هل انكفأ الدور القطري لبنانياً… وماذا عن باسيل؟

هل انكفأ الدور القطري لبنانياً… وماذا عن باسيل؟

الكاتب: وجدي العريضي | المصدر: النهار

24 آذار 2023


“شكراً قطر”، عبارة لطالما تردّدت على ألسنة اللبنانيين بعد حرب تموز 2006، وذلك على خلفية ما قدمته هذه الدولة الخليجية من مساعدات، إلى زيارة أميرها آنذاك الشيخ حمد آل ثاني والد الأمير الحالي الشيخ تميم بن حمد، وعليه جاءت تسوية “الدوحة” بعد أحداث السابع من أيار 2008 التي قام بها “حزب الله” في بيروت والجبل، وأدّت إلى انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.


اللافت اليوم، أنه بعد بروز الدور القطري على الساحة اللبنانية، بدأ ينكفىء في الآونة الأخيرة، بمعنى ان منسوب هذا الدور انخفض بشكل واضح، على رغم المشاركة القطرية في اللقاء الخماسي الذي انعقد في باريس، ما طرح تساؤلات بالجملة والمفرّق حول انكفاء الدوحة عن الساحة اللبنانية، وبعد تحليلات أو شائعات عن وضعها وديعة مالية في مصرف لبنان، إلى ما هنالك من تأويلات سيقت في هذا الإطار.


الأوساط المواكبة لما يجري تؤكد أن الدور القطري لم يغب عن الساحة اللبنانية، وبالتالي ثمة دوران أساسيان اليوم هما للمملكة العربية السعودية وفرنسا، لموقعهما عربياً وخليجياً ودولياً، إضافة إلى خصوصية تاريخية وعلاقات قديمة للرياض مع زعماء وشخصيات لبنانية لا تزال مستمرة راهناً، إلى ما واكب هذا الدور منذ “إعلان جدة” والبيان السعودي ـ الفرنسي ـ الأميركي المشترك، ومن ثم قمة الرياض الخليجية، واللقاء الخماسي في العاصمة الفرنسية، إلى الإجتماع الثنائي الأسبوع المنصرم بين الوفدين السعودي والفرنسي، مشيرة إلى أن العلاقة السعودية ـ القطرية ممتازة، وقد تحسنت بشكل مطّرد، وأثناء القمة الخليجية الأخيرة، كان هناك إجماع بالتكافل والتضامن بين المشاركين على دعم موقف الرياض في لبنان بمن فيهم قطر.


وتذكّر المصادر نفسها بدور قطر الذي يتواءم مع كل التحولات والمتغيرات بدءاً بالتطبيع، إلى قواعد عسكرية أميركية في الدوحة، وعلاقة ممتازة مع إيران، وعلى الصعيد اللبناني الداخلي، فإن العهد السابق من رئيسه ميشال عون إلى صهره رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، لم ينقطعوا عن التواصل مع قطر ، وحيث رئيس “التيار البرتقالي” قام بأكثر من زيارة للدوحة، ويُنقل وفق المعلومات والمعطيات، أنه سبق له ان طلب خلال لقائه مع مسؤولين قطريين، مساعدته على رفع العقوبات عنه، نظراً الى علاقة الدوحة المتينة مع واشنطن، ولكن كان الردّ القطري بما معناه “ان لدينا مكتب محاماة كبيرا في العاصمة الأميركية يمكنه المساعدة في هذا الأمر”، طالبين من باسيل المساعدة والدعم لانتخاب رئيس للجمهورية وعدم تشبثه بموقفه الرافض لوصول قائد الجيش العماد جوزف عون إلى سدة الرئاسة الأولى. وخلال اللقاء الخماسي في باريس، سمّت قطر ومعها مصر قائد الجيش كمرشح رئاسي، لكن باسيل رفض العرض القطري، ولوحظ انكفاؤه عن زيارة الدوحة التي شكلّت له محطة خليجية منذ العام 2005، وبالتالي فان المسؤولين القطريين لن يغرّدوا خارج السرب الخليجي في ظل العلاقة المتماسكة والجيدة بين الرياض والدوحة في هذه المرحلة لمسايرة باسيل، والأمر عينه مع العاصمة الأميركية، وكذلك باريس والدول التي لها نظرتها السياسية الواضحة تجاه لبنان، وحيث لا تتطابق مع مواقف رئيس “التيار الوطني الحر”، الذي يرفض ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجيه، وأيضاً قائد الجيش.


ومن خلال المعلومات المتأتية من الأجواء الخليجية والعربية، فإن قطر، المشاركة في اللقاء الخماسي المعني بالملف اللبناني، جاءت مشاركتها ربطاً بعلاقاتها وتواصلها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والآن ثمة تقارب بين الرياض وطهران وعودة للعلاقات الديبلوماسية بينهما، ويحكى عن لقاء قريب قد يجمع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره الايراني حسين أمير عبد اللهيان، لوضع اللمسات الديبلوماسية لعودة فتح سفارتي بلديهما، وقد يكون الدور القطري تقلّص بفعل هذه الأجواء والمتغيرات، ولكن ليس ثمة معطيات وأجواء عن انكفائه عن الساحة اللبنانية، وإنما لم يعد بمثابة دور “العراب”، وصانع تسوية الدوحة، باعتبار أن التسويات تأتي ضمن تقاطع مصالح الدول، ومن خلال التوافق الدولي والإقليمي على الملف اللبناني، وحيث القطبان الفرنسي والسعودي هما الأبرز على الساحة اللبنانية، وما لقاء السفير السعودي وليد بخاري ببعثة صندوق النقد الدولي في اليرزة، واستقباله السفراء الغربيين والعرب والأمميين، إلا دليل على هذا المعطى. وعَود على بدء، فإن العلاقة بين باسيل والدوحة لم تعد كما كانت عليه في “عزّ” دور “التيار الوطني الحر” وما بينهما من عهد “برتقالي” ووزراء خارجية توالوا على قصر بسترس، بمن فيهم “الصهر”، ليستفيدوا ويطوّروا العلاقة بين قطر ومصالح باسيل، وسعيه لرفع العقوبات بدعم قطري.