سفير اليابان زار البترون في اطار المشروع الاثري BAP: يمثل روح التعاون الحقيقي بين الجامعات

سفير اليابان زار البترون في اطار المشروع الاثري BAP: يمثل روح التعاون الحقيقي بين الجامعات

نظمت بلدية البترون، بالتعاون مع وزارة الثقافة - المديرية العامة للآثار والسفارة اليابانية والجامعة اللبنانية وجامعة "شوبو" اليابانية، جولة على المعالم الأثرية في المدينة، في إطار مشروع البترون الاثري BAP حيث تم اطلاق مشروع متحف البترون الاثري الممول بمنحة "Grassroots"  من الشعب الياباني.

المحطة الاولى لزيارة سفير اليابان ماغوشي ماسايوكي الى مدينة البترون كانت في البلدية، في حضور ممثل وزير الثقافة غسان سلامة المدير العام للاثار سركيس خوري، مديرة مشروع البترون الأثري الدكتورة جانين عبد المسيح ممثلة الجامعة اللبنانية، مسؤولة الآثار في الشمال الدكتورة سمر كرم، رئيس تجمع شركات النفط مارون الشماس، رئيسة جمعية "أدونا" رولا سعاده بوغوسيان، رئيس البلدية مرسيلينو الحرك وأعضاء المجلس البلدي، عدد من خبراء الآثار ومهتمين.

بداية رحب الحرك بالسفير الياباني والوفد المرافق، معربا عن سروره بالأعمال التي "تنفذ للكشف عن كنوز مدينة البترون الاثرية"، شاكرا للسفارة اليايانية وجامعة شوبو "الدعم والتمويل لتنفيذ أعمال التنقيب والكشف عن عدد من المعالم الاثرية التي كانت مدفونة تحت الارض، وللجامعة اللبنانية وجامعة "شوبو" جهودهما لانجاز الاعمال في البترون منذ 2018 وحتى اليوم في مواقع عدة.

كما شكر للشماس "مبادرته لإظهار الوجه الحقيقي لمدينة البترون".

وكشف عن التحضير لأعمال التنقيب عن مواقع عدة جديدة بالتعاون مع المديرية العامة للآثار.

وتحدثت كرم عن دور المديرية العامة للآثار في إدارة مدينة البترون من الناحية الأثرية، بالتعاون مع السلطات المحلية. وأشارت الى أن هناك "عملا تراكميا بدأ منذ عقود، حيث رافقت المديرية جميع المشاريع المتصلة بالآثار حفاظا على هوية المدينة التاريخية".

وأشارت الى أنه "منذ العام 1957، اعتبرت البترون مدينة أثرية، وصنف فيها أكثر من خمسين مبنى، كما أجريت أبحاث وتم استملاك بعض العقارات لإبراز معالمها التراثية. وخلال السنوات الأخيرة، نفذت المديرية حفريات أثرية طارئة بالتعاون مع جهات علمية، ما أتاح توثيق تاريخ المدينة من عصور ما قبل التاريخ حتى اليوم".

 

وأعلنت أنه "انطلاقا من أن الإرث الثقافي هو هوية المجتمع ورافعة اقتصاده، وضعت المديرية خطة جديدة ترتكز على تنفيذ حفريات في العقارات الخاصة عند اللزوم ودمج المعالم الأثرية ضمن المشاريع الحديثة مع فتحها أمام الزوار مجانا. بهذا، تحولت المدينة إلى نزهة أثرية حية تجمع بين المعرفة والمتعة. وقد دعم هذا التوجه إصدار مرسومين عام 2016: الأول يتيح إشراك مالكي العقارات في إبراز المعالم الأثرية، والثاني يسمح بدمجها في الأبنية الحديثة مع ضمان صيانتها وحمايتها".

 

وشددت على أن "التعاون مع بلدية البترون ومع الجامعات ولا سيما اللبنانية وشوبو اليابانية، شكل أساسا لنجاح هذه التجربة التي جمعت بين العلم، الإدارة، والمجتمع المحلي".

 

و الى أن "تجربة البترون تعد نموذجا للشراكة بين القطاعين العام والخاص في حماية التراث، ولبناء مدينة حديثة تحافظ على هويتها الثقافية والتاريخية".

 

وشكرت "دولة اليابان والجامعة اللبنانية والخبراء وبلدية البترون على دعمهم وإيمانهم بأن حماية التراث استثمار في مستقبل المدينة وأبنائها".


وعبد المسيح: "ان مشروع البترون الاثري هو مشروع بحث في البترون، حيث نجري ابحاثا علمية ضمن أسوار الحدائق وعلى مواقع مهمة قيد البنيان".

 

"منذ سنوات، بدأنا العمل على آثار مهمة من عصر الحديد الثاني (الفينيقي) والثالث (الفارسي) وتبين ان البترون فيها معالم عدة وتحتوي على مستودعات للأنفورات كانت تخزن فيها كميات من النبيذ والزيت للتبادل التجاري بين البترون ومدن البحر الابيض المتوسط وخصوصا اليونان".

 

و أن "الاعمال مستمرة في مشروع البترون الاثري في شمال المدينة لجهة ميناء الصيادين والمدينة الرومانية من البحصة وصولا الى الميناء، ومن السور الفينيقي الى المدرج الروماني، بالاضافة الى مواقع تعود لفترات عدة وصولا الى العصور الوسطى الصليبية حول القلعة القديمة".

أما السفير الياباني فقال بالعربية: "أود أن أعرب عن خالص امتناني لهذه الفرصة الثمينة لوجودي في البترون وأن ألقي كلمة فيها بهذه المناسبة احتفالا بالإنجاز الناجح لهذا المشروع المدعوم من الحكومة اليابانية، الذي يسهم في الحفاظ على التراث المميز وعرضه أمام الجمهور".

 

أ"لبنان كان وما زال، منذ العصور القديمة، ملتقى الحضارات بين الشرق الأوسط وأوروبا، فازدهرت فيه التجارة والثقافة وتلاقت فيه الحضارات المتنوعة. ومن بين مدنه التاريخية العريقة، تُعد البترون مدينة ذات جذور ضاربة في القدم، تعود إلى العصر الفينيقي، وقد واصلت تطورها عبر الزمن، من العهد الروماني مرورا بالعثماني، محافظة على طابعها الفريد، حتى أصبحت اليوم إحدى أبرز الوجهات السياحية في لبنان، تساهم بقوة في الاقتصاد الوطني. وفي هذه المدينة التي تتداخل فيها طبقات التاريخ وتتسم بثراء الفن والألفة والمحبة، يشرفنا أن نرى إنجاز مشروعنا الثقافي والأكاديمي المشترك بين البلدين، وقد أصبح جزءا من مشهد المدينة".

 

و "لبنان يتمتع بالعديد من المواقع الأثرية والمعالم الدينية. ومع ذلك، فإننا ندرك تماما التحديات التي يواجهها لبنان في الحفاظ على هذه الكنوز وصونها. ومن هذا المنطلق، نأمل أن يكون هذا المشروع قد أسهم، ولو بخطوة صغيرة، في تعزيز حماية هذا التراث وتوريثه إلى الأجيال القادمة، من خلال التعاون الوثيق بين المجتمع المحلي والمؤسسات الأكاديمية".

 

و "كما أود التأكيد أن هذا المشروع لم يكن مجرد دعم آحادي من الحكومة اليابانية للبنان، بل يمثل روح التعاون الحقيقي بين الجامعات والخبراء من البلدين، الذين تبادلوا المعرفة والخبرات. وأؤمن بأن تعميق الفهم المتبادل من خلال العلم والثقافة بين البلدين بالتاريخ والثقافة المختلفتين، هو الركيزة الأساسية لصداقة طويلة الأمد بيننا".

 

وختم: "ستواصل اليابان من جانبها التزامها بتعزيز التعاون الثقافي والأكاديمي مع لبنان، ساعية إلى توحيد الجهود والإبداع من أجل بناء مستقبل أفضل لكلا البلدين".

 

أما ممثل وزير الثقافة فقال: "أود أن أتكلم بداية ليس بصفتي ممثلا لوزارة الثقافة، إنما بصفتي أيضا ابن مدينة البترون، هذه المدينة التي ولدت فيها، وتربيت في شوارعها، وتعلمت فيها، وهي التي بنت شخصيتي وأوصلتني لأن أكون مدير الآثار في لبنان".

 

أضاف: "هذا المشروع الذي نلتقي حوله اليوم لم يكن ليكون لولا هذه المدينة الغنية بآثارها، وبتراثها اللامادي، وبعاداتها وتقاليدها التي شكّلت هويتنا وبنت شخصيتي. وإنني أحاول قدر المستطاع، أن أشرف هذه المدينة من خلال عملي في المديرية العامة للآثار".

و"هذه ليست المرة الأولى التي تساعدنا فيها، فهي سبق أن ساعدتنا في عدة مشاريع، كان آخرها المختبر الذي تم تركيبه في مركز البحوث في بيروت، والذي يفيدنا كثيرا في مجال الأبحاث الأثرية، إضافة إلى مشاريع أخرى عديدة مدعومة من دولة اليابان".

 

و"هذا على الصعيد الثقافي، عدا عن المجالات الأخرى العديدة التي ساعدتنا فيها اليابان، وهي دولة صديقة. وقد كان هناك تعاون كبير مع وزارة الثقافة حين جرى تصنيف العديد من المواقع الأثرية في اليونسكو، وساهم لبنان حينها في عملية تصنيفها على لائحة التراث العالمي، ومن بينها 23 موقعا صناعيا صُنِّفت ضمن التراث العالمي، وكان للبنان دور في هذا التصنيف".

 

وختم: "إن علاقة الصداقة التي تربطنا بدولة اليابان، نتمنى أن تستمر وتتوطد أكثر فأكثر في المستقبل".

 

جولة

ثم كانت جولة في المدينة على عدد من المواقع الاثرية ومعالم مشروع البترون التراثي للتعرف عليها، والاطلاع على الأعمال التي لا تزال قيد التنفيذ.

وفي الختام أولم الحرك على شرف الحضور في مطعم "ديلمار".