تفاهم رباعي جديد يطلّ برأسه... و"التيّار" بالمرصاد!

تفاهم رباعي جديد يطلّ برأسه... و"التيّار" بالمرصاد!

في الذكرى السنويّة الأولى لإحتجاجات 17 تشرين الأوّل الشعبيّة، صار الوضعان الإقتصادي والمالي أكثر سوءًا ممّا كانا عليه قبل عام، وبات الوضعان المَعيشي والحياتي أكثر مأساويّة ممّا كانا عليه قبل عام أيضًا! والمُفارقة أنّ أغلبيّة القوى السياسيّة لم تفعل شيئًا لمُعالجة هذا الواقع المُبكي، حيث جرى هدر سنة كاملة من عُمر اللبنانيّين بالمُناكفات والخلافات والمُزايدات وتصفية الحسابات، ولا يبدو أنّ هذه السياسة مُرشّحة للتغيير في القريب العاجل، بحسب ما تظهّر من فشل مُحاولات تشكيل حُكومة جديدة أقلّه حتى تاريخه! فما الذي يحصل، وما هي التوقّعات للأيّام القليلة المُقبلة؟

بحسب مصدر نيابي إنّ عمليّة تشكيل الحُكومة تجاوزت نصف الطريق، بفضل جُهود قام بها خلف الكواليس رئيس مجلس النواب نبيه برّي، لكنّ النصف المُتبقّي والذي يحتاج للمُعالجة قد يُعيد الأمور إلى نقطة الصفر! وأوضح أنّ رئيس «تيّار المُستقبل» النائب سعد الحريري عاد ليطرح نفسه كمرشّح لرئاسة الحُكومة، بعد أن نال دعمًا محليًّا ودَوليًا جيّدًا، حيث حظي بدعم كلّ من «حركة أمل»، و«تيّار المردة»، وإنتزع عدم مُمانعة من «حزب الله»، في ظلّ قُبول فرنسي ومُساهمة مُباشرة في تذليل العقبات. وقال المصدر إنّ التفاهم مع «الُثنائي الشيعي» كان على أساس نيلهما حقيبة وزارة المال، وأن يقوما بتسمية حصّتهما الوزاريّة، على أن تضمّ شخصيّات مُتخصّصة في مجال عملها وخُصوصًا غير حزبيّة، أي كما كانت الحال عليها في الحُكومة المُستقيلة برئاسة الدُكتور حسّان أديب. وتابع المصدر نفسه أنّ العقبة التي برزت بإعتراض رئيس «الحزب التقدّمي الإشتراكي» وليد جنبلاط ،على ما حصل من إستبعاد له عن هذا التوافق الضُمني، سُرعان ما عُولجت بالتعهّد بأن ينال «الإشتراكي» وزارة دسمة في الحُكومة المُقبلة، ستكون على الأرجح وزارة الصحّة، على أن تتمّ تسمية شخصيّة مُتخصّصة وغير حزبيّة لهذا المنصب أيضًا، في تكرار للسيناريو الذي حصل مع حقيبة وزارة الإعلام في الحُكومة المُستقيلة.

ولفت المصدر النيابي نفسه إلى أنّه يُمكن الحديث عن تفاهم رباعي جديد يُطلّ برأسه، على غرار التفاهم المَصلحي الذي كان قد حصل عشيّة الإنتخابات النيابيّة في صيف العام 2005، مع مُفارقة إضافيّة انّ حزب «القوّات» الذي كان رئيسه لا يزال مَسجونًا عندما جرى إلحاقه بشكل هامشي ومَحدود جدًا، بالإتفاق الإنتخابي الرباعي آنذاك، هو اليوم في موقف مُغاير تمامًا. وأضاف أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» الذي إستفاد في العام 2005 من إستبعاده عن التفاهم المَذكور، لإستنهاض الناخب المسيحي ولحثّه على التصويت لصالحه بحجّة مُواجهة الإلغاء، يستخدم اليوم ورقة الميثاقيّة لإفشال مُحاولات إعادة الحريري إلى رئاسة الحكومة طالما أنّ هذا الأخير يرفض عودة رئيس «التيّار» النائب جبران باسيل إلى السُلطة التنفيذيّة، ويُحاول تقليص نُفوذه داخلها. وأوضح المصدر نفسه أنّ الهدف من قرار تأجيل الإستشارات النيابيّة المُلزمة الذي إتخذه رئيس الجُمهوريّة العماد ميشال عون ليل الأربعاء، يتمثّل بمُحاولة توسيع التفاهم المبدئي الذي حصل، ليشمل رئيس «التيّار» الذي يعتبر نفسه مُمثّلاً للشارع المسيحي، خاصة في ظلّ عدم رغبة «القوات» بالإنضمام إلى الحُكومة.

وتوقّع المصدر النيابي أنّ تبقى مواقف كلّ من «تيّار المُستقبل» و»التيّار الوطني الحُرّ» على حالها من التشدّد، من دون إستعداد أيّ طرف منهما للتنازل للآخر، أو حتى لأخذ المُبادرة للتواصل معه. وقال إنّ «التيّار» يُراهن من جهة على تدخّل «حزب الله» لمنع إستفراده، ويستغلّ من جهة أخرى رفض حزب «القوات» ترشيح الحريري لتوظيف ورقة الميثاقيّة المسيحيّة في معركة إحتفاظه بنُفوذه في السُلطة التنفيذيّة المُقبلة، حيث أنّ موقف «القوات» المبدئي من رفض المُشاركة في الحُكم في المرحلة الراهنة، صبّ في صالح «التيّار» الذي شهر ورقة إستبعاد المسيحيّين، مُقللاً من حجم تمثيل الأحزاب الصُغرى وبعض النوّاب المُستقلّين المسيحيّين الذين ينوون التصويت لصالح الحريري. وأضاف المصدر النيابي أنّ رئيس الجمهورية ومن خلفه «التيّار»، لا يريدان تكليف الحريري من دون أن يحصل توافق مُسبق معه على التكليف، لأنّ أوراق القُوّة ستُصبح عندها بيد رئيس «المُستقبل»، بينما اليوم أوراق القُوّة هي في يد رئيس الجُمهوريّة الذي يُمكنه إرجاء موعد الإستشارات النيابيّة المُلزمة لأكثر من مرّة، طالما أنه لا تُوجد أيّ مادة في الدُستور تُحدّد فترة زمنيّة واضحة لذلك.

وتخوّف المصدر النيابي من إستمرار الدوران في الحلقة المُفرغة، بسبب التشبّث والعناد بالمواقف، في الوقت الذي تظهر فيه يومًا بعد يوم، سُرعة الإنهيار الحاصل، بحيث بلغنا مرحلة تحديد السُحوبات بالليرة اللبنانيّة من المصارف، وصرنا على بُعد اسابيع مَعدودة لوقف الدعم عن سلع حيويّة وفي غاية الأهميّة، كالمُشتقات النفطيّة، والقمح، والدواء، إلخ. مع ما تحمله هذه التطوّرات من آثار مُدمّرة على لقمة عيش اللبناني.

ناجي البستاني- الديار