هل يخضع ميقاتي لجدول أعمال الحزب؟

هل يخضع ميقاتي لجدول أعمال الحزب؟

الكاتب: ملاك عقيل | المصدر: اساس ميديا

16 كانون الثاني 2023

يتوجّه اليوم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى الدعوة لجلسة حكومية تُعقد بعد غدٍ الأربعاء ستكون الثانية في مرحلة الشغور الرئاسي.

لن يكون “اجتماع الضرورة” غير المتوافَق عليه وَحدَه الحدث، بل الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية يوم الخميس المقبل المنتظر أن تعمّق الشرخ الرئاسي. وما بينهما خطاب للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عند الساعة الثالثة من يوم الخميس احتفاءً بالذكرى الـ30 لانطلاقة المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، يتوقّع متابعون أن يتطرّق خلاله إلى الوضعين الحكومي والرئاسي والعلاقة مع التيار الوطني الحرّ.

حتى يوم أمس كانت المفاوضات لا تزال قائمة، ولا سيّما على خطّ حزب الله-السراي لـ”تشحيل” جدول الأعمال وحصره ببنود الكهرباء فقط المرتبطة بالسلفة المالية لمؤسّسة كهرباء لبنان لصالح شركة Vitol Bahrainوبنود مرتبطة باتفاقات بيع زيت الوقود مع العراق وتجديد عقد الاتفاق حول الفيول العراقي.

فعليّاً، بات الكباش ينحصر بين الحزب ورئاسة الحكومة، وهو ما يقود إلى سؤال محوري: هل يقبل ميقاتي أن يحدّد له حزب الله بنود جدول الأعمال مع ما يعني ذلك من انتقاص من صلاحيّات رئيس الحكومة الذي نصّب نفسه طوال الفترة الماضية حامياً لها، خصوصاً إبّان تشكيل الحكومة؟

أمام هذا المشهد تبرز المعطيات التالية:

– لا يمكن القول إنّ حزب الله يفاوض نيابة عن جبران باسيل. فالأخير يرفض فكرة انعقاد مجلس الوزراء من أساسها، ويرى أنّ جلوس وزيرَيْ الحزب إلى طاولة الحكومة حتى لو كان الهدف بتّ ملفّ الكهرباء فقط هو وحده إمعان في تمزيق “ورقة التفاهم” وضرب للمكوّن المسيحي وإطاحة بكلّ مكتسبات العلاقة بين السيد نصرالله شخصيّاً وميشال عون وباسيل.

– حَصْر جدول أعمال البنود الثمانية، الذي وُزّع على الوزراء، بملفّ الكهرباء والفيول فقط سيشكّل إحراجاً كبيراً لميقاتي، إذ يحيله متفرّجاً على أجندة حزب الله الذي يحدّد جدول أعمال الحكومة من الضاحية، ولا سيّما أنّ بنوداً أخرى على جدول الأعمال تكتسب طابع الضرورة والعَجَلة.

ساهمت هذه المناخات، التي سادت في أروقة السراي في الأيام الماضية، في تحويل الأنظار إلى الكباش الخفيّ بين رئيس الحكومة ومسؤولي حزب الله من أجل رصد نتيجة “معركة البنود” ومدى خضوع ميقاتي لأجندة حزب الله الذي لن يعفيه “زمّ” جدول الأعمال من تهمة “ضرب المسيحيين” التي يوجّهها إليه باسيل بسبب منح الغطاء لجلسة حكومية كاملة الأوصاف والتفرّج على “سطو” رئيس الحكومة على توقيع رئيس الجمهورية.

ثمّة رأي غالب من فريق المؤيّدين لانعقاد الحكومة في أن يحدّد رئيس الحكومة جدول الأعمال على أن يجري تأجيل أو حذف بنود غير متوافَق عليها في الجلسة نفسها، وهو ما يكرّس معادلة “مجلس الوزراء سيّد نفسه” ويراعي في الوقت نفسه اعتبارات بعض الوزراء. وإذا ارتأى حزب الله الانسحاب بعد بتّ بنود الكهرباء وإفقاد الجلسة نصابها “فليتحمّل مسؤولية عدم إقرار بنود معيّنة مثل بند تمديد عقدَيْ صيانة وحراسة معمل الناعمة أو في حال فشل مناقصة تمديد العقدين والتمويل من حصّة البلديات، وهو إجراء ضروري لتفادي حصول كارثة محتملة بعدما تحوّل المطمر إلى قنبلة موقوتة بسبب الانبعاثات الصادرة عنه، إضافة إلى بند النفايات. وسيقف أيضاً في مواجهة الناس بسبب عدم استفادة المتعاقدين في المدارس والمعاهد الثانوية من بدل نقل يومي عن ثلاثة أيّام أسبوعياً. فهل يريد أن يأخذ حزب الله بصدره تعطيل الحكومة بعدما نأى بنفسه عن أزمة انتخاب رئيس الجمهورية عبر دعوته الدائمة إلى التوافق؟”.

وفق معلومات “أساس” بعد توزيع جدول الأعمال على الوزراء يوم الأربعاء الماضي لم يجاوب الوزراء المقاطعون للجلسة الماضية على كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء باستثناء وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الذي طلب سحب أيّ بند على جدول الأعمال مرتبط بوزارة الخارجية. مع العلم أنّ البند الثامن يتضمّن نقل اعتمادات إلى مؤسّسات وإدارات ومستشفيات ودفع اشتراكات وسداد النقص في الاعتمادات الملحوظة لمساهمات لبنان في منظمات إقليمية ودولية.

حتى الآن يرسو المشهد الحكومي على الآتي: سينعقد مجلس الوزراء يوم الأربعاء مع مقاطعة متوقّعة من سبعة وزراء وليس ثمانية، إذ تُتوقَّع مشاركة وزير الاقتصاد أمين سلام مع محاولة منه لإدراج بنود تخصّ وزارته، معتبراً أنّ توزيع جدول الأعمال مسبقاً بادرة إيجابية من ميقاتي.

لكنّ الأمر المستجدّ هو ما تردّد من معلومات عن احتمال مشاركة وزير السياحة وليد نصار الذي تربطه علاقة جيّدة مع ميقاتي من ضمن مسعى الأخير لإبقاء النصاب مكتملاً في حال انسحاب وزيرَيْ حزب الله. في المقابل تنفي أوساط مطّلعة كسر الوزير نصّار قرار باسيل بالمقاطعة.

من ضمن المقاطعين وزير الطاقة وليد فياض المعنيّ الأساسي بمراسيم الكهرباء والذي سيكون خارج لبنان.

يؤكّد مصدر مطّلع أنّه في هذه الحال “لا إشكالية قانونية مرتبطة بعدم حضوره، فبعد موافقة مجلس الوزراء على القرارات المرتبطة بالكهرباء ستُرسل المراسيم إليه، وليتحمّل مسؤولية عدم توقيعها. أمّا في حال توقيعها بالصيغة التي اعتمدها وزير الدفاع موريس سليم، أي مقرونة بأسماء 24 وزيراً، فعندئذٍ يوقّع رئيس الحكومة المرسوم نفسه عنه ونيابة عن رئيس الجمهورية، إضافة إلى توقيع وزير المال، مع تجاهل تواقيع الـ 24 وزيراً”.

بالتأكيد سيعقّد أيّ تعثّر للحلّ في مسألة سلفة الكهرباء مسار تفريغ البواخر وسيراكم الغرامات ويكرّس العتمة. مع العلم أنّ رأياً قانونياً يُسلّم، بغضّ النظر عن المنحى السياسي للأزمة، بأنّ الموافقة الاستثنائية التي أعطاها ميقاتي في البداية، ثمّ غيّر رأيه في “باكتج” الحلّ الذي توافق عليه مع وزير الطاقة، كان يمكن أن تعفي الجميع من مسخرة السلفة من خلال حلّ متاح خارج إطار مجلس الوزراء، على أن يُعرض لاحقاً على طاولة الحكومة على سبيل التسوية.