المخرج الأفضل
الكاتب: زياد شبيب | المصدر: النهار
3 شباط 2023
لا تزال تداعيات “الأحداث” القضائية التي ضربت البلاد و#قصر العدل ومرفق العدالة طاغيةً على سواها من أزمات، وهي مستمرة في مفاعيلها القانونية وانعكاساتها السلبية على ملف التحقيق في تفجير المرفأ أولاً، وعلى البلد برمته تالياً، ولن تقف عند حدّ ما حصل بل هي مرشحّة للتصاعد لعدة أسباب منها جلسات التحقيق المتتالية التي حددها المحقق العدلي #طارق البيطار اعتباراً من الإثنين المقبل وما يمكن أن يرافقها من تصعيد من جانب المعنيين بها، بالنظر إلى تزايد مؤشرات الاهتمام الخارجي بالملف. والزيارات “الديبلوماسية” والقضائية التي حصلت إلى المحقق العدلي تترافق مع اهتمام الإعلام الغربي المتزايد، والذي يبدو أن الوثائقي الذي ستعرضه قناة France 5 الأحد المقبل سيكون أول فصوله.
صحيح أن القرارات والقرارات المضادة التي صدرت عن كل من المحقق العدلي والنائب العام لدى محكمة التمييز قد أدت إلى تعقيد الملف إجرائياً وإلى جعله في حالة استحالة فعلية وقانونية، ولكن الأسباب المبينة أعلاه تدفع المعنيين في السلطتين القضائية والتنفيذية إلى الاستمرار في التفتيش عن مخارج للأزمة، والتساؤلات عن هذه المخارج الممكنة تسابق الأحداث المرتقبة.
المادة 20 من الدستور نصت على أن “السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام يضعه القانون ويحفظ بموجبه للقضاة وللمتقاضين الضمانات اللازمة أما الشروط الضمانة القضائية وحدودها فيعينها القانون.
والقضاة مستقلون في اجراء وظيفتهم وتصدر القرارات والاحكام من قبل كل المحاكم وتنفذ باسم الشعب اللبناني.”
أما الفقرة (ه) من مقدمة الدستور فنصت على أن “النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها.”
مبدئياً تعتبر السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والإجرائية، لكن ما تحدثت عنه المادة 20 من الدستور من الضمانات اللازمة للقضاة والمتقاضين التي ينبغي أن يضعها القانون لم يرَ النور، ولا تزال القوانين الراعية للعمل القضائي تعطي السلطة الإجرائية، فعلياً، الدور الكبير في تكوين مؤسسات السلطة القضائية وتعيين مناصبها العليا ومناقلات أعضائها، وهذه كما هو معلوم غالباً ما تتعطل بفعل الخلاف التحاصصي الذي يؤدي إلى عدم صدور مراسيم المناقلات.
هذا الواقع التشريعي يعني أنه في الأزمة الحالية داخل القضاء، يمكن للحلول أن تأتي من داخل السلطة القضائية وإذا تعذّر ذلك فمن السلطة الإجرائية. وفي هذا الإطار لا يزال المسار الأول متعثراً بسبب انقسام مجلس القضاء الأعلى، إن على مبدأ الاجتماع راهناً أو على التدابير التي يمكنه القيام بها، بشأن البت بمصير المحقق العدلي أو بالشكاوى المحالة بحقه، أو للمبادرة إلى إنهاء حالة التأزم والتخبط ولملمة آثار الانفجار الأخير. ولهذا تعتبر السلطة التنفيذية مدعوّة حكماً إلى الاضطلاع بدور في هذا الأمر، وقد علمت النهار بوجود بوادر أو محاولات جدية في هذا الاتجاه يجري حالياً استطلاع ملامحها ودرس نتائجها.
بعض المخارج يؤدي إلى تمديد تجميد التحقيق أو حتى الإطاحة به نهائياً، وهو ما لا يحتمله الوضع الداخلي ويفتح المجال لتمكين الخارج من الاستثمار فيه. وبعضها الآخر يسمح بمتابعة التحقيق عبر استبدال المحقق العدلي وهو أمر غير متاح فعلياً بسبب اعتراض متعدد الأبعاد عليه.
أما المخرج الأفضل فيكمن بإنهاء التحقيق في أسرع وقت وصدور القرار الاتهامي بالاستناد إلى ما توفّر في الملف من عناصر والانتقال فوراً إلى المجلس العدلي الذي يملك سلطة المباشرة بالمحاكمات أو الاضطلاع بالتحقيقات التي يرى ضرورة إجرائها إذا لم يقتنع بخلاصات تحقيق المحقق العدلي. ورغم ما حصل مؤخراً، يبقى هذا الحل الأفضل منطقاً وصواباً والضمانات التي تجعل إجراءات تنفيذه ممكنة متاحة.