لا استهداف خارجياً للحزب ولا شرعنة

لا استهداف خارجياً للحزب ولا شرعنة

لا تزال مصادر ديبلوماسية غربية تأمل بقوة أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية الربيع المقبل على قاعدة أن القوى السياسية استنزفت نفسها ويمكن بسهولة ملاحظة فقدانها للصدقية والقدرة على إدارة الحد الأدنى من الأمور وتالياً إنقاذ نفسها من التدهور المتدحرج في البلد. ومع أن هذه المصادر لا ترى أن “#حزب الله” هو المسؤول الوحيد عن تعطيل انتخاب رئيس جديد وهناك قوى أخرى لا تقل مسؤولية عنه، فإنها ترى أن الوقت حان من أجل أن يحسم الحزب أمره وينتقل الى المرحلة التالية، إذ إن ما خلص إليه اجتماع باريس بين كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر هو أنه لا شرعية محتملة خارجية ستتوافر للحزب عبر إعطائه ما يرغب فيه على صعيد إيصال مرشحه للرئاسة الاولى. فليس هناك اتفاق على استهداف الحزب في أي شكل من الأشكال أو التقليل من حجمه في الواقع السياسي اللبناني، ولكن لا تسليم له بتلك القدرة التي توفرت له بإيصال من يرغب للرئاسة الأولى كما فعل في عام 2016. هناك جانب مسيحي حليف له بات ينكر عليه هذه الشرعية علماً بأنه أعطاها له قبل سنوات ولكنه بات محرجاً بعد رفض انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه وإعطائه هذه الصلاحية وهذه الشرعية للحزب. ومن غير المرجح أن تتوافر هذه الصلاحية أو الشرعية من الخارج في حال عدم توافرها من الداخل في الدرجة الأولى حتى لو كان رئيس التيار العوني في صدد محاولة شراء رفع العقوبات الأميركية عنه عبر الاعتراض على إرادة الحزب وإظهار تمايزه بل وخلافه المستجد معه، على رغم أن هذه المحاولة لن تثمر في أي حال في المدى المنظور. ولا يستبعد الديبلوماسيون المعنيون الاستهداف الأميركي بهذا المعنى ربطاً أيضاً بمحاولة اتهام رئيس التيار العوني المرشحين المحتملين للرئاسة الذين لا يرغب في وصولهم للتهديد الذي يمكن أن يشكلوه بالنسبة إليه على الصعيد السياسي، بالفساد. وهو اتهام يرى هؤلاء أنه يحاول مجاراة الموقف الاميركي الرافض وصول رئيس فاسد الى #رئاسة الجمهورية، وهي إشارة استخدمت في الأساس للإشارة الى رفض وصول جبران باسيل المتهم بالفساد أميركياً وفقاً لقانون ماغنتسكي فيما هو غدا يستخدمها لمجاراة أو ملاقاة الموقف الأميركي لجهة المواصفات المطلوبة للرئيس العتيد للجمهورية.


ولا يمكن القول إن لدى الحزب أصدقاء كثراً في الخارج يدافعون عن وجهة نظره أو ما يريده، ولكنه ليس على أي أجندة خارجية بحيث تنكر ما يمثله لدى طائفة معينة أو تدفع نحو تحجيمه أقله في المدى المنظور. وهذا ليس مطروحاً أميركياً ولا حتى سعودياً بين الدول الخمس فيما البلدان المعنيان يعتبران الأكثر رفضاً لسيطرة الحزب على القرار اللبناني والدول الأخرى أكثر تساهلاً. ولكن الديبلوماسيين المعنيين يقرون بأن ثمة براغماتية معيّنة يمارسها الخارج وعليه أن يمارسها إذا رغب في إيجاد حلول ولا سيما أن الوقت راهناً ليس لاستبعاد أي كيان سياسي أو طائفي. ولكن هذا لا يعني شرعيته أيضاً لا سيما أن الحزب مصنّف منظمةً إرهابية وفق القانون الأميركي وهو كذلك أيضاً بالنسبة الى المملكة السعودية والدول الخليجية الذي صنفته من ضمن هذه الفئة وتالياً يصعب إتاحة المجال أمامه لأولوية مصالحه على مصلحة لبنان ولا سيما أنه ربط شخص الرئيس المقبل بعدم طعنه في الظهر أي إن الحزب هو المحور الذي تدور حوله مواصفات الرئيس المقبل وليس أي مواصفات اخرى. ويذهب هؤلاء الديبلوماسيون الى حد اعتبار أن لا صبر لدى المجتمع الدولي إذا حاول أي فريق تقديم مصالحه أو أجندته الخاصة وسيتم تحميله مسؤولية تعثر المساعدة من المجتمع الدولي حين يطلبها لبنان وكذلك تحميله المزيد من الانهيار.


وصحيح أنه لم تمر سوى بضعة أسابيع على نتائج اجتماع باريس الذي تقرر فيه أنه ستكون هناك انعكاسات سلبية على المعرقلين في إجراءات تتخذها الدول المعنية، لكن المحك سيكون في قدرة الدول التي اجتمعت على ممارسة الضغوط لحمل القوى السياسية على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، إذ إن هذا الالتزام وإن لم تعلنه في بيان سيكون مربكاً لها ولصدقيتها كذلك وقدرتها أو مونتها على القوى السياسية علماً بأن تفادي إصدار تحذيرات علنية يُفترض أنه يجنب القوى السياسية الإحراج بأنها عملت تحت الضغط أو أنها تتمرّد عليه لأسباب سيادية مزعومة فيما عليها أن تجد الإخراج المناسب لذلك. وهنا الدور الكبير الذي يعلق على رئيس مجلس النواب نبيه بري ويقع في نطاق أنه لو قدر لسفراء الدول المعنية أن يتصرفوا أو ينصحوا بخطوات معينة لنصحوا بأن تُغلق أبواب المجلس النيابي في أثناء انعقاد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية ومنع النواب من الخروج من الجلسة حتى القيام بواجبهم الدستوري في انتخاب رئيس. فلا سبب يحول دون ذلك والأسباب التي ترفعها القوى السياسية بأن يسقطها الأمر الواقع المتدهور الى قعر لا يبدو أن له قعراً كما حسم عدم سير القوى بما يريده خصومها ما يحتم الانتقال الى مرحلة جديدة. أما متى يبلغ الحزب رئيس تيار المردة بأن خياره استنزف نفسه ولا يمكن أن يفرضه وكذلك بالنسبة الى إبلاغ القوى الخصم مرشحهم ميشال معوض بذلك، فتعتقد المصادر الديبلوماسية أن الوقت حان لذلك ولم يعد يمكن الانتظار.

روزانا بو منصف