رؤية شكل صخرة الروشة

رؤية شكل صخرة الروشة

. مبادرة نوعية تُمكّن المكفوفين من إكتشاف المعالم الوطنية بطريقة مختلفة ..

 في مبادرة نوعية تجمع بين الوعي الإجتماعي والرمزية الوطنية .. نظّمت جمعية "عشتار" نشاطاً توعوياً إجتماعياً في منطقة الروشة .. تمحور حول تمكين المكفوفين من "رؤية" معالم صخرة الروشة الشهيرة من خلال اللمس والكتابة بلغة البرايل ..

الفعالية تضمنت لوحة كبيرة منقوشة تتوسطها صخرة الروشة بشكلٍ بارز يمكن للمكفوفين تحسّسه بأيديهم .. إلى جانب معلومات مكتوبة باللغتين العربية والإنكليزية ومترجمة بلغة البرايل المزدوجة .. ما أتاح للمشاركين تجربة حسية ومعرفية غنية ..

وقد أُضيف إلى اللوحة نقش فني لسربٍ من الحمام يحلّق حول الصخرة  في لمسة رمزية تضيف بُعداً جمالياً وإنسانياً للمشهد ..

إختيار صخرة الروشة لم يكن عابراً .. فهي تُعد أيقونة بيروت ورمزاً للسياحة اللبنانية .. وصورةً مطبوعة على البطاقات البريدية التي تمثّل المدينة .. 

من خلال هذه المبادرة .. أُتيح للمكفوفين أن يكونوا جزءًا من لحظة الهوية الوطنية المشتركة .. وأن يلمسوا بأيديهم معلماً لطالما عرفوه بالإسم فقط .. 

اللحظة الأبرز جاءت حين قال عامر مكارم رئيس جمعية الشبيبة للمكفوفين .. وأحد المشاركين في النشاط .. جملته المؤثرة أمام الحضور .. "لأول مرة أستطيع رؤية شكل صخرة الروشة" ..

هذه العبارة لخّصت أثر المبادرة التي لم تكن مجرّد نشاط رمزي . بل خطوة عملية لكسر الحاجز بين المكفوفين والمعالم الثقافية ..

وعلى صعيد الحضور الرسمي .. سجّل محافظ مدينة بيروت مشاركته في النشاط .. وكان المسؤول الوحيد من بين المعنيين والمهتمين الذي لبّى الدعوة .. في حين غاب باقي المسؤولين .. وكما عُهد عنه .. حضر المحافظ بنشاطٍ واهتمامٍ لافتين .. وأثنى على المبادرة التي شدّت إنتباهه .. واعداً الجمعية بتقديم الدعم اللازم والتعاون المستقبلي لتوسيع مثل هذه الخطوات في العاصمة ..

وترى الجمعية أنّ هذه التجربة تشكّل نموذجاً يمكن تعميمه .. في ظل غياب التجهيزات المناسبة للمكفوفين في المتاحف والمواقع الأثرية اللبنانية .. التي تكتفي غالباً بالمعلومات المكتوبة للمبصرين فقط .. 

وفي وقت باتت فيه المتاحف الكبرى حول العالم مثل "اللوفر" و"المتروبوليتان" .. توفر جولات خاصة للمكفوفين  تبرز أهمية مثل هذه المبادرات في لبنان .. حيث لا تزال الخطوات في هذا المجال محدودة ونادرة .. 

ما فعلته جمعية عشتار هو كسر الجدار النفسي الأول .. وإثبات أنّ الدمج ممكن ولا يحتاج إلى تقنيات خارقة .. بل إلى وعي وإرادة حقيقية تفتح أبواب التراث والجمال للجميع .. دون إستثناء ..