لبنان اليوم أمام تحدّي استثنائي لإعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي بعد سنوات من الأزمات المتتالية. تشير تقديرات البنك الدولي إلى أنّ حاجات التعافي المباشرة تبلغ نحو 11 مليار دولار, تشمل إصلاح البنى التحتية المتضررة من الحرب والأزمات السابقة, مع تقسيم التمويل بين القطاع العام (3–5 مليارات) والتمويل الخاص (6–8 مليارات دولار) للسكن والتجارة والصناعة والسياحة.

لكن هذا لا يغطي حاجة البلاد للاستثمارات المستقبلية في البنى الأساسية, إذ يُقدّر أنّ تحديث شبكات الطاقة والمياه والنقل وتبني استثمارات صديقة للبيئة سيحتاج نحو 7–9 مليارات دولار إضافية حتى عام 2030, في إطار ما يُعرف بـ"استثمار لا ندم" يضمن رفع الإنتاجية وخفض الكلفة على المدى المتوسط.

وفيما بدأت دول عربية وأوروبية وأميركا توفير قنوات دعم للجيش والبنى التحتية, يبقى التمويل مشروطًا بإصلاحات مالية ونقدية واضحة, تشمل إعادة هيكلة المصارف, تطبيق قوانين الفجوة المالية, وضمان الشفافية في إدارة الأموال العامة.

ويؤكد الخبراء أنّ ضخّ الاستثمارات بهذا الحجم ليس رفاهية, بل ضرورة لتفعيل الاقتصاد وخلق فرص عمل, وتحسين الكهرباء والمياه والنقل, ما ينعكس إيجابًا على المواطن مباشرة. لكن نجاح هذه الورشة مرتبط بالحوكمة الفعّالة, الاستقرار السياسي, والتنسيق بين القطاع العام والخاص لضمان إنجاز المشاريع وتحقيق العائد الاجتماعي والاقتصادي المرجو.