خط باريس – الرياض يتفاعل رئاسياً والخيار الثالث انطلق
الكاتب: وجدي العريضي | المصدر: النهار
29 آذار 2023
اشتعلت الاتصالات على خط باريس – الرياض وما بين بيروت والعاصمة الفرنسية، ما ينبئ بأن شيئاً ما يُحضّر للوصول الى تسوية تنقذ لبنان من أزماته وكبواته وتحديداً المعضلة الرئاسية، بينما عودة العلاقة بين المملكة العربية السعودية وسوريا وفتح القنصليتين في الرياض ودمشق لكلا البلدين، عامل إيجابي يُسهم في توفير الغطاء العربي والإقليمي للاستحقاق الرئاسي وربطاً بتفاعل العلاقة بين الرياض وطهران، الذي تمثل بتوجيه الملك سلمان بن عبد العزيز دعوة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة المملكة، بالتالي ووفق معلومات الجامعة العربية ونقلاً عن المساعي التي يتولاها مساعد الأمين العام السفير حسام زكي، فإن القمة العربية التي ستُعقد في السعودية في أيار المقبل ستشهد مشاركة سوريا بعد عودة متوقعة الى الجامعة، مع التذكير بأن “النهار” سبق أن أشارت إليها وإلى هذه العودة قبل أكثر من أسبوع من خلال معلومات تشير بدورها الى أن باب التسوية حول الملفّ اللبناني فُتح والأسابيع المقبلة ستشهد ذروة الاتصالات واللقاءات وتحديداً بين باريس والرياض.
في السياق، تشير مصادر سياسية متابعة لهذا المسار لــ”النهار”، الى أن الاتصال الهاتفي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كان مفصلياً لناحية بدء مسار التسوية وحسم الطرفين لضرورة انتخاب الرئيس العتيد ومردّه قلقهما المشترك من التدهور الاقتصادي المريب في لبنان، والمخاوف من تفلت الشارع على خلفية هذا الانهيار، ويُنقل وفق الأقنية الديبلوماسية أنّ الاتفاق بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي كان عنوانه الأبرز الإسراع في إنقاذ لبنان وانتخاب الرئيس وذلك ما سيتمثل من خلال اللقاء المرتقب بين المسؤولين السعوديين والفرنسيين، معطوفاً على حراك السفير وليد بخاري حيث ستكون له أكثر من محطة ولقاء، وعُلم في هذا الإطار أن البخاري أكّد من معراب الى الصيفي وقبلهما من بكركي وكليمنصو، والأمر عينه في عين التينة، أن المملكة لا مرشّح لديها ولا أسماء بل مواصفات، وتلك أضحت من الثوابت والمسلمات وهذا الخيار حُسم في اللقاء الأخير في العاصمة الفرنسية الذي شارك فيه بخاري الى جانب المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا. وأُبلغ مستشار ماكرون السفير باتريك دوريل أن الرياض لن تقبل بمرشح “#حزب الله” أي رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، وهذا ما أكده الوفد الاشتراكي الذي زار باريس برئاسة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، إذ وفق المعطيات المؤكدة قال لدوريل يجب أن يكون البحث عن الخيار الثالث، وثمة أسماء وازنة ومشهود لها بحسن السيرة والكفاءة، لكن فرنجية كما قال جنبلاط مرشح تحدٍّ فيما الطرف الآخر يعتبر النائب ميشال معوض مرشحاً استفزازياً، شارحاً لهم خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي ينذر بعواقب وخيمة إن لم يُنتخب رئيس في وقت قريب باعتباره يشكل حالة استقرار سياسي واقتصادي مع إصلاحات بنيوية.
وتردف المصادر مشيرة الى أن المعلومات تؤكد أن أكثر من موفد سيزور لبنان في الأيام المقبلة عربياً وغربياً دون استبعاد عقد لقاء خماسي للدول المعنية بالملف اللبناني في باريس أو الرياض، إضافة الى تحرك للجامعة العربية باتجاه بيروت على خلفيتي القمة العربية والتحضير لجدول أعمالها قبل انعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب، ومن ثم الاستحقاق الرئاسي وما يعانيه البلد من أزمات بحيث تتابع الجامعة من خلال مساعد الأمين العام هذه المسألة مع الدول المعنية وفي طليعتها السعودية. وهو ما يعني أن التفاهمات العربية والإقليمية سيكون لها شأنها ودورها خصوصاً في ظل تمسك الثنائي الشيعي بفرنجية. وبمعنى آخر إن “حزب الله” سبق أن قال إما ميشال عون رئيساً للجمهورية أو لا رئيس، واليوم يكرّر ذات المعزوفة مع فرنجية، لكن ثمة أجواء تشي بأن تفاعل العلاقة الإيجابية بين طهران والرياض يساعد الى حد كبير في تليين موقف “حزب الله” رئاسياً، إذ خلافاً لكل ما قيل فإن عودة العلاقة السعودية – الإيرانية أساسها اليمن والأولوية لها، أمر صحيح، لكن عوداً على بدء فاتصال كل من الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، يؤكّد المؤكّد على توافقهما وإصرارهما على إنهاء الشغور الرئاسي ومساعدة لبنان ودعمه.
وأخيراً، فالأيام المقبلة مفصلية رئاسياً بعد انتهاء حرب التوقيتين والتداعيات التي خلفتها، وفي غضون ذلك إن جميع القوى السياسية والحزبية مستنفرة راهناً لمواكبة الاتصالات الجارية داخلياً وخارجياً لإنهاء الشغور، ولم يعد بوسع أي طرف المناورة والمراوغة والتعطيل والغرق في الترف السياسي، فيما البلد أصبح على الأرض يا حكم.