هل تبدّلت رغبة الدوحة في إيصال قائد الجيش؟

هل تبدّلت رغبة الدوحة في إيصال قائد الجيش؟

الكاتب: وجدي العريضي | المصدر: النهار

5 نيسان 2023

حظيت زيارة الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي، باهتمام لافت، وأُعطيت أبعاداً متعدّدة الجوانب، فالبعض ذهب بعيداً متوقعاً “دوحة” ثانية، وصولاً إلى أن آخرين أشاروا إلى صيغة أو حل يحمله معه الوزير القطري إلى المسؤولين اللبنانيين.

غير ان مصدرا ديبلوماسيا بارزا لدولة خليجية في بيروت، أكد لـ”النهار” أن الزيارة تأتي ضمن الدور المتكامل بين الدول الخمس، وإن كانت هناك تباينات حيال بعض المسائل، وتالياً فانها تمّت بالتنسيق الكامل مع المملكة العربية السعودية. وكان الوزير الخليفي مستمعاً بإصغاء تام الى كل الذين التقاهم، ودُوّنت كل الملاحظات لتُطرح في لقاء مرتقب للدول الخمس في وقت ليس ببعيد، بمعنى أن ثمة جوجلة للأفكار والطروحات، لتأتي الخلاصة بالدفع نحو تسوية شاملة من دون أن يحدّد موعدها ومكانها، في حين يمكن أيضاً وصف المهمة القطرية بعملية “جسّ نبض” المسؤولين اللبنانيين والإستطلاع، وصولاً إلى مسألة مهمة تكمن في قدرة قطر على التواصل مع “حزب الله”، وهذا ما حصل.

أما عن موقف الدوحة من المرشحين للرئاسة، باعتبار أن الامر طُرح في لقاء باريس الخماسي، وسمّت قطر إلى جانب مصر قائد الجيش العماد #جوزف عون كرئيس للجمهورية، من دون أن تمانع أو ترفض الدول الأخرى هذا الخيار. فهنا يشار إلى أنه سبق للدوحة ان استضافت المسؤولين اللبنانيين، ومعظمهم من الذين شاركوا آنذاك في تسوية الدوحة، والتقاهم الوزير الخليفي في اليومين المنصرمين.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مواكبة لهذا الحراك لـ”النهار”، أن الموفد القطري لم يطرح أي مرشّح للرئاسة، ولم يدخل في موضوع الأسماء في كل اللقاءات التي أجراها مع المرجعيات الرئاسية والسياسية والحزبية. ولكن ثمة دلالة يُبنى عليها ولا يمكن تجاهلها تتمثل بزيارته إلى اليرزة ولقائه قائد الجيش، وهو المسؤول الأمني الوحيد الذي اجتمع معه، وهذا دليل على استمرار رغبة الدوحة في تسميته للرئاسة الأولى، علما انها لم تبحث في هذا الموضوع مع أي طرف في لبنان. وعلمت “النهار” ان ثمة مرجعيات التقت الخليفي، وعرضت عليه أسماء من خارج الإصطفافات السياسية، أو من الذين يعتبرون من المرشحين الإستفزازيين، ودخلوا في التسميات، حتى أنهم أشاروا إلى أن رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجيه يعدّ مرشح تحدٍّ، ولا يحظى بقبول في بيئته المسيحية، ولدى شريحة واسعة من اللبنانيين، والأمر عينه قد يكون ينسحب على المرشح النائب ميشال معوض، كونه مرفوضاً من “الثنائي الشيعي” ومن مكوّنات سياسية أخرى، ما يستدعي، بحسب ما قيل للخليفي، أن يتم اختيار مرشح من الأسماء المتداولة ضمن ما يسمى “الخيار الثالث”، وهي في حوزة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وفي المقابل، فإن الموفد القطري لم يشر إلى أن بلاده ترغب في قائد الجيش وتدعم وصوله إلى قصر بعبدا، لكن بعض المواكبين والمتابعين لهذا المسار، ومَن عادوا أخيراً من العاصمة الفرنسية، سمعوا كلاماً بأن الخليفي، الذي مثّل بلاده في اللقاء الخماسي، سمّى العماد جوزف عون مرشحا رئاسيا.

وتضيف المصادر متسائلة: هل تبخّر الطرح القطري بدعم قائد الجيش؟

هنا، تقول المصادر إنه بعد لقاء باريس الخماسي، تبدّلت أمور كثيرة بين الدول المشاركة فيه، إذ حصل بعده لقاء بين الوفدين الفرنسي والسعودي، شارك فيه السفير وليد بخاري إلى جانب مستشار الديوان الملكي الدكتور نزار العلولا، ويومها أصرّ الوفد الفرنسي على تسويق النائب السابق سليمان فرنجيه، ليرفض الوفد السعودي بشدّة هذا الخيار، مؤكداً تمسّكه بالمواصفات وعدم قبول أي مرشح يسميه “حزب الله”، من دون أن يدخل في لعبة الأسماء، وصولاً إلى زيارة فرنجيه لباريس، والخلاصة بقاؤه في السباق الرئاسي، وعلى مقاعد الإحتياط، إنما من اللاعبين البارزين.

وتفيد المعلومات المستقاة من جهات موثوق بها أن قطر لا تزال ترغب في وصول قائد الجيش، وكذلك مصر، وبالتالي الرياض لا تعارض، وذلك ينسحب أيضاً على كل من واشنطن وباريس، وإن كانت الأخيرة تسعى بكل جهدها لإيصال فرنجيه، في وقت سبق لوزير سابق مقرّب من “حزب الله” أن أكد أن الحزب لا “فيتو” لديه على إسم قائد الجيش.

من هنا، ثمة عملية خلط أوراق، وقد يكون الطرح القطري من الأساس بدعم قائد الجيش قد تبخّر، أو أنه لا يزال موضع تداول، وهو ما ستظهر معالمه بعد زيارة الوفد القطري، وما سمعه من المسؤولين اللبنانيين، والحصيلة التي بات يملكها من خلال مواقفهم وآرائهم ورغباتهم، وهذا سيُسيّل مع الدول المشاركة في اللقاء الخماسي، ومنها قطر، ليبنى على الشيء مقتضاه، وتحديداً حول مصير الطرح القطري الهادف الى إيصال قائد المؤسّسة العسكرية.