الصحافة اليوم 28-11-2025

الصحافة اليوم 28-11-2025

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 28-11-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

البناء:

لبنان سنة ثانية لوقف النار: تخلٍّ أميركي عن الاتفاق وتهديد إسرائيلي بالحرب | من أين جاء كاتس بمهلة نهاية العام الأميركية وهل تغطي أميركا حرباً غير موثوقة | ما هي خيارات الدولة والمقاومة بعد اختبارات السنة الأولى؟ وهل هناك خطة موحدة؟

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” الخلاصات التي تقولها السنة الأولى من وقف إطلاق النار، لا تحتاج إلى تحقيق إجماع ممنوع عليها بقوة الولاءات والمواقف المسبقة، لإثبات صحتها، حيث التخلّي الأميركي عن اتفاق وقف إطلاق النار وصولاً للتخلي عن القرار 1701 كمرجع يحكم الوضع على حدود لبنان الجنوبية يتردّد صداه في كل تصريحات المبعوث الأميركي توماس برّاك، عن نهاية ساكيس بيكو ومعها مفهوم الحدود المعترف بها دولياً لصالح حدود مفيدة وحدود آمنة تحقق “إسرائيل” السيطرة على النفط والمياه وتضمن الاطمئنان بالسيطرة على الجغرافيا لا بالترتيبات الدولية. ويزيد هذا التخلّي يقيناً ما يتعرّض له التعامل الأميركي مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، ما أدّى إلى إلغاء زيارة مقرّرة لقائد الجيش إلى واشنطن، وحيث الخطاب الأميركي لا يقتصر على المطالبة بنزع سلاح المقاومة من كل لبنان ليس لضمان انسحاب إسرائيلي كامل بل لضمان عدم شن “إسرائيل” حرباً جديدة، أما الانسحاب فيحتاج إلى تفاوض على الخرائط، حيث جاهرت واشنطن بدعم التوسّع الإسرائيلي بدافعي الأمن والثروات الطبيعية المائية أو النفطية او كلتيهما بالنسبة للبنان وسورية، بمعزل عن تفاوت الظروف، ووجود وعدم وجود السلاح، والقبول أو عدم القبول بالتفاوض.

التهديد الإسرائيلي بالحرب هو الآخر لا يحتاج إلى إثبات، وآخر نسخة منه كلام وزير حرب حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس الذي منح الدولة اللبنانية حتى نهاية العام لنزع سلاح المقاومة، وإلا فإن حكومته ذاهبة لفعل ذلك بالقوة عبر العودة للحرب، ومهلة نهاية العام التي نسبها كاتس لأميركا، بهدف ضمان الدعم الأميركي للحرب مأخوذة عن خطة توماس برّاك الي قدّمت للحكومة اللبنانية وأقرتها في جلسة 5 آب، ورفضت “إسرائيل” الاستجابة لها لأنها تنصّ كرد على قرار الحكومة اللبنانية بإعلان وقف الاعتداءات، وسقطت الورقة والخطة بسبب هذا الموقف الإسرائيلي، فهل “إسرائيل” جادة في الذهاب إلى الحرب أم إلى خلق حالة حرب؟ وهل أميركا بوارد مساندة حرب أم حالة حرب؟ والهدف من حالة الحرب التلاعب باللبنانيين للحصول منهم على كل تنازلات ممكنة، بوضع جدول زمني لنزع السلاح مجدداً، وتحريك مبادرات عربية ودولية لهذه المهمة، وجذب لبنان للتفاوض الجاري بين “إسرائيل” وسورية دون جدوى ونتائج، على أمل أن تنجح الشراكة في ارتكاب الخطيئة ستراً للفضيحة، لكن هل لدى “إسرائيل” ثقة بأن حملة تدمير جوّي تحقق الأهداف دون عمل بري ضخم يحقق ما عجزت الحرب السابقة في ظروف أفضل عن تحقيقه؟ وماذا لو فشل العمل البري ولم ينجح التفاوض مجدداً بإلزام المقاومة بالتنازل عن الوجود جنوب الليطاني حتى تحقيق الانسحاب الإسرائيلي، كما ينص القرار 1701، وهل تخاطر أميركا بتغطية حرب إسرائيلية جديدة محفوفة بمخاطر الفشل وارتكاب المجازر، في سنة انتخابية صعبة تفاعلت خلالها أصوات الناخبين مع الحروب الإسرائيلية؟

بعد سنة على وقف إطلاق النار، لم يتوقف إطلاق النار إلا من جانب المقاومة، ولم يتم تفعيل حق الدفاع لا من الجانب الإسرائيلي بداعي الحرب الوقائية، فهل اكتسبت الدولة والمقاومة خبرات كافية لوضع ملامح استراتيجية موحّدة للدفاع الوطني، وقد صار واضحاً أن القضية ليست قضية سلاح المقاومة بل قضية الاحتلال المرتبط ببرنامج إسرائيلي مصمم على اقتطاع جزء من الجنوب والسيطرة الأمنية على جزء ثانٍ يصل إلى نهر الليطاني والتحكم بالسيادة اللبنانية على جزء ثالث يصل إلى نهر الأولي، فهل تستطيع المقاومة إقناع بيئتها بأنها غير كافية لمواجهة الخطر الإسرائيلي وأنه لا بدّ من الدولة على عللها المعلومة ومواقف رموزها بعجرها وبجرها؟ وهل اقتنعت الدولة بأنّها غير كافية وأن العلاقة الضرورية مع أميركا لا تحقق المطلوب، وأن العلاقات بالعرب ضرورية، لكنها لن تستعيد الأرض ولن تحمي السيادة بوهم نزع السلاح المحفوف بخطر التدمير الذاتي، وأنه لا بد من المقاومة؟

لم تُحقِق زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أيّ ثغرة في جدار أزمة التصعيد الإسرائيلي المتواصل ضدّ لبنان والاحتلال لجزء كبير من الجنوب اللبناني، إذ أنّ الوزير المصري حمل جملة تنازلات تتعلق بسلاح حزب الله في شمال الليطاني من دون أيّ ضمانات واضحة بمسألة الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب ووقف الاعتداءات. ووفق معلومات «البناء» فإنّ فحوى الاقتراح الذي حمله الوزير المصري هو إعلان نوايا من حزب الله بموافقته على تسليم سلاحه في جنوب وشمال الليطاني وإعلان من «إسرائيل» موافقتها على الانسحاب من نقطتين من النقاط الخمس المحتلة، وبعد ذلك تنطلق مفاوضات بين الجانبين على هذا الأساس في القاهرة برعاية عربية – دولية على غرار اتفاق غزة بين حركة حماس و»إسرائيل».

غير أن الوزير المصري وفق المعلومات سمع كلاماً واضحاً في المقار الرسمية لا سيما في بعبدا وعين التينة بأنّ لبنان طبق كلّ موجباته والتزاماته في اتفاق وقف إطلاق النار فيما «إسرائيل» منذ عام حتى الآن لم تطبق أي من البنود الرئيسية في الاتفاق وهي وقف الأعمال العدائية والانسحاب الكامل من الجنوب وإعادة الأسرى، كما أن الجيش اللبناني انتشر في كامل جنوب الليطاني وتسلّم السلاح ويمنع أيّ مظاهر مسلّحة باستثناء المناطق التي تحتلها «إسرائيل» ما يعيق استكمال تنفيذ مهمة الجيش، وبالتالي «إسرائيل» استمرّت باحتلالها واعتداءاتها ولم يستطع أو لا يريد الأميركي تقديم ضمانة ولا الضغط الجدي على «إسرائيل»، كما أنّ «إسرائيل» ترفض التفاوض ولم يأتِ أي جواب إسرائيلي ولا حتى أميركي على دعوات رئيس الجمهورية للتفاوض ولا على المبادرات بخاصة المبادرة التي أطلقها في خطاب عيد الاستقلال وردت عليها «إسرائيل» بضرب الضاحية الجنوبية واغتيال القيادي الجهادي في الحزب هيثم الطبطبائي. وسُئِل الوزير المصري ما الضمانة بأن تلتزم «إسرائيل» بأي اتفاق أو مفاوضات طالما أنها نكثت ونقضت وتنصّلت ونسفت اتفاق 27 تشرين والقرار 1701 وانقلبت على كل الاتفاقات والقرارات؟ وما جدوى التوصل إلى اتفاق جديد طالما هناك اتفاق 27 تشرين ولم تطبقه «إسرائيل»؟

وفي سياق ذلك، أشارت مصادر مقرّبة من «حزب الله بحسب قناة «الجديد»، إلى أنّه «لم يُعقَد أيّ لقاء مباشر مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي والحزب متمسّك بموقفه بضرورة الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية الذي لم يُطبَّق يوماً». وقال: «مطالب وتنازلات عدة تُفرض على حزب الله من دون أيّ تنازل من الجانب الآخر وعليه فإن الأمور على حالها والمساعي تراوح مكانها إلى ما بعد زيارة البابا لاوون الرابع عشر إن قررت «إسرائيل» الانتظار».

وفي ذكرى عام على انتهاء الأعمال القتالية واتفاق 27 تشرين الثاني، أشارت قوات «اليونيفيل»، في بيان، إلى أنّ «هناك تحديات كثيرة: أسلحة ومعدات غير مصرّح بها تُكتشف، والجيش الإسرائيلي يستمرّ بالاحتفاظ بمواقع داخل الأراضي اللبنانية، وقد سُجل أكثر من 10,000 انتهاك جوي وبرّي خلال الأشهر الاثني عشر الماضية».

وأضافت: «يبقى الاحترام التام للقرار 1701 نصاً وروحاً السبيل لتحقيق الهدوء الدائم. لقد عانى المدنيون على طول الخط الأزرق كثيراً نتيجة هذه الأعمال العدائية، ويجب أن تظل سلامتهم واستقرار المنطقة أولويّة قصوى».

إلى ذلك، أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الأمين العام المساعد للشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ في الأمم المتحدة خالد خياري خلال استقباله في قصر بعبدا، أنّ لبنان يرحب بأي مساعدة تقدّمها الأمم المتحدة والدول الصديقة بهدف تثبيت الاستقرار في الجنوب ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المدنيين والقرى والبلدات الجنوبية والتي وصلت إلى الضاحية الجنوبية من بيروت. وقال «يصادف اليوم مرور سنة كاملة على إعلان اتفاق وقف الأعمال العدائية، وفي وقت التزم فيه لبنان التزاماً كاملاً مندرجات هذا الاتفاق، لا تزال «إسرائيل» ترفض تنفيذه وتواصل احتلالها للأجزاء من المنطقة الحدودية وتستمر في اعتداءاتها غير آبهة بالدعوات المتكررة من المجتمع الدولي لالتزام وقف النار والتقيد بقرار مجلس الأمن الرقم 1701، فضلاً عن أنها استهدفت أكثر من مرة مواقع القوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل».

وأكد الرئيس عون للمسؤول الأممي أنه أطلق مبادرات عدة بهدف التفاوض لإيجاد حلول مستدامة للوضع الراهن، لكن لم يتلقّ أيّ ردة فعل عملية على رغم التجاوب الدولي مع هذه المبادرات والتي كان آخرها عشية عيد الاستقلال.

كما أكد الرئيس عون أنّ الجيش اللبناني يقوم بواجبه كاملاً في منطقة انتشاره في جنوب الليطاني منذ اللحظة الأولى لإعلان الاتفاق قبل عام تماماً، رافضاً الادّعاءات الإسرائيلية التي تطاول دور الجيش وتشكك بعمله الميداني، لافتاً إلى أنّ هذه الادّعاءات لا ترتكز على أي دليل حسي، مع الإشارة إلى أنّ لجنة «الميكانيزم» كانت وثقت رسمياً ما قام ويقوم به الجيش يومياً، في إطار منع المظاهر المسلحة ومصادرة الذخائر والكشف على الأنفاق وغيرها.

من جهته، أطلق رئيس الحكومة نواف سلام سلسلة مواقف مستغربة في توقيتها ومضمونها وتعاكس مواقف رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، وتأتي في توقيت تكثيف العدوان الإسرائيلي على لبنان وعدوان الضاحية واستمرار الاحتلال للأراضي اللبنانيّة في الجنوب، ولفت سلام إلى أن «لبنان متأخّر في موضوع حصر السلاح وبسط سلطة الدولة وسيادتها، وهذا ما نصّ عليه اتفاق الطائف، لافتاً إلى أنّ المقاومة كان لها دور في تحرير الجنوب وكان لحزب الله دور أساسيّ فيها». وانتقد رئيس الحكومة بشدّة «سردية» حزب الله المتعلّقة بسلاحه، وقال أمام وفد الهيئة الإدارية لنادي الصحافة: «إن الحزب يقول إن سلاحه يردع الاعتداء، والردع يعني منع العدو من الاعتداء، ولكنه اعتدى والسلاح لم يردعه. كما أنّ هذا السلاح لم يحمِ لا قادة الحزب ولا اللبنانيين وممتلكاتهم، والدليل على ذلك عشرات القرى الممسوحة». وسأل: «هل سلاح حزب الله قادر حالياً على ردّ الاعتداءات الإسرائيلية الراهنة؟ هذا السلاح لا ردع ولا حمى ولا نصر غزة. ونحن لم نطبّق الـ1701 في العام 2006، ولا بدّ من التذكير بأنّ مقدّمة اتفاق وقف الأعمال العدائية تحدّد الجهات الستّ التي يحق لها حمل السلاح».

من جهتها، شدّدت كتلة الوفاء للمقاومة على أنّ «من حق لبنان وشعبه القيام بكلّ ما من شأنه أن يؤدِّي إلى كفِّ يدِ العدوّ ويمنع تطاوله على ‏سيادتنا الوطنيّة»، محملة المجتمع الدولي «المسؤوليّة القانونيّة والسياسيّة في عدم إدانته ‏الاعتداء الصهيوني».

ولفتت الكتلة في بيان عقب جلستها الدورية برئاسة النائب محمد رعد، إلى أنه «أمام هذا العدوان وأبعاده ودلالاته، فإنَّ من حق لبنان وشعبه القيام بكلّ ما من شأنه أن يؤدِّي إلى كفِّ يدِ العدوّ ويمنع تطاوله على ‏حرمات شعبنا وسيادته الوطنيّة.. وأنَّ المجتمع الدولي يتحمَّل المسؤوليّة القانونيّة والسياسيّة في عدم إدانته ‏الاعتداء الصهيوني على بلدٍ مؤسِّس، ويتحمَّل مسؤوليته تجاه حفظ أمنه وحقِّه في استرجاع أرضه المحتلَّة‎.»‎

أضافت: «سنةٌ انقضت وشعبنا المعتدى عليه وبلدنا المنتهكة سيادته وحرمته، ومقاومتنا المتحمّلة بصبر الالتزام بما ‏التزمت به انطلاقًا مما توجبه المصلحة الوطنيّة في هذه المرحلة، وأنَّ حقوق اللبنانيين وأمنَهُم وكرامتهم ‏ومصالحهم لا يمكن أن تُرتَهَنَ لنزقِ ذلك الكيان العنصري العدواني الذي لا يردعه عن انتهاكاته قانون ‏دوليّ ولا دولة قاصرة عن الدفاع عن سيادة بلدها وكرامة شعبها».‏

وتابع البيان: «والأنكى من ذلك كله أنَّ العدوّ المحتل وبمساعدة جوقة من الانتهازيين المستسلمين يبرِّرون الاعتداء على ‏لبنان وشعبه ويعتبرونه ــ دون وجه حق أو منطق ــ عملًا استباقيًا ضدَّ رد فعل مفترض أو محتمل يمنع ‏استقرار الاحتلال ويدافع عن سيادة البلد المنتهكة‎».

ميدانياً، شنّ الطيران الحربي سلسلة غارات على المنطقة الواقعة بين عربصاليم وجرجوع وأطراف اللويزة وأيضاً الجرمق والجبور والزغارين بين سجد والريحان والمحمودية. وزعم جيش الاحتلال أنه أغار على بنى تحتية تابعة لحزب الله في مناطق مختلفة بجنوب لبنان. وأشار إلى أنه في إطار الغارات استهدف عددًا من مواقع الإطلاق التي خُزّنت فيها وسائل قتالية تابعة لحزب الله، كما هاجم مستودعًا احتوى على وسائل قتالية إلى جانب مواقع عسكرية استخدمها عناصر حزب الله للدفع بمخططات ضد قوات الجيش الإسرائيلي، إلى جانب بنى تحتية إضافية، وفق ادعاء الاحتلال.

وكان إعلام العدو واصل حملة التحذير والتهويل بحرب جديدة على لبنان.

فقد نقلت إذاعة جيش الاحتلال عن مصدر عسكريّ قوله إن «نتنياهو يعقد اجتماعاً مع عدد من الوزراء وكبار المسؤولين بشأن لبنان، فيما نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مصادر قولها «إن الإدارة الأميركية حددت للحكومة اللبنانية يوم 31 كانون الأول موعداً نهائياً لنزع سلاح حزب الله»، بحسب «روسيا اليوم». ونقلت القناة 7 العبرية عن كاتس قوله «لا نثق بأن حزب الله سيتخلّى عن سلاحه من تلقاء نفسه وواشنطن أمهلته حتى نهاية العام». وأكد أنه «إذا لم يتخلّ حزب الله عن سلاحه حتى نهاية العام فسنعمل بقوة مرة أخرى في لبنان». وأشار إلى «أننا لم نشهد وضعاً أمنياً أفضل على الحدود الشمالية منذ عشرين عاماً».

على صعيد آخر، أشار وزير الإعلام بول مرقص، خلال تلاوته مقرّرات جلسة مجلس الوزراء، إلى أنّ «رئيس الحكومة نواف سلام أكّد أننا نتابع تنفيذ خطة الجيش بشأن السلاح من خلال التقارير الشهرية». وأعلن مرقص أن مجلس الوزراء أقرّ معظم بنود جدول أعماله، موضحًا أنّ مجلس الوزراء أقرّ تعيين أعضاء الهيئة العامة للمتاحف”.

الأخبار:

الشيخ قاسم يعلن اليوم موقف حزب الله… وقائد الجيش في باريس: بلبلة في القاهرة نتيجة كلام وزير خارجيتها في بيروت

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية “بعد عام على وقف إطلاق النار في لبنان، تُظهِر الأحداث أنه اتفاق من جانب واحد، إذ بينما التزم حزب الله بوقف إطلاق النار بصورة كاملة، ما عدا عملية واحدة نُفّذت في مزارع شبعا، فإن العدو نفّذ 669 غارة جوية بمعدّل غارتين يومياً، آخرها جولة أمس التي استهدفت مناطق في محافظة النبطية.

وأدّى العدوان خلال عام إلى استشهاد أكثر من 350 لبنانياً، بينهم عدد كبير من المدنيين، إضافة إلى عناصر من حزب الله وآخرين من حركتَيْ حماس والجهاد الإسلامي والجماعة الإسلامية والسرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال، وكذلك تدمير قرى الحافة الأمامية خلال تسعين يوماً بعد الإعلان عن وقف الحرب في 27 تشرين الثاني من العام الماضي، واستمرار احتلال عدد من النقاط داخل الأراضي اللبنانية واحتجاز 16 لبنانياً داخل السجون الإسرائيلية في فلسطين المحتلة.

وأمس، عزّز إعلام العدو المعطيات التي كان الموفد الأميركي توماس برّاك قد أعلنها سابقاً، من أن إسرائيل تتصرّف على أساس أن الاتفاق غير قائم، وأنها لا تبحث في أصل القرار 1701، خصوصاً أنه تمّ الاتفاق على إنهاء عمل القوات الدولية في الجنوب خلال عام بعد الآن، فيما تضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها من الغربيين والعرب على لبنان للدخول في مفاوضات مباشرة مع العدو من أجل التوصّل إلى اتفاق سياسي -أمني شامل، يقوم على إلغاء حالة العداء بين البلدين وعلى نزع سلاح المقاومة.

ووسط الأجواء الواضحة التي لا توحي بأن لبنان مستعدّ لمثل هذا الاتفاق، وإعلان المقاومة رفضها المطلق للتخلّي عن السلاح، كانت بيروت مسرحاً لمزيد من الضغوط التي تولّتها جهات أوروبية وعربية، وكان الأبرز ما رافق زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، والذي تكشّف أمس المزيد من المعطيات حول ما قاله في لقاء جمع أكثر من 15 شخصية من دبلوماسيين ونواب وسياسيين لبنانيين.

وبعد نشر «الأخبار» أمس قسماً من المعلومات التي أدلى بها الوزير المصري، نشطت الدبلوماسية المصرية بين القاهرة وبيروت لنفي الأمر. حيث أُشيع نهاراً بأن وزارة الخارجية المصرية في صدد إصدار نفي رسمي لما نُشر، قبل أن يضطر المصريون إلى التراجع بعدما أخذت التسريبات مداها وخلقت جواً من الإحباط والاستياء حتى داخل الإدارة المصرية في القاهرة.

فكان المخرج هو اللجوء إلى تسريب أجواء تحاول نزع المسؤولية عن وزير الخارجية وإلصاق الكلام الذي نُقل عنه بالسفير المصري في بيروت تارة، وتارة أخرى عبر التنصّل من كل ما قيل، والادّعاء بأن ما تمّ النقاش فيه مع الرؤساء اللبنانيين الثلاثة اقتصر على المبادرة المصرية وإمكانية تحقيقها.

وأكّد مصدر لبناني كان حاضراً في الاجتماع مع الوزير المصري أن الأخير، تحدّث بتفصيل أكبر عن اتصالاته الخارجية، وأنه تحدّث بلغة حازمة وليس بلغة دبلوماسية كما روّج الآخرون. وأنه قال، إنه مقتنع بأن القرار الإسرائيلي بشنّ الحرب على لبنان مُتّخذ، ولكنّ النقاش حول التوقيت، وأن ما يقوم به، هو لمحاولة إيجاد مخرج يمنع الحرب.

ونقل الوزير المصري عن وزير الخارجية في سنغافورة فيفيان بالاكريشنان الذي التقاه الأسبوع الماضي في جنوب أفريقيا قوله، إن إسرائيل في صدد توسيع عدوانها في لبنان وسوريا وفلسطين.

واستخدم عبد العاطي مصطلحاً جديداً قائلاً، إن «هناك شيئاً جديداً اسمه السيادة الأمنية لإسرائيل، وإن الإسرائيليين لن يكتفوا بالعدوان الجوي بل سيقومون بعملية برية في الجنوب، ولا أحد يفكر في أنهم سيخرجون من المناطق التي سيدخلون إليها، بل سيتمركزون فيها على غرار ما يحصل في سوريا».

من جانبها، وبعد نقلها عدة رسائل تهديد بالحرب إلى جهات لبنانية، حذَّرت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت أمس، من أن حالة عدم اليقين في الجنوب لا تزال قائمة، رغم الوجود المعزّز للقوات المسلحة اللبنانية والقرارات المهمة التي اتّخذتها الحكومة، وهما عنصران وصفتهما بأنهما «شكّلا الحجرَ الأساسَ لمسار نحو وضع طبيعي»، وقالت: «إن الوقت قد حان لانتهاز الفرصة المتاحة، كما أن الحوار والمفاوضات وحدهما لن يحلّا كل شيء، لكنهما سيساعدان في إرساء تفاهم متبادل حول الالتزامات العالقة، والأهم من ذلك، سيمهّدان الطريق للأمن والاستقرار اللذين يسعى إليهما الطرفان».

يشار إلى أن التطورات في لبنان، هي مدار بحث يجريه قائد الجيش العماد رودولف هيكل في العاصمة الفرنسية، وسط معلومات عن احتمال انتقاله من هناك إلى الولايات المتحدة، ربطاً بمساعٍ تقوم بها جهات عسكرية وأمنية أميركية تعتبر أنه «من الخطأ وقف التواصل مع الجيش اللبناني»، خصوصاً أن التواصل السياسي مع المسؤولين اللبنانيين «متوقف بصورة تامة». وعلمت «الأخبار» أن لبنان ليس لديه اليوم سوى عنوان السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى الذي لم يقرّر بعد مسار عمله.

في هذه الأثناء، واصلت وسائل إعلام العدو الحديث عن أن الحرب «مقبلة لا محالة، لأن حزب الله لا ينوي نزع سلاحه، وإسرائيل تعتقد بأن السبيل الوحيد لإقناعه بذلك هو استخدام القوة»، لكن إعلام العدو انتقل للحديث عن وجود دعم أميركي للتوجه الإسرائيلي، مذكّرةً بأن عملية الاغتيال الأحد الماضي حظيت بموافقة ودعم أميركيَّيْن.

وذكرت صحيفة «إسرائيل هيوم»، أنّ إدارة ترامب حذّرت لبنان، بأن عدم إنجاز خطة نزع سلاحه قبل نهاية العام، قد يفتح الباب أمام مواجهةٍ عسكرية جديدة لا مفرّ منها في المنطقة». وقالت، إن واشنطن ستحمّل الحكومة اللبنانية المسؤولية عن أي تصعيد.

يشار إلى أن الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، سيتحدّث عند السادسة من مساء اليوم في احتفال لتكريم الشهداء، وسوف يعرض فيه موقف الحزب من التطورات المتصلة بالصراع مع إسرائيل، واستعادة لما جرى في العام الذي مضى على إعلان وقف إطلاق النار”.

سوريا من لاعب إلى ساحة لعِب: الشرع يعرض بضاعته … على كلّ المشترين!

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “لا يزال العامل الجيوسياسي، قبل غيره من العوامل، يؤدّي دوراً حاسماً في تقرير مصائر الكثير من بقاع المعمورة، في جنوبها كما في شمالها، والتي تشهد نزاعات وحروباً. الحرب السورية، والتي خيضت تحت سقفها حروب عديدة، أكّدت هذه الحقيقة بجلاء مرّة أخرى. لا يعني هذا الكلام إنكار أهمية العوامل المحلّية في انفجار الأزمات بعد استفحالها، ولا تجاهل تطلّعات وقناعات القوى السياسية والاجتماعية التي أضحت أطرافاً فيها؛ لكن الدرس الأبرز لما حصل في سوريا هو أنّ العامل الجيوسياسي، والمقصود هنا التدخّل المباشر والمستمرّ للّاعبين الدولتيين، الإقليميين والدوليين، كلّ بحسب أجندته، هو الذي حدّد مسار تطوّر الصراع، ومآلاته في المحصّلة النهائية.

لا حاجة اليوم إلى العودة إلى الخوض التفصيلي في وقائع هذه التدخّلات، والتي باتت معروفة بمجملها، بل المطلوب هو التوقّف عند مدى استعداد أفرقاء الصراع المحلّيين للتكيّف مع أجندات الأطراف الدوليين والإقليميين للحصول على دعمهم، حتى ولو كان مثل هذا الأمر يتعارض مع قناعاتهم العقائدية أو الفكرية – السياسية الأساسية.

فصيلان رئيسيان على الساحة السورية أظهرا مثل هذا الاستعداد للقطع مع ثوابتهما المعلنة: «هيئة تحرير الشام» أو «جبهة النصرة» سابقاً، و«قوات سوريا الديمقراطية» التي يمثّل «حزب العمال الكردستاني» نواتها الفعلية. وإذا كانت ضرورات البقاء هي التي برّرت خيارات قيادتَيهما في مرحلة استعار الحرب، فإنّ صيرورة «قسد» سلطة أمر واقع في شمال شرق سوريا، و«هيئة تحرير الشام» مجموعة حاكمة في دمشق، قد أثبت أنّ المضيّ في هذه الخيارات، وفي مقدّمها الاندراج في الاستراتيجية الإقليمية العامة لواشنطن، أصبح من بين أوّل ثوابتهما المستجدّة.

وبما أنّ من يحكم دمشق يحظى بـ«رعاية» إقليمية، تركية وسعودية وغربية، أميركية وأوروبية، هي بمثابة «ضمانة حياة» بالنسبة إليه، وشرط لا بدّ منه لإنجاح مشاريع إعادة البناء و«فتح آفاق التنمية والازدهار» التي يحتاجها، فإنّ السؤال الذي يفرض نفسه في مثل هذه الظروف، هو ذلك المرتبط بأثمان تلك الرعاية، المتعدّدة الأطراف والأجندات وما سترتّبه على الموقع الإقليمي لسوريا.

تعمل تركيا بشكل منهجي وهادئ على تعظيم نفوذها داخل المؤسّسات الأمنية والعسكرية والسياسية الجديدة في سوريا، لتصبح الأخيرة في مستقبل قريب مجالاً حيويّاً للأولى على المستوى الاستراتيجي. والتدخّل التركي في الأزمة السورية منذ اندلاعها، وإن تمّ تحت شعارات دينية – مذهبية، كان يرمي في الواقع إلى تحقيق أهداف قومية إمبراطورية، متّصلة بقناعة النخبة الحاكمة بأنّ التحوّلات في موازين القوى الدولية واتّساع هامش القوى الإقليمية الوسطى، يتيحان المجال لتحقيق الطموحات التركية إلى توسيع النفوذ في الجوار القريب؛ علماً أنّ المنطق نفسه، وإن في سياقات جيوسياسية وجيو-ثقافية مختلفة، يحكم السياسة التركية حيال النزاع بين أذربيجان وأرمينيا، على سبيل المثال لا الحصر. وفي الأصل، فإنّ الفريق الحاكم في دمشق وصل إلى موقعه أولاً بفضل تلك التوجّهات التركية، وما نجم عنها من حضانة لـ«جبهة النصرة» في البدء، ولـ«هيئة تحرير الشام» تالياً.

غير أنّ الصلة الوطيدة مع السعودية، وما نتج وقد ينتج منها في المستقبل من مكاسب سياسية للنظام في دمشق، تكتسب هي الأخرى أهمية حيوية. فالوعود بالاستثمارات الهائلة في مختلف قطاعات الاقتصاد السوري، وكذلك عملية تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، هي من «بركات» هذه الصلة. السعودية تريد من جهتها أن تستحيل سوريا ظهيراً إقليمياً لها يعزّز نفوذها في المشرق، بما فيه دول كلبنان والأردن وربما العراق لاحقاً. ولا ريب في أنّ التفاهمات بين أنقرة والرياض حول ضرورة دعم النظام السوري الحالي، والقبول بنوع من الشراكة وتقاسم النفوذ في هذا البلد، هي من بين العوامل الحاسمة التي تضمن بقاءه.

في الوقت نفسه، تكثر التكهّنات حول قِدم صلات رئيس النظام السوري الحالي، أحمد الشرع، بالولايات المتحدة. البعض يعتقد أنّ «علاقات عمل» نشأت بينه وبين الأجهزة الأمنية البريطانية والأميركية منذ حوالي العقد، نتيجة لتقاطع المصالح ضدّ إيران و«حزب الله» وروسيا بين الطرفين، وكذلك للتعاون ضدّ «داعش»، في حين يذهب آخرون إلى التأكيد أنّ علاقات جمعته بأجهزة أميركية منذ اعتقاله في العراق في 2007. المحسوم هو أنّ الرجل عبّر منذ سنوات طويلة عن قناعته بضرورة التحالف مع الغرب ضدّ إيران و«حزب الله» وروسيا، وأنّ التعاون بينه وبين الأجهزة الغربية بدأ في المجال الأمني، ليمتدّ إلى المستويَين السياسي والدبلوماسي بعد استلامه للسلطة.

هو ملتزم اليوم بالعديد من الإملاءات الأميركية المتعلّقة بالقطيعة الكاملة مع قوى المقاومة بجميع مكوّناتها في فلسطين ولبنان وإيران، وبمنع الدعم عنها، وبالامتناع عن أيّ مجابهة للاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، وبالسعي إلى التوصّل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل. لكن هو ملتزم أيضاً، وبفعل التأثير التركي والسعودي عليه، بعدم الانضمام إلى «اتفاقيات أبراهام» في ظلّ اتّباع إسرائيل سياسة الإبادة والحرب المفتوحة وزعزعة استقرار الإقليم. لكن من الصعب جدّاً التكهّن بالأدوار التي من الممكن أن يرتضي القيام بها أو الخدمات التي قد يقدّمها، في سبيل الحفاظ على سلطته المهتزّة على وقع تأجّج الانقسامات الطائفية والإثنية؛ والذي يعود إلى التدخّل الإسرائيلي من جهة، والسياسة الرعناء المعتمدة من قِبل أجهزته والجماعات التي تعمل في ظلّها من جهة أخرى.

سوريا راهناً باتت محكومة بتوازنات شديدة الهشاشة، داخلية وإقليمية – دولية، وعادت ساحة بعد أن كانت لعقود لاعباً إقليمياً، بمعزل عن كلّ ما يمكن أن يقال، وهو كثير ، حول طبيعة نظامها السابق وسياساته”.

السعودية تُدخل الشرع تحت عباءتها: هاكُم «الجهاد»… بحلّته الجديدة!

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “حوّل الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، بوصوله إلى السلطة، مَن يمكن تسميتهم الآن بـ«الجهاديين الجدد» إلى ذراع علنية للولايات المتحدة لتنفيذ مهمّات لمصلحتها في المنطقة. وهذه، قد تكون المرّة الأولى التي تتحالف فيها واشنطن علناً مع دولة يَحكمها «جهاديون»، علماً أن العلاقة مع الأَخيرين كانت على الدوام سرّاً مفضوحاً، وذلك بفعل رغبة الأميركيين في أن لا تُحسب عليهم نتائج تلك المهمات. ولعلّ وثائق 11 أيلول التي لا تزال الولايات المتحدة تصنّف بعضها سرياً، رغم الكشف عن معظمها، نظراً إلى ما تتضمّنه من مصدر إحراج لأجهزة الدولة الأميركية وقادة دول حليفة، تمثّل دليلاً على هذا الواقع. ومع أن واشنطن توحي بأن العلاقة مع الشرع، إنما جاءت بعد تخلّي الرجل عن ماضيه الجهادي، بل وانخراطه في مكافحة الإرهاب، إلا أن هذه الصِّلة قائمة منذ سنوات عبر حلفاء أميركا في تركيا وقطر، حين مثّلت الأولى معبراً للجهاديين إلى سوريا، بينما تولّت الثانية تمويل تسليحهم ورواتبهم، وانكفأت السعودية عن الساحة السورية في ظلّ وجود النظام السابق الذي لم تكن مُعارِضة له. وبحسب تقارير صحافية غربية، فإن كثيراً من قادة «داعش» وتنظيم «القاعدة» الذين سقطوا في الحملة على الإرهاب، ما بعد عام 2016، قُتلوا في المناطق التي تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» بزعامة الشرع في شمال سوريا، حيث سيقت اتهامات كثيرة إلى الأخيرة بالتواطؤ في قتلهم.

لا يعني هذا السياق الطويل من العلاقة المُفترضة مع «الجهاديين»، أن الأمور كان مخطَّطاً لها منذ البداية. فبالتأكيد، لعب الصراع نفسه الدور الأساسي في إنضاج الظروف لما وصلت إليه الأوضاع اليوم، وإنما كان الأميركيون يمسكون بالأوراق اللازمة، بشكل مباشر أو عبر حلفائهم في سوريا وخارجها، بما سمح لهم بالانتقال إلى الحالة الراهنة. أمّا من تولّى تخريج الأمر إلى العلن، فهو ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي استدعى الشرع إلى لقاء مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال زيارة الأخير للرياض ضمن جولة خليجية في الربيع الماضي؛ وهو الذي يلعب الدور الأكبر في إدماج الرئيس السوري الانتقالي في الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة في المنطقة؛ كما أنه مَن فتح أمامه أبواب البيت الأبيض. وللمفارقة، فإن السعودية نفسها كانت الواسطة بين الأميركيين والجهاديين عند بداية صعود الأخيرين في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، حين استخدمتهم الولايات المتحدة لطرد السوفيات من أفغانستان، ووفّرت لهم أسلحة نوعية مكّنتهم من ذلك. حينها، كانت العلاقة سراً مُعلناً، إلّا أنها لم تحمل الحرج نفسه الذي نضحت به حين انتقل الأميركيون، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، إلى علاقة مع «الجهاديين» تدمج بين تصويرهم كعدو يمثّل خطراً على الديمقراطية، وبين استخدامهم بصورة غير مباشرة لتحقيق أهداف محدّدة، ولا سيما خلال احتلال العراق، حيث استخدمتهم واشنطن في إثارة الفتنة، ووأد المقاومة التي واجهتها.

ولعلّ أحد الشهود على البدايات، كما على إخراج العلاقة الراهنة بين الأميركيين والشرع، هو تركي الفيصل الذي رعى الجهاد الأول بصفته رئيساً للمخابرات السعودية العامة، ثمّ ها هو يشهد على التجديد، من وراء الستارة، كأحد القلائل من كبار الأسرة الذين تحالفوا مع ابن سلمان. ولم تكن مصادفة أن الأخير عندما مازحه ترامب سائلاً إياه خلال لقائهما في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، عن أفضل الرؤساء الأميركيين بالنسبة إليه «بخلاف ترامب»، كان جوابه: «ريغان وروزفلت. أما أنت، فمن مستوى آخر». وبالفعل، أراد ابن سلمان للزيارة أن تمثّل تأسيساً ثانياً للعلاقة الأميركية – السعودية على ركائز تضمن مستقبل حكمه، تماماً كما فعل جدّه، حين عقد معاهدة مع الرئيس الأميركي الأسبق، فرانكلين روزفلت، عام 1945. أمّا أهمية الشرع في هذا السياق، فتكمن في أنه مستعدّ، بما يمثّله، لنقل سوريا إلى الموقع الذي يساعد ترامب وابن سلمان في تعزيز أهدافهما المشتركة؛ فهو إذ يقدّم إخراج إيران و«حزب الله» من سوريا بصفته إنجازاً له، فإنه في الوقت نفسه وافق على الجلوس مع الإسرائيليين عبر وزير خارجيته، حتى وإن لم يكن بالإمكان الوصول إلى اتفاق بين سوريا وإسرائيل حتى الآن.

الوضع الذي يقيم فيه الشرع حالياً، يجعله متأرجحاً بين احتمالَين: الأوّل، هو دفع الثمن اللازم لإسرائيل، وهذا يشترط القدرة، وليس الرغبة فقط، كما يشترط قبول حلفائه في تركيا والسعودية خصوصاً بذلك؛ والثاني، أن يكون المشروع الأميركي – الإسرائيلي يتجاوزه هو والرياض وأنقرة، وبالتالي أن تتمّ الإطاحة به حين ينتهي دوره، بعد أن يقدّم ما يمكنه تقديمه، ثمّ تنتقل واشنطن وتل أبيب إلى تنفيذ مشروعهما المتمثّل بتفتيت سوريا إلى دويلات. والتأرجح بين الاحتمالَين المذكورَين يقع في صلب ما يبدو على السطح خلافاً بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ إذ يريد الأول ترتيبات واسعة للمنطقة ككلّ، بينما يسعى الثاني إلى احتلال مزيد من الأراضي، تمهيداً لضمّها لاحقاً، أو إبقائها مدى أمنياً حيوياً لإسرائيل، وهو ما لا تستطيع دول المنطقة الحليفة للولايات المتحدة القبول به، كونه يهدّد كياناتها ذاتها، ولا سيما تركيا التي تطالب الأميركيين بفعل المزيد لكبح جماح إسرائيل.

يبدو الشرع شخصية مركزية في هذا الصراع الذي يجري كلّه تحت السقف الأميركي، وهذه نقطة القوة الرئيسية له في مواجهة إسرائيل، التي لولا هذا التوازن، لما تردّدت حتى في اغتياله في وضح النهار. لكن مشكلة الشرع الحقيقية تكمن في عدم قدرته على تسويق سياسته هذه في الشارع السوري، ولا سيما أنه لا يمسك به تماماً، وله أعداء كثيرون فيه، بعضهم يملكون السلاح مثله، وآخرون يملكون تأثيراً؛ والحديث هنا عن المكوّن السنّي تحديداً وليس عن غيره. ومع هذا، يمكن الرجل أن يبقى الأول، بفارق كبير عن باقي القوى؛ وأن يظلّ كذلك القادر على الحركة أكثر من غيره، بفعل علاقاته الدولية وتحالفاته الإقليمية والكاريزما التي يمتلكها، والتي لا تزال حتى الآن تسمح له بإقناع أنصاره بالرهان على الوقت لترتيب أوضاع سوريا. لكن الرجل قد يواجه معارضة متعاظمة بين القوى المسلحة والسياسية إذا قبِل بتوقيع اتفاق مذلّ مع إسرائيل، التي لا تبدو معنيّة بمجرّد ترتيبات أمنية تسمح لنظامه بالاستقرار، وترى الفرصة سانحة لتحقيق أكثر ممّا تقدّم بكثير، بما يشمل اعترافاً من السلطة القائمة في دمشق باحتلالها للجولان، وربما أيضاً بالأراضي التي احتلّتها بعد سقوط نظام الأسد، وبيدها الطويلة في باقي أنحاء سوريا عبر تحالفاتها مع «قسد» ودروز السويداء، وربما لاحقاً جهات في الساحل السوري”.

رسائل متبادلة بين دمشق وطهران | إيران ما بعد الأسد: الحذرُ كسياسة

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “عاشت القيادة الإيرانية صدمة حقيقية أمام الانهيار السريع لنظام الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، وما أثاره من مخاوف فورية حيال مستقبل نفوذ طهران في الإقليم. فالنظام السوري، في أثناء عهد الأسد، كان يشكّل الحلقة الأهمّ في «محور المقاومة»، كما كان يمنح إيران حضوراً مباشراً على مقربة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك في إطار ما تعتبره طهران استراتيجية «دائرة النار» الهادفة إلى تطويق إسرائيل. وفي ظلّ هذا التحوّل المفاجئ، انشغل صنّاع القرار الإيرانيون بأخطر تداعياته، وعلى رأسها أنّ خروج قوّاتهم من سوريا، سيضعف قدرة بلادهم على تأمين خطوط إمداد «حزب الله» وإعادة تسليحه، خصوصاً أنّ هذه التطورات جاءت متزامنة مع انتهاء الحرب الإسرائيلية العنيفة على لبنان، والتي تلقّى فيها الحزب ضربات موجعة كان أبرزها اغتيال أمينه العام، الشهيد السيد حسن نصر الله.

كذلك، تعزّز في طهران الشعور بأنّ إضعاف «حزب الله» وسقوط نظام الأسد، سيُحدثان فجوة خطيرة في خطّ الدفاع الأمامي للجمهورية الإسلامية، الأمر الذي قد يمكّن إسرائيل من تهديد المنشآت النووية الإيرانية بشكل مباشر. فالمسألة بالنسبة إلى إيران لا تنحصر في كيفية إعادة ترميم قوة حليفها في لبنان – المحتاج فعلاً إلى الترميم – بل تتّصل قبل كل شيء بحماية مجالها الأمني الاستراتيجي. وانطلاقاً من هذه التقديرات، بدا واضحاً أنّ طهران، ستكون مضطرة إلى بلورة سياسة ردع جديدة، تختلف في مرتكزاتها عن تلك التي اعتمدت طويلاً على قوى المقاومة في الإقليم، وتراعي موقع إيران المستجدّ في الخريطة الإقليمية بعد سقوط الحليف السوري التقليدي.

مرحلة التكيّف والاختبار

دخلت إيران مرحلة جديدة من التكيّف مع الواقع الإقليمي المتبدّل؛ ومع حلول آذار/ مارس 2025، بدأت وزارة الخارجية الإيرانية تعتمد خطاباً أكثر مرونة، دعت فيه إلى «حوار وطني» و«تشكيل حكومة شاملة» في سوريا. وبهذا التحوّل، أعادت إيران صياغة مقاربتها للملف السوري، منتقلةً من الانخراط العسكري المباشر، إلى توظيف أدوات دبلوماسية ووسائل نفوذ غير مباشرة.

في الوقت الراهن، لم يعُد لإيران وجود عسكري رسمي داخل سوريا، فيما تبقى سفارتها في دمشق مغلقة. وبحسب محمد شيباني، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الإيرانية للملف السوري، فإنّ الجمهورية الإسلامية «تترقّب وتتأمّل» تبلور ملامح المرحلة السورية الجديدة، حتى تبني على الشيء مقتضاه. في المقابل، تبدو دمشق ما بعد التغيير، بانفتاحها المتزايد على القوى الغربية، أقلّ رغبة في الاندفاع نحو شراكة مع طهران. وعلى أي حال، يبدو أنّ الطرفين يسعيان إلى اختبار حدود العلاقة، وإعادة تعريفها ضمن صيغة براغماتية وغير رسمية، في ظلّ بيئة إقليمية مضطربة تشكّل السياسة الأميركية المتقلّبة أحد أبرز عوامل عدم استقرارها.

وفي موازاة ذلك، تعمل تركيا وقطر على بناء توازن في الساحة السورية، عبر أداء دور «الجسر» بين دمشق وطهران. فأنقرة والدوحة، وإن كانتا لا ترغبان في رؤية سوريا تتحوّل إلى «ساحة نفوذ إيراني» مجدّداً، إلا أنهما تدركان أهمية دفع طهران إلى الاعتراف بالنظام السوري الجديد، بما يضمن عدم خروجها من المشهد، وبالتالي عدم تحوّلها إلى عامل سلبي فيه. كما تُسجّل تقاطعات واضحة بين إيران وتركيا وحتى السعودية في ما يتّصل بوحدة سوريا، حيث لا يبدو أي طرف إقليمي – باستثناء إسرائيل – مستفيداً من سيناريو التقسيم. ومن هنا، يصبح نفوذ إسرائيل واحتلالها لأجزاء من الأراضي السورية هاجساً تتشاركه إيران وتركيا وقطر، وحتى السعودية.

وعلى خطّ موازٍ، رفعت إيران منسوب اعتمادها على وساطات إقليمية، وفي مقدّمها العراق، الذي بدأ يؤدّي دوراً نشطاً في إدارة قنوات دبلوماسية سرّية عبر زيارات متواصلة لمندوبين من الاستخبارات ووزارة الخارجية العراقية إلى دمشق، وذلك في محاولة لفتح خطّ تواصل غير مباشر بين طهران والسلطة السورية الجديدة. أيضاً، واصلت روسيا أداء دور القناة الدبلوماسية التي تتيح استمرار التواصل غير المباشر بين إيران وحكومة أحمد الشرع.

رسائل متبادلة

بحسب مصادر «الأخبار»، تبادلت دمشق وطهران، في أثناء النصف الأول من العام الجاري، رسائل عدّة عبر الوسيط العراقي، تناولت ملفات متشابكة، بينها «إعادة بعض المواطنين الإيرانيين من سوريا، والتفاهم حول وضعية السوريين الشيعة داخل البلاد، أو أولئك الراغبين في العودة»، إضافةً إلى مطالب الحكومة السورية الجديدة بـ«منع انضمام الشيعة السوريين، وخصوصاً الذين حملوا السلاح إلى جانب النظام السابق، إلى أي مشاريع انفصالية». كما طلبت دمشق من طهران «استغلال نفوذها لدى كبار ضباط النظام السابق، وخصوصاً العلويين منهم، لتهدئة الأوضاع في الساحل»، وذلك بعد موجة من أعمال القتل والتنكيل التي نفّذتها مجموعات مسلّحة تابعة للنظام الجديد. وفيما اتّهمت الحكومة الجديدة إيران و«حزب الله» بالمسؤولية عن أحداث الساحل، نفت طهران، عبر المراسلات نفسها، تلك الاتهامات.

وفي سياق متّصل، علمت «الأخبار»، من مصادر دبلوماسية، أنّ رسائل إضافية وصلت من دمشق إلى طهران عقب زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى موسكو، تحدّثت عن «إمكانية استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة افتتاح السفارة الإيرانية في دمشق»، وذلك في مقابل تلبية مطالب اقتصادية ملحّة بالنسبة إلى سوريا في المرحلة الحالية، كانت إيران قد لبّت مثيلاتها في أثناء الأعوام السابقة.

مع ذلك، تشير المصادر إلى أنّ الإيرانيين «يُبدون قدراً واضحاً من التريّث»، ويعبّرون أمام الوسطاء عن «عدم استعجالهم اتّخاذ خطوات جدّية تجاه الحكم الجديد في دمشق». ويقف عامل «غياب الثقة» في خلفية هذا التريّث، خصوصاً بعد تجربة سقوط الأسد، التي قلّصت ثقة المؤسسة الإيرانية بكلّ من تركيا وروسيا في إدارة الملف السوري.

على أنّ مراقبين يربطون التردّد الإيراني أيضاً، بشكوك عميقة لدى أجهزة الاستخبارات الإيرانية في قدرة الحكومة السورية الجديدة على فرض سيطرتها على كامل الجغرافيا السورية، وبالتالي تثبيت نفسها كسلطة مستقرّة وشرعية. إذ يسود اعتقاد في طهران، كما في عواصم إقليمية أخرى، بأنّ «سوريا مقبلة على فوضى عارمة» في أثناء المدّة المقبلة، لن تقتصر على الجنوب، بل قد تمتدّ إلى الساحل والشرق؛ وهو ما يدفع دول المنطقة، ومنها إيران، إلى اعتماد مزيد من الحذر، ريثما تتّضح الاتجاهات النهائية للمشهد السوري.

في ضوء هذه المعطيات، يبرز السيناريو الأكثر ترجيحاً، وهو أن تجد إيران نفسها لاعباً طرفياً في الساحة السورية في أثناء المدى المتوسط؛ فإذا نجحت الحكومة السورية الجديدة في تعميق شراكاتها الاستراتيجية مع تركيا وقطر ودول الخليج، وتمكّنت في الوقت نفسه من بناء شكلٍ من أشكال التوازن في علاقاتها مع إسرائيل، سيظلّ النفوذ الإيراني ضمن حدود ضيّقة لا تتجاوز الحدّ الأدنى. أمّا السيناريو الأفضل من وجهة نظر طهران، فيتمثّل في إعادة فتح قنوات التواصل الرسمية واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بما يشمل إعادة فتح السفارات؛ غير أنّ تحقّق هذا المطلب يبدو مشروطاً بتدخّل دبلوماسي فاعل، غالباً عبر موسكو أو عبر وساطة تقوم بها دولة ثالثة. ويبقى حدوث تطورات من خارج السياقات التقليدية، كفيلاً بتغيير وضعية الدور الإيراني في سوريا، لكن ذلك لا يبدو وشيكاً في الوقت الحالي”.

المصدر: الصحف اللبنانية