هل افتتحت الإدارة الأميركية معركة جوزف عون؟

هل افتتحت الإدارة الأميركية معركة جوزف عون؟

الكاتب: عمار نعمة | المصدر: اللواء

3 حزيران 2023


يُسرّ أحد النواب المؤيدين لترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، في مجلس مُغلق، بأن الترشيح المستجد للرجل الذي نال مباركة غالبية المسيحيين كما مباركة مرجعيتهم الدينية المتمثلة ببكركي، يهدف أولاً لمحاربة ترشيح ممثل الممانعة في هذه المعركة سليمان فرنجية، بغض النظر عن وصول أزعور الى الرئاسة من عدمه.


في العلن، لا يجاهر كل المتحمسين لأزعور بهذا الهدف كون ترشيح الرجل للرئاسة هو الهدف الحقيقي لبعض القوى مثل حزب “الكتائب” وتغييريين ومستقلين، لكنه وسيلة لطي صفحة ترشيح فرنجية بالنسبة إلى آخرين. اللافت للنظر هنا أن هذا الترشيح الذي نال تأييداً مسيحياً غير مسبوق لم يحصل عليه حتى العماد ميشال عون في فترة الشغور الرئاسي ين العامين 2014 و2016، جعل منه مفاجأة غير سارة بالنسبة الى مؤيدي فرنجية وفي طليعتهم ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل”.


في الفترة الماضية لم تختلف صعوبات فرنجية في الوصول الى الرئاسة عنها اليوم، لكن الفارق تمثل في أن فرنجية بقي في صدارة المرشحين وسط تخبط المعسكر الآخر.


كان ذلك وسط قناعة “حزب الله” بأن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران بسيل والرئيس ميشال عون سيتراجعان عن معارضة وصول فرنجية، وبأن الزعيم الإشتراكي وليد جنبلاط سيستدير كعادته في اللحظة الأخيرة لصالح حلفه مع الرئيس نبيه بري، وبأن الكتلة السنية المترددة ستكون الى جانب فرنجية بعد رهان على موقف سعودي مؤيد لفرنجية كان سراباً منذ البداية.


اليوم بات فرنجية، وهنا الخطورة، مرشحاً شيعياً للرئاسة غير حاصل حتى على تأييد درزي ويفتقد للغطاء السني الحقيقي، في مواجهة جهاد أزعور صاحب الغطاء المسيحي، السياسي والديني، والقبول الدرزي وشرعية سنية مقبولة في ظل تردد الجزء الأكبر من الكتلة السنية.


خارجيا يحصل أزعور على قبول دولي عام


على أن القبول الأميركي بأزعور يعني، حتى حسب المتحمسين للرجل، رغبة أولا أيضاً بالتخلص من فرنجية عبر القول بأن المسيحيين طرحوا مرشحهم وبات أزعور حاصلاً على الشرعية المسيحية التي افتقدها فرنجية، والأهم، على عدد من الاصوات يفوق قدرة فرنجية على التحصيل في المجلس النيابي، لكن من دون الغالبية البسيطة بالـ 65 صوتاً.


هذا الكباش الطائفي المستجد على البلد يفرض بات على أركانه مواجهة أي توترات في الشارع مع عودة الأمور الى ما يشبه ما كان سائدا في العام 2005 والذي أتى تفاهم مار مخايل بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” لتطويقه.


لا ضغط أميركياً في سبيل أزعور


أما ما استجد في الأيام الأخيرة، فيشير هؤلاء المتابعون وبينهم المتحمسين لأزعور، الى أن التقدم الأميركي في الملف الرئاسي والإنكفاء الفرنسي الذي تعزز بعد زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي الباريسية (من دون التراجع عن القناعة بفرنجية)، مصحوباً بالحديث عن العقوبات على معطلي الانتخابات الرئاسية والتلميح الى دور رئيس المجلس نبيه بري على هذا الصعيد، يشير الى جدية إسقاط فرنجية لكن من دون رغبة إيصال أزعور بالضرورة.


فالجلسة الرئاسية حتى لو حصلت لن تسفر عن وصول أي مرشح، إلا أن ظهور الشرعية المسيحية لأزعور ستدفع الى تظهير مغاير للمعركة الرئاسية وستدفع بـ”حزب الله” الى التراجع عنه في سبيل تسوية ما مستقبلاً. هكذا يأمل معارضو الحزب.


إنها وجهة نظر تقول بعدم الضغط الأميركي لإيصال أزعور، فاللاعب الأميركي يعرف تماما بأن لا رئيس من دون موافقة شيعية، “حزب الله” تحديداً، تماما مثلما يعلم الحزب بأن لا أمل بوصول رئيس لا رضى عليه من طائفته المسيحية.


يذهب هؤلاء الى اعتبار انها فاتحة مرحلة مغايرة على طريق ترشيح قائد الجيش جوزف عون.


الحقيقة أن عون مؤيد من بعض القوى المسيحية وأهمها “القوات اللبنانية” صاحبة الكتلة الأكبر في الشارع المسيحي، وغالبية دولية وعربية، وهذا ما يفسر الحراك القطري الذي تولى تسويق قائد الجيش بتنسيق ضمني مع العرب من دون إعلان ذلك.


حتى اللحظة يبدو التيار الوطني الحر أكثر المعارضين لوصول عون، لكن شراسة هذه المعارضة لا تشابه تلك التي قابل بها ترشيح فرنجية، وهو يسعى الى محاورة “حزب الله” ولا يريد خسارته ولذا لم يلجأ الى معارضة راديكالية بل اتبع سياسة معارضة الخطوة خطوة، ما يفسر عدم تأييد التيار لميشال معوض رغم محاولات إغراء التيار به تماما كمحاولة إغرائه من قبل الثنائي الشيعي وغيره بمناصب مارونية في الدولة مثل قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان.. هنا ثمة من يقول إن الرئيس ميشال عون ورئيس التيار جبران باسيل يعلمان تماما ان أزعور غير قادر على الوصول الى الرئاسة وإنهما يخوضان معركة ذات نفس طويل للاتفاق في خاتمتها مع الحزب على المرشح الذي يريدانه.


في المحصلة يبدو أن لا رئيس للجمهورية في المدى المنظور، لكن ذلك ليس مهما الآن، المهم هو تطويق مفاعيل ذلك على الأرض بعد ان تمخضت المعركة عن نزال مسيحي شيعي دقيق..