إطلاق "يوم الكشك الوطني

إطلاق "يوم الكشك الوطني" من دير تعنايل: بين التراث والابتكار نحو مستقبل أخضر لقطاع الألبان في لبنان
البقاع – برعاية وحضور وزير الزراعة الدكتور نزار هاني، أُعلن الأسبوع الماضي عن تخصيص "يوم الكشك الوطني"، في ملبنة دير تعنايل – البقاع، تحت شعار: "نحو مستقبل أخضر لقطاع الألبان في لبنان".
وجاءت هذه الفعالية ضمن احتفالية اليوبيل الفضي لتأسيس وحدة البيئة والتنمية المستدامة (ESDU) في كلية العلوم الزراعية والغذائية بالجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، بتنظيم مشترك مع وزارة الزراعة اللبنانية، وجمعية "أركانسييل"، وملبنة دير تعنايل. وقد شكّلت المحطة مناسبةً لتلاقي التراث اللبناني مع الرؤية التنموية المستدامة، بمشاركة خبراء، أكاديميين، مزارعين، وممثلين عن القطاع الغذائي.
الكشك: هوية وطنية وفرصة للتنمية
في كلمته، أعلن وزير الزراعة الدكتور نزار هاني عن تخصيص يوم وطني للكشك، مشددًا على أنّه "ليس مجرد احتفال بمنتج غذائي تراثي، بل هو تجسيد لالتزامنا بدعم المزارعين وتعزيز الاقتصاد الريفي. الكشك ليس مجرد طعام على موائد اللبنانيين، بل هو رمز للهوية والذاكرة الوطنية، واليوم نمنحه بعدًا تنمويًا يرتكز على الاستدامة والابتكار."
وأوضح الوزير أنّ وزارة الزراعة تولي قطاع الألبان اهتمامًا خاصًا، باعتباره ركيزة أساسية للأمن الغذائي، مؤكدًا أنّ تعزيز الشراكات مع الجامعات والمجتمع المدني والقطاع الخاص يشكّل السبيل الأمثل لتطوير هذا القطاع الحيوي وتحقيق العدالة للمزارعين.
وأشار الدكتور هاني إلى أنّ الوزارة ستعمل على إعداد مرسوم لإعلان 17 أيلول اليوم الوطني للكشك، مع التركيز على الابتكارات التي تواكب تطوير الأطعمة التقليدية. وأضاف أنّ الكشك، المكوّن من البرغل والحليب، يشكّل عنصرًا مهمًا في الأمن الغذائي، ويمكن أن يكون من المنتجات الزراعية المميزة التي ينافس بها لبنان على الصعيد العالمي، بما يعكس الميزات التفاضلية للقطاع الزراعي اللبناني وقدرته على الجمع بين التراث والابتكار.
برنامج متنوع وكلمات المشاركين
في الافتتاح، أكدت المهندسة ميشلين شميطلي نعمة على دور دير تعنايل كمكان يجمع بين التراث والابتكار. وشدّد عميد كلية العلوم الزراعية والغذائية في AUB، الدكتور عمر صلح، على أهمية الجمع بين التراث والعلم لخدمة المجتمعات الريفية، فيما ربطت مديرة وحدة ESDU، الدكتورة ريما حمادة، المناسبة باليوبيل الفضي للوحدة، مؤكدّة أن البحث العلمي قادر على إحداث أثر ملموس في التنمية الريفية.
تضمّن البرنامج عروضًا تطبيقية بعنوان "من البحث إلى الممارسة", أبرزها مشروع SURFOLY كنموذج للاقتصاد الدائري في الإنتاج الحيواني، إضافةً إلى عرض توجيهي لإعادة استخدام المنتجات الثانوية للألبان. كما انعقدت جلسة حوارية حول "الرؤية الخضراء لوحدة ESDU من أجل قطاع ألبان مستدام في لبنان"، بمشاركة خبراء وممثلين عن القطاع.
وأشار الدكتور شادي حمادة، رئيس وحدة البيئة والتنمية المستدامة (ESDU)، إلى الأهمية الكبرى للزراعة المستدامة والصديقة للبيئة، مؤكدًا أنّ تطبيق ممارسات زراعية تحافظ على الموارد الطبيعية وتحدّ من الهدر، مع التأكيد على الامتناع عن استخدام البلاستيك في توضيب المنتجات، يشكّل قاعدة أساسية لضمان أمن غذائي طويل الأمد.
وأوضح أنّ تصنيع الكشك من المصل، بدل الاقتصار على الحليب والبرغل، يمثل خطوة نوعية نحو استدامة قطاع الألبان، إذ يسهم هذا الأسلوب في إعادة استخدام المنتجات الثانوية وتقليل الفاقد الغذائي، ويضيف قيمة للمنتجات التقليدية، ويعزز الاقتصاد الريفي بطريقة متكاملة ومستدامة. كما لفت إلى أنّ مثل هذه المبادرات تفتح المجال للابتكار في تطوير الأغذية التراثية، بما يواكب متطلبات الأسواق المحلية والعالمية.
اختُتم اللقاء بكلمة المهندس ريان حيدر، الذي شدّد على أن "التراث يمكن أن يكون منصة للابتكار، وأن مستقبل قطاع الألبان في لبنان يبدأ من احترام الماضي وتطوير الحاضر نحو بيئة أكثر استدامة."
بين التراث والاستدامة
الكشك، كأحد أبرز رموز المطبخ اللبناني التقليدي، تحوّل مع هذه المبادرة إلى عنوان وطني جامع يربط الماضي بالمستقبل، مؤكّدًا أنّ التراث يمكن أن يكون رافعة اقتصادية واجتماعية. ومع إعلان "يوم الكشك الوطني"، تثبت الجامعة الأميركية في بيروت وشركاؤها التزامهم بالمسار التنموي المستدام، حيث يصبح التراث الغذائي اللبناني جزءًا من الحلول لمواجهة التحديات الاقتصادية