سندات خزينة بدل الودائع التي تفوق ال 100 ألف دولار؟

أعاد تصريح وزير المال ياسين جابر، النقاش في مصير الودائع إلى الواجهة الإعلامية. فقد تحدث جابر عن مشروع إعادة الودائع الصغيرة نقدا، حتى 100 ألف دولار، وهو ما يشكل نسبة 85% من المودعين، وما يزيد منها على ذلك، يُدفع عبر سندات دين سيادية مرفقة بفوائد تدرج في أسواق المال والبورصة، ويمكن الراغبين بيعها من خلالهما.
البعض لم يرَ في كلامه جديدا، إذ كان قد ورد في طروحات سابقة، مع بعض التعديلات في الأرقام والمبالغ، فيما يؤكد جابر لـ"النهار" أن الدولة ومصرف لبنان ومعهما المصارف ستتحمل بالتكافل مسؤولية "تمويل" استرجاع الودائع.
لكن واقعية طرح وزير المال، وحرصه على إعطاء المودعين واللبنانيين على حد سواء أملا جديا باستعادة حقوقهم "المحتجزة" في المصارف منذ عام 2019، لا ينفيان أن المشروع يحتاج إلى جهد تشريعي وتنفيذي، لإقرار القوانين ذات الصلة العالقة في أدراج المسؤولين. بل يتعداه إلى ضرورة إرساء أجواء توافق سياسي، تعزل قضية تمويل إعادة الودائع إلى مستحقيها عن شد الحبال الجاري، وعن الصراع الخفي الدائر على آلية تطوير أصول الدولة واستثمارها.
يتمتع مصرف لبنان بما يمكن اعتباره ملاءة مقبولة وفق جابر، "مثل الذهب وموجودات أخرى، وتاليا يمكن المصرف المركزي الذي لديه عائدات الشركات التابعة له، إحالة أرباحها إلى "حساب إعادة الودائع".
وكما المركزي، كذلك المصارف، هل تكفي الاحتياطات المتبقية، والأصول في الداخل والخارج، لتسديد المتوجب عليها لمودعيها، فيما غالبية موجوداتها المالية عالقة في مصرف لبنان، أو ذابت في القروض التي أعيدت على سعر صرف 1507؟ مع الأخذ في الاعتبار أن عددا لا يستهان به من المصارف الصغرى قد تكون بدأت بعد صدور قانون الإصلاح المصرفي بإعداد العدة، إما للخروج من السوق، وإما للاستعداد للدمج مع مصارف أفضل ملاءة.
وفيما يرى البعض أن الأزمة تتركز بين المودعين والمصارف، تقول مصادر متابعة إن مصرف لبنان ليس خارج الأزمة، ويقوم بدوره إلى جانب وزارة المال دفاعا عن حقوق المودعين، وهو "ابن الدولة"، ويمكنه أن يحدد ما يحتاج إليه من دعم الخزينة لإعادة رسملته حتى يتمكن من حل أزمة الودائع".
وتشدد المصادر على "دور مصرف لبنان ومسؤوليته في المشاركة في إعداد خطة عادلة تستند إلى ما لديه من "داتا" الودائع، وفوائد الهندسات المالية المرتفعة التي دفعت، أو الودائع المشبوهة المصدر. وانطلاقا من مقترحات مصرف لبنان، تقوم وزارة المال وفقا لصلاحياتها بإعداد مشروع قانون يقره مجلس الوزراء ويحيله إلى مجلس النواب لإصداره".
ويوضح وزير المال لـ"النهار" أن مصرف لبنان والمصارف والحكومة في تشاور دائم ومكثف بغية الخروج بخطة عادلة للمودعين، بناء على أرقام واقتراحات من المركزي، كاشفا عن "استعداد الدولة لإعادة رسملة مصرف لبنان"، ومجددا تأكيده أن "الدولة ومصرف لبنان والمصارف ستتحمل مسؤولياتها في تسديد الودائع".
مصادر مصرفية تذكّر بتوصية صندوق النقد التي تقضي بأن تخصص الدولة في موازناتها مليار دولار سنويا لمصرف لبنان، في إطار خطة لإعادة ديونه وإعادة رسملته لمدة 6 سنوات، على أن تُستخدَم هذه الأموال لإعادة الودائع بالشراكة مع مصرف لبنان والمصارف. فالدولة في رأي المصادر عينها "قادرة على ضخ مليار دولار في مصرف لبنان، انطلاقا من التحسن في إيراداتها".
وفيما يبقى إطلاق آلية إعادة الودائع رهنا بإقرار قانون "الفجوة المالية" الذي لا يزال طور التحضير، وربما لن يبصر النور قبل عام 2026، ثمة خبراء يؤكدون أن مبلغ 100 ألف دولار قليل وبعيد جدا عما ينتظره المودعون، ويجب التفكير في مبالغ أكبر وحلول أكثر عدالة. وثمة أفكار أخرى تتحدث عن إعادة ما لا يقل عن 200 ألف دولار لكل مودع خلال 6 سنوات. ولكن هذا يتطلب، في رأي المصادر، "مساهمة الدولة بمليار دولار نقدا سنويا لمدة ست سنوات، ومساهمة مشابهة من المصارف، بينما يتحمل مصرف لبنان الباقي الذي يصل إلى نحو ملياري دولار سنويا طيلة هذه الفترة. فتسديد 200 ألف دولار لكل مودع يساهم في حل مشكلة نحو 90% من المودعين، أما الحلول الأخرى كإعطاء سندات طويلة الأمد أو Bail in فتكون للمودعين الذين تناهز ودائعم الـ 200 ألف دولار .