هجوم “عكاظ” على فرنجية ينفع “حزب الله”؟

هجوم “عكاظ” على فرنجية ينفع “حزب الله”؟

المصدر: “النهار”أحمد عياش



الحملة التي شنّتها صحيفة #عكاظ السعودية على زعيم تيار “المردة” #سليمان فرنجية، وضعت الأخير في خانة الخصم الأول للمملكة ألا وهو “#حزب الله“. لكنها لم تشر الى علاقة فرنجية بالنظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد الذي ينتمي الى أسرة حكمت سوريا منذ عام 1970 على يد حافظ الأسد وما زالت حتى اليوم. ولا داعي للتذكير بعمق الروابط بين عائلتَي الأسد وفرنجية منذ النصف الثاني من القرن الماضي.


تقول أوساط إعلامية مواكبة لموضوع ترشيح الثنائي الشيعي لفرنجية، أولاً من خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم عبر الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، إن تحييد الصحيفة السعودية علاقة فرنجية بدمشق التي تتقدّم على علاقته بـ”حزب الله” وراعيه الإيراني، وكذلك تحييد عكاظ تبنّي الرئيس بري ترشيح الزعيم الشمالي، ينطوي على دلالات أبرزها أن موقف الرياض الرسمي كما تجلى أخيراً في تصريحات وزير خارجية المملكة فيصل بن فرحان على هامش أعمال منتدى ميونيخ الأخير، طرح للمرة الأولى في تاريخ أزمة العلاقات الخليجية مع النظام السوري منذ عام 2011 فكرة إعادة العلاقات مع دمشق. وبالأمس، خلال مشاركته في اجتماع طاولة مستديرة نظمها المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية تشاثام هاوس Chatham House))، ضمن زيارته الرسمية للمملكة المتحدة، كشف وزير الخارجية السعودي عن وجود حوار لعودة سوريا إلى الحضن العربي، “لكن من المبكر الحديث عن ذلك”، إلا أنه شدّد بالقول: “هناك إجماع على أن الوضع في سوريا ليس مقبولاً”.


من هذه الدلالات أيضاً لما ورد في عكاظ، أن التعامل السعودي مع الرئيس بري ما زال قائماً ويتميّز بالثبات على مدى العقود التي أمضاها الأخير على رأس البرلمان ال#لبناني.


في الوقت الذي ظهرت فيه حملة الصحيفة السعودية على فرنجية باعتباره مرشح “حزب الله”، كان سفير المملكة في لبنان وليد البخاري قد بدأ جولة مشاورات تتصل بملف الانتخابات الرئاسية في لبنان، واستهلها بلقاء مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وبدا في المعلومات التي جرى توزيعها بعد اللقاء أن الديبلوماسي السعودي أخذ الأمور في اتجاه مختلف عن حملة عكاظ، وكانت لافتةً في هذا السياق العبارة التي قالها أمام البطريرك فـ”استعمل كلمة متفائل جداً خلال اللقاء، لأن التفاؤل يفتح أبواب الحلول ويخرجنا من أي حال سلبية نعيش فيها”، كما أوضح المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غيّاض.

هل من داعٍ لسبر أغوار ما نشرته إحدى صحف المملكة، في وقت تعبّر فيه الرياض عن مواقفها رسمياً بوضوح؟


قبل الجواب عن هذا السؤال، لا بدّ من مقاربة الموضوع من زاوية مقابلة، بالسؤال عمّا كان سيحدث ولو أن صحيفة “كيهان” الناطقة باسم المحافظين في إيران شنت حملة على مرشح القوى السيادية النائب ميشال معوّض من زاوية أن الأخير يقف في صفّ معادٍ لـ”حزب الله” من زاوية ارتباط الأخير بمشروع الهيمنة الإيرانية على لبنان، وهو أمر لا ينفيه النائب معوّض، كما لا تنفيه كل القوى السيادية أيضاً؟ هل سيكون مستغرباً أن يعتبر معسكر المؤيّدين لمعوض أمراً معادياً وتدخلاً فظاً في الشؤون الداخلية اللبنانية؟


في كلمته الأخيرة لمناسبة “تكريم الجرحى والأسرى المقاومين” قال نصرالله: “لا نقبل أن يفرض الخارج على لبنان رئيساً”. ولن يتأخر الوقت حتى يصنّف الحزب وكل فريقه السياسي والإعلامي حملة الصحيفة السعودية بمثابة “تدخل” يتصل بمحاولة “فرض الخارج رئيساً على لبنان”، علماً بأن تقاليد لبنان منذ أن وُلدت الصحافة، كان مع حرّية الرأي غير مبالٍ بالمواقف الرسمية في لبنان وخارجه.


ماذا عن فرنجية ومواقفه العربية عموماً، والخليجية خصوصاً؟ يجيب وزير الإعلام زياد المكاري، الذي يمثل زعيم “المردة” في الحكومة قائلاً “إن فرنجية هو الأقدر على معالجة الملفات العالقة مع سوريا”، مضيفاً “أن السعودية تبقى اللاعب الأهم في الاستحقاق الرئاسي”.


بالعودة الى السؤال الذي ورد آنفاً عمّا إن كان هناك “من داعٍ لسبر أغوار” ما نشرته عكاظ، فتجيب عنه طريقة تعاطي وسائل الإعلام التابعة للقوى السيادية، وخاصة تلك التي تمثل القوى الوازنة في السباق الرئاسي. فهذه الوسائل لم تلتفت الى حملة الصحيفة السعودية باعتبار أنها أدرى بـ”مكة” اللبنانية و”شعابها” الرئاسية. في موازاة ذلك، كان إعلام “التيار الوطني الحر” الذي يقف أصلاً في صفّ المعارضين لترشيح فرنجية، يردّ على حليفه “حزب الله” في مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أو تي في” التابعة له قائلاً: “سليمان فرنجية مرشح حركة أمل وحزب الله وحلفائهما، غير قادر حتى اللحظة على بلوغ أكثرية الخمسة وستين صوتاً ولا أكثرية الثلثين المطلوبة لتأمين النصاب، عدا عن أنه يفتقر إلى تأييد الغالبية الساحقة من النواب المسيحيين…”.


لو كانت الأضواء اتجهت على الأقل الى ما يقوله حليف “حزب الله” المسيحي عموماً والماروني خصوصاً في شأن ترشيح فرنجية لتبيّن كم هي الظروف معقدة في مسار الانتخابات الرئاسية. أمّا إن كان هناك من تقييم لما نشرته عكاظ، فيبدو أن هناك ما يفيد “حزب الله” الغارق في مأزق تعطيله هذه الانتخابات كي يفرض شروطه كما فعل عام 2016.