استباق التضييق في التمديد لليونيفيل

استباق التضييق في التمديد لليونيفيل

الكاتب: روزانا بو منصف | المصدر: النهار

2 حزيران 2023


ادرجت مصادر سياسية مراقبة اتهام القضاء العسكري خمسة عناصر أحدهم موقوف، بجرم القتل عمداً في الاعتداء على دورية للكتيبة الإيرلندية العاملة في قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان، والذي أسفر عن مقتل شون روني الجندي في الكتيبة الايرلندية العاملة في الجنوب وجرح ثلاثة من زملائه في 14 كانون الاول من العام الماضي في اطار التطور اللافت الذي يفرض الوقوف عنده .

ولكن “حزب الله ” هو الذي سلم بعد أقل من أسبوعين الجيش اللبناني مطلق النار الأساسي تحت وطأة ضغوط دولية بدا ان الدولة لا قبل لتحملها ولا بالنسبة الى الحزب . فمع اقتراب موعد التجديد السنوي للقوة الدولية العاملة في الجنوب في اواخر اب المقبل، فان لبنان قد يكون مقبلا على تحد كبير يضعه امام مواجهة اجراءات غير مسبوقة نتيجة للاعتداء على الكتيبة الايرلندية ، وهو امر لم يكن بحسب معلومات ديبلوماسية سيمر مرور الكرام .

اذ انه ومن دون هذه الحادثة المؤلمة بات لبنان يواجه كل سنة خلال الاعوام القليلة الماضية منذ ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب تحديا ازاء تبرير استمرار القوة الدولية في مهماتها في الجنوب اللبناني اذا كانت منزوعة الاسنان كليا ولا صلاحية لها بالقيام بالدور المناط بها وفقا للقرار 1701.

وحتى مع ادارة الرئيس الحالي جو بايدن لم تتغير المقاربة الاميركية في شكل خاص لموضوع مهام القوة الدولية وهناك معاناة حقيقية للبنان من اجل تأكيد حاجته الى التجديد المستمر للقوة الدولية من دون اي تعديلات على مهماتها . فلو ان طلب التجديد لليونيفيل سيعيد لبنان التأكيد عليه في الاسابيع المقبلة ، فان عدم المحاسبة القضائية للعناصر التي ارتكبت الاعتداء على الكتيبة الايرلندية ومقتل احد جنودها كان ليشكل عقبة كبيرة وحائلا على الارجح دون حصول لبنان على التجديد التلقائي علما ان هذا الاخير غير مضمون كذلك حتى بالمحاسبة القضائية .

فهناك نوع من عدم القدرة الدولية على غض النظر على التجاوزات على القوة الدولية العاملة في الجنوب وتقييد حركتها ومهمتها كذلك . فهذا بات يعرقل قدرات الدولة اللبنانية على حشد الدعم لها من اجل تجديد العمل لليونيفيل من جهة كما بات يصيب الجيش اللبناني في الصميم لا سيما في ظل الدعم الذي توفره الولايات المتحدة للجيش اللبنانية وصدقية الادارة امام الكونغرس على هذا الصعيد في ظل معارك سياسية متواصلة على هذا الصعيد . يضاف الى ذلك انه وتماشياً مع القرار 2650 ، الذي مدد ولاية اليونيفيل حتى ٣١ آب ٢٠٢٣ ، تقدم اليونيفل الوقود والغذاء والأدوية والدعم اللوجستي للجيش اللبناني في إطار الأنشطة المشتركة بينها وبين القوات المسلحة اللبنانية .

وبالعودة الى الاعتداء الذي حصل في العاقبية، فان القوة الدولية سارعت إلى اتهام “حزب الله ” بالهجوم الذي أودى بحياة الجندي الايرلندي . ونظرا للضغوط الخارجية الناجمة عن ذلك، أصدرت الحكومة اللبنانية تقريراً أمنياً يوثّق إصابة سيارته بسبع وعشرين طلقة نارية من اتجاهات عدة . اذ يمس الحزب بالذات ان عملية اعتداء بهذا الحجم تحصل في منطقة نفوذه وثقله الكبير والاساسي فيما انه يحصي انفاسها ولا يتحمل المسؤولية عن التفلت او اي شيء من هذا القبيل. ومع انه نفى مسؤوليته انذاك ، الا ان ادارة الحزب طوال الاعوام الماضية عمدت الى التقييد الفعلي لحركة القوة الدولية تحت عنوان المجتمع الاهلي او بذرائع اتهامات عناصر القوة الدولية بالتجسس وما الى ذلك .

والامم المتحدة اعلنت في شباط الماضي إن التحقيق الداخلي للأمم المتحدة في الحادث قد اكتمل وأنه تم تقديم نسخة من التقرير ذي الصلة إلى حكومتي أيرلندا ولبنان. وكان أعضاء مجلس الامن نددوا في بيان صحفي بالهجوم ودعوا الحكومة اللبنانية إلى التحقيق في الحادث وتقديم الجناة إلى العدالة. وأشار البيان أيضا إلى “ضرورة أن تضمن جميع الأطراف سلامة وأمن أفراد اليونيفيل”.

فيما ان تقويمها لتنفيذ القرار 1701 للمدة بين حزيران من العام الماضي وحتى تشرين الثاني منه ، بانه وفقًا لآخر تقرير للأمين العام للامم المتحدة ، استمرت انتهاكات القرار. وقد سجلت القوة الدولية وجود أسلحة غير مصرح بها في منطقة عملياتها و “تطوير تدريجي للمرافق وتركيب هياكل دائمة” في ميدانين للرماية في منطقة عمليات القوة . وذكر التقرير أيضًا أن هذه الاخيرة لم تتمكن بعد من الوصول إلى العديد من المواقع ذات الأهمية وأنه في حين أن “حرية حركة اليونيفيل” تم احترامه في معظم الحالات ، واجهت البعثة معوقات عدة في هذا الصدد”.

قد يكون لبنان يسعى الى تجنب ما يخشاه من تضييق يشتد اكثر فاكثر منذ العام 2020 في التجديد لليونيفيل . ولكن تجاوب “حزب الله” في تسليم احد العناصر المتهمين وتعاونه في هذا الاطار فيما ان الاعتداء وتداعياته حال دون ان يزور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كتيبة بلاده العاملة في الجنوب في عيد الميلاد الماضي يعد من الاسباب الرئيسية لابقاء خطوط او جسور الحد الادنى من الحزب مع بعض الدول التي ترفض تصنيفه على لائحة الارهاب .

فيما ان الواقع العملاني في الاتهام الذي وجهه القضاء العسكري قد لا يترجم وفق احسن التوقعات وذلك استنادا الى تجارب سابقة حصلت في الجنوب كذلك وذهب جنود لبنانيون او سواهم ضحاياها. وفيما يذهب البعض الى ارساء رابط بين هذا التطور القضائي والرئاسة اللبنانية ولمن ستعقد في نهاية الامر ، وفالواقع ان هذا الامر بات اقرب الى الضرب في الرمل في ظل عدم وضوح الصورة اطلاقا على هذا الصعيد باستثناء واقع انتظار رد فعل الحزب او توقعه ذلك والرسالة التي يرغب ان يوجهها في هذا الاطار وفي اي اتجاه تبعا لذلك .