبقة العاملة، وأن أعيد لمؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان، وفي مقدمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مكانتها الطبيعية ودورها التاريخي.
فالضمان لم يكن يوما مؤسسة عادية، بل هو العمود الفقري للنظام الاجتماعي في لبنان، وهو صمام الأمان لكل عامل ولكل عائلة، وهو الملجأ الذي يقصده المواطن عند المرض والأمومة والشيخوخة والبطالة.
لكننا نعرف جميعا أن الضمان من خلال السنوات الأخيرة في واحدة من أخطر المراحل بتاريخ لبنان، عندما تهاوت العملة الوطنية، وانخفضت قيمة التقديمات إلى مستويات هزيلة جعلت المؤسسة على شفير الانهيار الكامل. وصل الأمر إلى مرحلة فقد فيها الناس ثقتهم بالضمان، وأصبح المواطن يشعر أنه متروك في مواجهة الأزمة دون حماية".
واحيدر :"غير أنني آليت على نفسي منذ اليوم الأول أن أعطي هذه المؤسسة ما تستحقه من عناية. فبالتعاون مع المخلصين من داخل الضمان ومن خارجه، عملنا على إعادة التوازن إلى هذه المؤسسة. بدأنا بخطوات إصلاحية وتشريعية، وصادقنا على مشاريع ومراسيم أعادت رفع قيمة التقديمات الاجتماعية والصحية، ووسعنا مظلة الشمول لتطال فئات جديدة من اللبنانيين من الصحفيين إلى المزارعين وسواهم.
واليوم، أستطيع أن أقول وبكل ثقة إن الضمان الاجتماعي بدأ يستعيد عافيته تدريجيا. لم نعد نتحدث عن مؤسسة مهددة بالزوال، بل عن مؤسسة استعادت دورها الأساسي في حياة الناس. والمواطن اللبناني بات يلمس بشكل ملموس أن الضمان يعود ليكون كما عرفه طوال عقود مؤسسة حامية، حاضنة، وملجأ للعامل وأسرته".
وأسرتlوما يزيد من تفاؤلنا وثقتنا أننا أصبحنا على بعد أمتار قليلة من إنجاز الاستحقاق الأهم، ألا وهو تشكيل مجلس إدارة جديد للضمان الاجتماعي بعد سنوات طويلة من الشغور. إن انتخاب هذا المجلس ليس مجرد خطوة إدارية، بل هو حدث تأسيسي يعيد للمؤسسة حيويتها، ويمنحها الشرعية التمثيلية والقدرة على رسم سياساتها بفعالية وشفافية. ومع هذا المجلس، نفتح صفحة جديدة قوامها تعزيز الاستقرار المالي والإداري للضمان، وتحسين مستوى التقديمات، وتوسيع دائرة المستفيدين.
وأكمل حيدر:"لإن إصلاح الضمان الاجتماعي ليس غاية بحد ذاته، بل هو مدخل أساسي لإعادة الثقة بين الدولة والمواطن. فالمواطن الذي يطمئن على صحته وصحة أسرته، ويشعر أن شيخوخته مؤمنة، هو مواطن أكثر ثقة بدولته وأكثر استعداداً لبناء وطنه. وهذا ما نسعى إليه أن نعيد للبنانيين الثقة بأن مؤسساتهم، مهما ضعفت وتعثرت، قادرة على النهوض مجددا متى توافرت الإرادة".
و حيدر "ان هذه المسيرة مستمرة. لن نقف عند ما تحقق، بل سنواصل العمل على تطوير التشريعات، وعلى إطلاق قانون التقاعد بشكل فعلي وفاعل، وعلى تحسين نظام التعويضات العائلية والمنح المدرسية، وكل ما من شأنه أن يحفظ كرامة الإنسان العامل ويؤمن له حياة لائقة".
وختم الوزير حيدر :"إن ما نقوم به اليوم هو أكثر من معالجة أزمة آنية. نحن نرسم مستقبلا جديدا للضمان الاجتماعي في لبنان. مستقبل يقوم على أسس متينة من الحوكمة الرشيدة، والشفافية، والشراكة الحقيقية بين أطراف الإنتاج. وهذا المستقبل لن يتحقق إلا بإرادة جماعية، من الدولة ومؤسساتها، ومن العمال وأصحاب العمل، ومن كل القوى الحريصة على بقاء هذه المؤسسة الوطنية صرحاً صلباً في وجه الأزمات.
وفي ختام الندوة، قدم الدكتور كركي الى الوزير حيدر درعا تكريمية، تقديرا لرعايته الكريمة ودعمه المتواصل لقضايا الضمان والحماية الاجتماعية، ولجهوده في إعادة إحياء مؤسسة الضمان ووضعها على مسار الثقة والاستدامة.
_____________. متابعة. === عايدة حسيني