العودة إلى دوامة انتظار الملف النووي!
الكاتب: روزانا بو منصف | المصدر: النهار
13 شباط 2023
حين زار رئيس التيار العوني جبران باسيل رئيس مجلس النواب نبيه بري اخيرا قال له على ذمة مصادر سياسية انه اخطأ في حقه وهو يود فتح صفحة جديدة. وبادله بري بالمثل فيما طلب منه باسيل في موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية ان يتم التخلي عن اسمين لا يريد ان يفتح المجال امام وصولهما وهما رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه وقائد الجيش العماد جوزف عون.
وحين سأله بري عن البديل اجابه باسيل ان للحديث تتمة لاحقا. ولكن بري رفض هذه المقاربة على قاعدة ان الامور لا تتم على هذا النحو ومن المفترض في ضوء رفضه فرنجيه وعون ان يقدم لائحة من الاسماء التي يتم الاتفاق على الاختيار من بينها او رصد امكان التوافق على اسم من ضمنها.
وذهب باسيل ولم يعد فيما اصبح معلوما ان باسيل الذي رفض ايضا الحوار الذي دعا اليه بري يعطل من جانبه اجراء انتخابات رئاسية ما جعله ابرز المعطلين لهذه الانتخابات علما ان حزب القوات اللبنانية رفض ايضا الحوار الذي دعا اليه بري ولكنه يتمسك بمرشح يصوت له في كل جلسات الانتخاب على الاقل.
ويضيف باسيل الى سجله المتجدد في التعطيل مسارعته الى الالتفاف على الرئيس المقبل بالسعي الى ضمان التمديد للمحسوبين عليه في المراكز الرئيسية في الدولة على نحو يضيق من هامش الرئيس العتيد ويعمل على تفشيله كذلك. وهو امر يثير غضبا لدى قوى عدة وحتى لدى الكنيسة المارونية الرافضة للتشريع في ظل تحول مجلس النواب هيئة ناخبة فحسب، بالاضافة الى واقع رفض باسيل اجتماع الحكومة لاقرار ادوية لمرضى السرطان او المساعدات للمعلمين بذريعة الاعتداء على صلاحيات رئاسة الجمهورية فيما لا يجد هو حرجا في الاعتداء على هذه الصلاحيات بمحاولة انتزاع صلاحيات الرئيس العتيد وحقه في التعيينات والادارة التي يرتاح اليها في الحكم.
وهذا جانب من ازمة استغلال الشغور الرئاسي الذي يظهر اكثر فاكثر ان قوى السلطة لا تزال تدير البلد على قاعدة “business as usual” غير ابهة لا بالانهيار ولا بتداعياته على اللبنانيين. وهي قمة مأساة اللبنانيين بمسؤولين من هذا النوع اعادوا انتخابهم تحت ذريعة اعتبارات شتى ليعاقبوا لاحقا ويعاقبوا كل اللبنانيين الذين قاطعوا الانتخابات بالتمديد لهؤلاء المسؤولين في السلطة لا بل بتأكيد هؤلاء عدم تغيير قيد انملة في ادائهم.
لا بل يخشى البعض اعادة عقارب الساعة الى الوراء مع استغلال كارثة الزلزال في تركيا وسوريا من اجل اعادة فتح الابواب واسعة امام النظام السوري وحتى احتمال فرض تطبيع مسبق على الرئيس المقبل وتاليا فرض تموضع البلد في المحور نفسه في ظل الكباش الذي يطاول الاستحقاق الرئاسي حول تموضع الرئيس ولبنان في المرحلة المقبلة . وهذا الامر لا يمر من دون ملاحظة اتصال اجرته القيادة السعودية بالرئيس التركي في شأن الزلزال الذي وقع في تركيا فيما لم تجر اتصالا مماثلا بالرئيس السوري بل وصلت مساعدات انسانية سعودية الى الحدود التركية مع سوريا تمهيدا لنقلها عبر الحدود الى المناطق السورية المنكوبة .
في ظل التشاؤم الكبير برغبة قوى السلطة في انقاذ البلد وانتشاله من محنته ما لم يتم قولبة الامور وفق مصالحها وحساباتها، فان سؤالين يبرزان بالنسبة الى مصادر سياسية احدهما يتصل بمعرفة اذا كانت اوروبا التي تتأذى من تدخل ايران في استقرارها مستعدة لاتخاذ اي اجراءات او تغير مقاربتها من اتاحة المجال لايران الاغراق في مد نفوذها وهز استقرار دول المنطقة. وذلك في ظل خشية ان اوروبا لن تقوم عملانيا باي اجراء في ظل احتجاز ايران مواطنين لها بذريعة اتهامات شتى تتصل بتجميد او شل اي اجراءات يمكن ان تتخذها الدول الاوروبية ضدها.
والامر الاخر يتصل بما اذا يجب انتظار خلاصة الجهود التي تقوم بها قطر على خط اعادة الحرارة الى المفاوضات على الملف النووي من اجل فك اسر الاستحقاقات الدستورية في لبنان. اذ انه بالنسبة الى هذه المصادر فانه وفيما الانظار اتجهت الى الاجتماع الخماسي في باريس حول لبنان علما انه طغى عليه الزلزال الكارثي في تركيا وسوريا، لفتت هذه المصادر إعلان وزارة الخارجية القطرية عن اجتماع عقده مساء الخميس المنصرم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مع المبعوث الأميركي الخاص لإيران? روبرت مالي جرى فيه عرض مستجدات الملف النووي الإيراني.
اذ غردت الخارجية القطرية إن الجانبين التقيا في العاصمة الأميركية واشنطن?، حيث “جرى خلال اللقاء مناقشة العلاقات الثنائية ومستجدات محادثات الاتفاق النووي، بالإضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك”. ويأتي ذلك بعد اقل من اسبوعين على نقل قطر ما قالت انه رسائل اميركية الى طهران حول الملف النووي.
ولعل هذا ما ينبغي الانتباه اليه في سياق التطورات الاخيرة اكثر من اي تطور اخر بحسب هذه المصادر. ومع الرسائل التي حملتها زيارة كل من وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان الى بيروت والتي اتبعت بزيارة نائب وزير الخارجية الإيراني لشؤون الملف النووي (!) علي باقري الى العاصمة اللبنانية ايضا على رغم استغراب صلة مسؤول بهذا الملف الى لبنان، تعتقد هذه المصادر ان ايران تضع على الطاولة ورقة الافراج عن استحقاقات لبنان على الطاولة المتصلة بالملف النووي كذلك، في مناسبة لافتة تتعلق بافتتاح المبنى الجديد للسفارة الايرانية الذي يراد منه منافسة ضخامة المبنى الجديد للسفارة الاميركية في لبنان.