عودة الراعي مفصلية والإشتراكي حسمها… لم يحسمها
عودة الراعي مفصلية والإشتراكي حسمها… لم يحسمها
الكاتب: غادة حلاوي | المصدر: نداء الوطن
31 ايار 2023
بحضور الجنرال ميشال عون اجتمع «تكتل لبنان القوي» أمس بكامل نوابه ومعهم رئيس «التكتل» جبران باسيل. نقاش ديمقراطي وصريح خاضه الجميع في محاولة لرأب الصدع داخل «التكتل» بعد خروج تكتل نيابي مصغّر على قرارات ومواقف رئيس التكتل الكبير. فقد حسم باسيل المسألة باجتماع التكتل أمس بمشاركة الكل وكانت جلسة مصارحة بينه وبين نواب التكتل تقصدها باسيل بهدف وضع الأمور في نصابها بعد فيض المواقف التي أعلنها عدد من النواب والتي أربكت الأجواء داخل التكتل و»التيار» معاً.
كان من المقرر أن يخرج الى العلن خبر تبني «التيار» ومعه المعارضة ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور بالتزامن مع زيارة البطريرك الراعي قصر الإليزيه واجتماعه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لكن تم العدول عن الفكرة بعدما وجد باسيل أنّه من الأنسب انتظار عودة الراعي من فرنسا لإعلان الموقف النهائي من المرشح الرئاسي. خاصة وأنّ اجتماعاً عقد قبيل مغادرة الراعي إلى فرنسا بينه وبين باسيل استمع خلاله البطريرك إلى شرح مسهب حول كيفية تطور المستجدات الرئاسية وكيف وافق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ومن بين لائحة أسماء المرشحين على اسم جهاد أزعور، وبالتالي صار للمسيحيين مرشحهم، وقد التقى على ترشيحه أربعة أطراف مسيحية.
وبذلك تكون الكرة الرئاسية قد باتت في ملعب الثنائي الشيعي، فهل يدعو بري الى جلسة كما كان وعد طالما صار للمعارضة مرشحها في مواجهة مرشحه سليمان فرنجية؟ أم أنّ ميزان القوى سيفتح باب الحوار بين الثنائي وباسيل مجدداً حول اسم يرضى به «الثنائي» ويحظى بشرعية التمثيل المسيحي؟
لا تعتقد الأوساط المتابعة أن شيئاً ما سيعلن قبل عودة البطريرك الراعي إلى لبنان، وقد بات واضحاً أن ردة فعل الثنائي عكست نوعاً من الإضطراب عبّر عنه المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل إلى جانب تصريحات لا تشبه بعضها لمسؤولين في «حزب الله» والتي حملت بمجملها رسائل إلى باسيل أكثر من أي طرف آخر.
حتى اللحظة لا يزال «حزب الله» يرى في مواقف باسيل مجرد مناورة لرفع سعره، في تقديره أنّه يضرب ضربة على «الحافر وضربة على المسمار». موقفه المتحفظ هو في انتظار ضمانات من الجهة المقابلة، والعتب عليه أنّه طرح ترشيح أزعور وهو يعلم معارضة «حزب الله» لوصوله. لا اتصال رسمياً بينه وبين رئيس «التيار» غير أنّ الخطوط غير مقطوعة. مصادرهما تؤكد وجود تواصل بالواسطة واتصالات هاتفية متبادلة. الجرة لم تنكسر بين الطرفين رغم الخلاف القوي بينهما.
«حزب الله» لا يزال يعول على موقف باسيل وعودته للحوار حول ترشيح فرنجية، ولو أنّ الأمر بات بحكم المستحيل لأنّ أي تراجع من شأنه أن يُحتسب لغير صالح رئيس تكتل «لبنان القوي» ويضعف موقعه مسيحياً وفي الداخل والخارج معاً. والجديد المستجد في علاقته الإنفتاح السعودي عليه حيث تتحدث المعلومات عن تواصل قوي قد يتبلور في لقاءات قريبة. غير أنّ موقف باسيل بتبني أزعور إلى جانب المعارضة لا يحسم النتيجة لصالح الوزير السابق ولا ينهي الخلاف في الملف الرئاسي. فمثل هذا الإعلان سيقضي على حظوظ مرشحين للرئاسة لصالح ثالث حكماً وربما كان هذا هو المطلوب.
وبين الثنائي والمعارضة يقف «الإشتراكي» وفي يده أكثر من خيار قيد الدرس: خيار الورقة البيضاء الذي قال البعض إنّه غير وارد والحسم بانتظار رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط، ومثله خيار توزيع أصوات النواب، إذ كيف لحزب أن ينقسم وهو على عتبة تسليم الراية إلى تيمور لتنصيبه زعيماً ابن زعيم وحفيد زعيم.
ثمة قرار للإشتراكي إتخذه الأب ويسري على الإبن وهو عدم الدخول في مشاكل أو نزاعات مع أي طرف، وتقول المصادر المتابعة إنّ الإشتراكي لن يرضى أن يدخل طرفاً في اشتباك بين المسيحيين والشيعة، وإن كان جهاد أزعور أقرب إليه ويدعو للتوافق بشأنه إلا أنّه ليس مستعداً لفتح المواجهة مع أحد. ربما عاد الإشتراكي ليشكل بيضة القبان في المجلس النيابي بالنظر إلى التكتلات المستجدة وعجز أي من الفريقين عن تحصيل غالبية 65 صوتاً خاصة وأنّ جنبلاط كان أبلغ بري عدم السير بانتخاب فرنجية أو تأمين النصاب لجلسة انتخابه بينما يعتبر أزعور رجل المرحلة بالنظر ألى الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد.
كل هذا ليس موقفاً نهائياً، فمن يعرف الإشتراكي عن قرب أي الأب وليد ونجله تيمور يدرك جيداً أنّ هامش المناورة يبقى مفتوحاً لديهما إلى ما قبل اللحظات الأخيرة لكن يمكن الفهم أنّ الإشتراكي يتأرجح بين أزعور والورقة البيضاء. المعارضة تقول إنه يميل لأزعور وعين التينة تجزم أنّه أقرب إلى الورقة البيضاء.
وسط كل هذه الأجواء وغياب الحسم والضبابية، هل يمكن لرئيس المجلس أن يلتزم بالموعد الذي سبق والتزم به بتحديد جلسة انتخاب رئاسية في شهر حزيران المقبل أي في غضون أيام قليلة؟ الموقف سيكون محرجاً خاصة اذا ما أحرجه المسيحيون بتبنيهم أزعور. المقربون يستبعدون تحديد موعد لجلسة قريبة لأن الأوضاع الداخلية والخارجية غير ناضجة بعد وحتى لو حدد الموعد للجلسة فالنصاب لن يكتمل لأن الرئاسة لم تنضج طبختها بعد.