أسماء أربعة شهود وستة مصارف في قضية سلامة

أسماء أربعة شهود وستة مصارف في قضية سلامة

الكاتب: فرح منصور | المصدر: المدن

11 نيسان 2023


يختار القضاء الأوروبي أسماء الشهود في ملف حاكم مصرف لبنان، بدقةٍ. فاللائحة التي قُدمت للقضاء اللبناني ضمت أسماء الأيادي التنفيذية وكبار المصرفيين الذين تعاونوا سابقاً مع رياض سلامة، داخل المصرف المركزي وخارجه، وفي جعبتهم تفاصيل متعلقة بالعمليات المالية. وهم الوزير الحالي في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، فهيم معضاد، جوزيف طربيه، ورجا أبو عسلي.

المرحلة الأخيرة

في القضاء اللبناني، يتمحور الكلام حول أهمية المرحلة الثالثة من التحقيقات الأوروبية في ملف سلامة، فهي المرحلة المفصلية قبل إصدار الحكم الأخير والتوجه نحو محاكمة سلامة، والإدعاء على المصرفيين الذين تواطأوا معه في عمليات تبييض الأموال خلال السنوات الماضية.

وأهمية جلسات الاستجواب التي نُظمت على مراحل متفاوتة تكمن في التأكد من أسماء المصرفيين الذين تشاركوا معه في عمليات تبييض الأموال، والذين نفذوا الجرائم المالية داخل المصرف المركزي.

وبالتالي، لا يمكن تصنيفها بأنها “جلسة استجواب عادية”. إذ من الممكن أن يتوجه القضاء الأوروبي إلى ملاحقة “الشهود” والإدعاء عليهم بعد جلسات الاستماع، تماماً كما حصل مع مدير بنك الموارد مروان خير الدين، حين جرى استجوابه في المرحلة الأولى من التحقيقات، قبل أن يوجه القضاء الفرنسي لائحة اتهام بحقه بتهمة تأليف “عصابة أشرار” ووضعه تحت المراقبة القضائية بكفالة مالية قدرها مليون يورو، إضافة إلى منعه من السفر من فرنسا، وتركه رهن التحقيق.

ويعني هذا أن مهمة الوفود الأوروبية هي التوسع في التحقيقات وتدوين المعلومات والتفاصيل التي تعود بهم إلى عام 1993، لحظة تولي سلامة الحكم، للتعرف على دهاليز المصرف المركزي، وعلى الأساليب التي أدير بها القطاع المصرفي، وطرق اختلاس المال العام قبل الوصول إلى سنوات الانهيار.

أهمية الاستجواب

لذلك، ليس مفاجئاً طرح اسم وزير المالية يوسف الخليل، لحضور جلسة الاستجواب، نظراً لأهمية منصبه سابقاً، كونه اليد التنفيذية داخل المصرف المركزي للحاكم، والذي شغل مناصب عدة منذ 1982، آخرها مدير العمليات المالية في مصرف لبنان.

وبات واضحاً أمام القضاء الأوروبي أن الخليل يحاول عرقلة التحقيق اللبناني في ملف سلامة، إذ لم يوافق على ادعاء هيئة القضايا في وزارة العدل المتمثلة بالقاضية هيلانة اسكندر على حاكم مصرف لبنان. وبالتالي، من الممكن أن تؤدي عرقلته إلى تطيير ضمانة حق الدولة اللبنانية في أموال سلامة المحتجزة في أوروبا، خصوصاً بعدما قامت وزارة العدل بتعيين محامين لمتابعة حق الدولة اللبناني في فرنسا من دون أي أجر.

وانطلاقاً من أهمية منصب الخليل داخل المصرف المركزي، وصلاحياته الواسعة آنذاك، فمن البديهي أن يملك كل التفاصيل المتعلقة بشركة “فوري” التي نشأت عام 2002، ولكنه تكتم عن تقديم أي معلومات عن التحويلات المتعلقة بها، ولم يعرض تقرير التدقيق المحاسبي لصندوق النقد الدولي المتعلق بوضعية مصرف لبنان المالي، وأيضاً لم يبرز أي معلومات عن التدقيق الجنائي مع آلفاريز آند مرسال بعد مرور سنة وسبعة أشهر من تاريخ توقيعه للعقد بالنيابة عن الدولة اللبنانية. ولم يعترض على الـ16.5 مليار دولار التي أضافها فجأة سلامة، وجعلها ديناً على الدولة اللبنانية.

والشاهد الثاني هو مستشار رئيس مجلس إدارة بنك لبنان والمهجر ونائب الحاكم الثاني الذي بدأت ولايته عام 1998، فهيم معضاد، والذي كان يشغل منصب عضو المجلس المركزي في مصرف لبنان عام 2002 عندما وقع عقد شركة فوري.

وحسب التحقيقات الأوروبية، فإن عمليات تبييض الأموال، وتسهيل التحويلات المالية للأموال المختلسة يشتبه بأنها جرت بتعاون جمع سلامة مع ستة مصارف وهي بنك الموارد، بنك الاعتماد اللبناني، بنك البحر المتوسط، بنك عودة، بنك سرادار وبنك مصر ولبنان. ولهذه الأسباب طلب القضاء الأوروبي الاستماع خلال المرحلة الاولى والثالثة لمجموعة من المصرفيين ومن ضمنهم جوزف طربيه، المدير العام لبنك الاعتماد اللبناني.

أما الشاهد الرابع والأخير فهو رجا أبو عسلي، المعروف بأنه اليد التنفيذية الثانية لسلامة داخل المصرف المركزي، والذي شغل منصب مدير التنظيم والتطوير في المصرف. وبالتالي، فإن جميع العمليات المالية وآليات اتخاذ القرار كانت تنقسم بين أبو عسلي والخليل، وإلى جانبهما رئيس الدائرة القانونية في المصرف المركزي بطرس كنعان المعروف بـ”الفاخوري” الذي طلب استجوابه في المرحلة الأولى ولكنه تغيب عن الجلسة لأسباب صحية.

وهذا يعني أن أهمية استجواب هؤلاء الشهود خلال هذه المرحلة، انطلقت من تأكد الوفود الأوروبية بأن الشهود يمتلكون المعلومات والتفاصيل المتعلقة بالتحويلات المالية في السنوات الماضية. خصوصاً أن أبو عسلي والخليل يملكان هذه المعطيات المطلوبة نسبة لفترة عملهما الطويلة داخل المصرف المركزي، قبل أن تستلم ماريان الحويك، مساعدة سلامة مهمتها كمديرة وحدة المكتب التنفيذي والمدعى عليها في الملف اللبناني، والمطلوب استجوابها أمام الوفود الأوروبية أيضاً.

شهر أيار المقبل، سيكون حافلاً بالقرارات القضائية التي ستصدر عن الوفود الأوروبية في قضية سلامة، وعندها سنتمكن من التعرف على المصرفيين الذين تعاونوا مع سلامة، الذي استعمل نفوذه من أجل تحصيل منافعه الشخصية. وحينها ستنكشف تفاصيل وأسباب انهيار القطاع المصرفي.