الإعتراض على فرنجية ليس مسيحياً فقط

الإعتراض على فرنجية ليس مسيحياً فقط

الكاتب: أسعد بشارة | المصدر: نداء الوطن

2 حزيران 2023


قد يبدو للوهلة الأولى أنّ الاعتراض على رئاسة سليمان فرنجية، موجّه ضده كمرشح منافس لغيره من المرشحين الموارنة، وهذا غير صحيح، فالاعتراض هو في العمق على تجديد دولة «حزب الله». وقد يبدو أيضاً أنّ هذا الاعتراض هو اعتراض مسيحي، وهو أمر صحيح شكلاً، لأنّ أغلبية مسيحية نيابية وحزبية، ترفض انتخابه، لكنه ومن الزاوية الأوسع هو اعتراض وطني، لا يقل فيه موقف معظم المكونات (باستثناء الثنائي) حسماً وحدّة، عن موقف القوى المسيحية، لا بل إنّ الاعتراض المحلي لم ينتهِ عند حدود اللعبة الداخلية. فباستثناء الموقف الفرنسي، لا يوجد أي مؤشر على قبول أوروبي وأميركي وعربي بهذا الخيار، ويصبح بالتالي المشهد واضحاً لمن يريد أن يرى.


ليس الاعتراض على رئاسة سليمان فرنجية مسيحياً صرفاً، ولو كان كذلك، لأصبح موقف الكتلة الدرزية أقرب إلى «حزب الله»، لكنه ليس كذلك، بل هو يسابق رفض الكتل المسيحية، إلى درجة أنّ وليد جنبلاط وتفادياً لمزيد من الإحراج في علاقته بالرئيس نبيه بري، تعمد أن تكون لحظة انسحابه من التأثير في حزبه وكتلته النيابية في هذا التوقيت. الرسالة وصلت وهي أنّ جنبلاط لن يخضع للضغوط ولن يضع ولو صوتاً واحداً لفرنجية في الصندوق، ولن يقسم كتلته مناصفة كما فعل والده في انتخابات العام 1970.


ليس الاعتراض على رئاسة سليمان فرنجية مسيحياً صرفاً، ولو كان كذلك، لما استنكف الكثير من النواب السنة ووقفوا خلف معادلة الانتظار، من دون أن يعدوا بالتصويت لمرشح الممانعة، ومنهم من يرتبط بعلاقة متينة مع فرنجية لكن لا يجرؤ على مخالفة شارعه، كنواب عكار وبيروت، ومنهم من شكل إطاراً وطنياً كالنائبين أشرف ريفي وفؤاد مخزومي، اللذين أسسا «كتلة تجدد» مع النائبين ميشال معوض وأديب عبدالمسيح، كي تكون البوصلة التي تمنع التشويش على الثوابت في البيئة السنية، لاستكمال الطريق الى استرداد الدولة المخطوفة، فمن هذا المنظار يتعامل نواب سنة لهم حضورهم السياسي والوطني مع استحقاق الرئاسة.


ليس الاعتراض مسيحياً فقط، والمرحلة التي ستلي زيارة البطريرك بشارة الراعي الى الإليزيه، ستكون مرحلة تحييد فرنسا عن دعم فرنجية، ومرحلة التقدم في وتيرة الضغط العربي والدولي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وليس ما أعلن في واشنطن إلا البداية، التي ستشكل ضغطاً هائلاً على رئاسة المجلس النيابي لتحديد جلسة انتخاب الرئيس، على وقع التهديد بعقوبات تشمل أكثر من مسؤول لبناني، ولا تكتفي بالأصول بل تطال الفروع.